حكم من أصيب بجلطة ولا يستطيع الصوم

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

عندي رجل عنده جلطه ومايقدر يصوم كيف يطعم وكم مقدار الطعام وهل أخرجه مره واحد او كل يوم

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمن عجز عن الصوم بسبب المرض، فإنه يُفطِر، ويقضي عدَّة ما أفطر من أيَّام أُخَر بعد شفائه، إذا كان المرضُ يُرْجى بُرْؤُه؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].

أما إن كان عجزًا لا يرجى زواله فيفطر ويطعم  عن كل يوم مسكينًا، سواء أطعمهم أو ملكهم الطعام؛ قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184].

قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: "نزلتْ رخصةً للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعانِ الصيام، فيُطْعِمان مكانَ كلِّ يومٍ مسكينًا رواه البخاري.

قال ابن قدامة في "المغني" (4/396): "والمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ يُفْطِرُ، ويُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا؛ لأَنَّهُ في مَعْنَى الشَّيْخِ".اهـ.

وقال أيضًا: "وإنَّما يُصار إلى الفِدْية عندَ اليَأْس من القَضاء".اهـ.

أما كيفية الإطعام، فيجزئ كل ما يسمى طعامًا من تمر أو بر أو أرز أو غيره، ويرجع في ذلك إلى العرف، وما يحصل به الإطعام عند أهل كل بلد، فيجوز أن يصنع طعامًا ويدعو إليه المساكين، وهو الثابت من فعل أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عندما كبر، كان يجمع ثلاثين فقيرًا ويطعمهم خبزًا وأدمًا، كما يجزئه أن يوزع الطعام عليهم.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب إخراج نصف صاع من الطعام عن كل يوم، وهو ما يساوي 750 غرامًا تقريبًا من غالب قُوت أهل البلد من الحبوب، كالأرز أو القمح أو الفول، أو غيرها؛ واحتجوا بحديث كعب بن عجرة رضي الله في الصحيحين في فدية الأذى للمحرم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع"، فيقاس عليه في كل فدية.

 والقول الأول أرجح، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في باب الكفارات عمومًا حيث قال في "مجموع الفتاوى" (19/ 252): "وكذلك لفظ الإطعام لعشرة مساكين لم يقدره الشرع، بل كما قال الله: {من أوسط ما تطعمون أهليكم}، وكل بلد يطعمون من أوسط ما يأكلون كفاية غير". اهـ.

ويَجوزُ دَفْعُ هذه الفِدْية لِمسكينٍ واحد، أو توزيعُها على جَماعةٍ من المساكين؛ قال الإمام النَّوويُّ - رحِمه الله -: "فيجوزُ صرْفُ أمدادٍ كثيرةٍ عن الشَّخص الواحد والشَّهر الواحد، إلى مسكينٍ واحدٍ، أو فقيرٍ واحد".اهـ.

وأما وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه، ولكن لا يقدم الإطعام؛ لأن تقديم الفدية أشبه بتقديم الصوم؛ كما قرره الرَّملي في "فتاويه" حيث قال: "بأنَّه تلزمه النيَّة؛ لأنَّ الفدية عبادة ماليَّة كالزكاة والكفَّارة، فينوي بِها الفدْية لفِطْرِه، ويتخيَّر في إخراجها بين تأخيرها، وبين إخْراج فدية كل يوم فيه، أو بعد فراغه، ولا يَجوز تعجيل شيءٍ منها؛ لما فيه من تقديمها على وجوبه؛ لأنَّه فطرة".اهـ.

وإن لم تستَطِع أداءَها في هذَيْن الوقتَيْن، كان دَيْنًا في ذِمَّته، يجب أداؤها مع أول أوقات الاستِطاعة،، والله أعلم.