زوجتي تريد الرجعة وأهلها يرفضون
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حصل خلاف بيني وبين زوجتي وبعدها بثلاث ايام جاء والدها وولدتها واخوها واخذوها مع ابنتي والان زوجتي بعد ما أخذت فترة وفكرت بالموضوع وان لديها طفله صغيره وانها حامل بالثاني تكلمت معي بأنها تريد الرجعة كلن أهلها رافضين رجوعها لزوجها وقاموا بتهديدها ان لا تفكر بالرجوع. فما هو الحل الذي اقوم به
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فطاعة الوالديْن وإن كانت من أوْجب الواجبات بعد الإيمان بالله؛ إلا أنها ليست مطْلقة، وإنَّما هي في المعْروف فقط، وفيما لا ضرر ومشقَّة فيه؛ ففي الصحيحين قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّما الطَّاعة في المعروف)).
ولا يخفى ما في الطَّلاق من أضرارٍ بالِغة تلحق بالزوج والزوجة والأبناء، والشريعة الإسلامية شرعت كل ما من شأنه حفظ الأسرة من زعازع التهدم، ومن ثم ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الأصل في الطلاق الحظر؛ بل إن السعي فيه من فعل السحرة كما قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102]، ولما في الطلاق من ضياع الذرية والجناية على الرجل والمرأة كان أحبَّ لإبليس اللَّعين من جميع المعاصي؛ لما يؤول لتفكُّك البيت وضياع الذريَّة؛ كما روى أحمد ومسلم، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليْه وسلَّم -: ((إنَّ إبليس يضَعُ عرْشَه على الماء ثمَّ يبْعث سراياه، فأدْناهم منه منزِلةً أعظمُهم فتنة، يَجيء أحدُهُم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدُهُم فيقول: ما تركتُه حتَّى فرَّقت بينه وبين امرأتِه، قال: فيُدْنيه منه ويقول: نعم أنت)) وفي رواية: ((فيلتزمه))؛ أي: يضمُّه إلى نفسه ويعانقه.
فلا يجوز أن يكون الطلاق هو أول الحلول بل آخرها؛ كما يفهم من قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا* وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 34، 35]
إذا تقرر هذا فابحث عن بعض العقلاء من أهل العلم أو من أقاربك ليصلحوا بينكم، فإن رفضوا فأعلم زَوجتك أن الواجب عليها حينئذ تَقديم طاعة الزَّوج على طاعة الوالدين، وأن طاعة الوالدين ثابتة مادامت ولاية المرأة تحت ولاية والديها، فإذا تزوجت انتقلت ولايتها إلى زوجها صارت الطَّاعة لازمة في حقِّها لزَوجها.
جاء في "الإنصاف" للمرداوي: "لا يَلزَمُها طاعة أبويها في فِراق زوجها، ولا زيارةٍ ونحوها، بل طاعة زوجها أحقُّ". اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "الفتاوى": "المرأة إذا تَزوَّجت، كان زَوجُها أملك بها من أبويها، وطاعةُ زوجها عليها أَوجَبُ". اهـ.
وقال أيضًا: "فليس لها أن تَخرُج من منزله إلا بإذنه، سواء أَمَرَها أبوها أو أمُّها أو غيرُ أبويها، باتِّفاق الأئمَّة". اهـ.
وعليه، فإن أصرّ أهل زوجتك على عدم رجوعها لبيتها، فلا تستجب لهم ولترجع لمنزلها، والأيام كفيلة في رأب الصدع بينكم،، والله أعلم.