هل يجوز مقاطعة الام لأها زنت
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم امي قامت بالزنا من اربع سنوات وتطلقت من ابي عندما علم بذالك من اختي عمرها ١٢ عام من سنه وتزوجت والان ابي يحدث مشاكل لانه لا يريدنا ان نقوم برؤيتها او حتي محادثتها ولو لمره و يخيرنا بينه وبينها فهل يجوز مقاطعتها؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالشريعة الإسلامية أوجبت على الابن الإحسان إلى والديه وبرهما وصحبتهما بالمعروف، حتى وإن كانا مشركين، بل وإن اجتهدا في دعوته للشرك؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15]، فأمر فقط بعدم طاعتهما؛ لأن حق الله مقدمٌ على حق كل أحد، وعلى الرغم من ذلك لم يرخص في عُقوقهما، أو قطيعتهما، ولا الإساءة إليهما، وإنما قال سبحانه: {فَلا تُطِعْهُمَا}؛ أي: بالشرك، وأما برهما، فاستمر عليه، ولهذا قال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، أي: صحبةَ إحسانٍ إليهما بالمعروف.
والحاصل، ، أن الوالدين مهما فعلَا فلا يجوز مطلقًا مقاطعتهما، والأم من أحق بالبر والنصح، الشفقة والإحسانَ، وبذل الوسع والطاقة وغير ذلك من الأب.
أما طاعة الأب فهي ليست مطلقة، بل هي مقيدة بما لا يخالف الشرع، وإذا تعارضت طاعة الوالد مع طاعة الله تعالى، فلا شك أن طاعة الله أولى وأحق؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15].
قال في "سبل السلام": "الآيةُ إنما هي فيما إذا حَمَلاه على الشرك، ومِثْلُه غيرُه من الكبائر، وفيه دلالة على أنه لا يطيعهما في ترك فرض الكفاية والعين". اهـ.
وفي الصحيحين عن عليٍّ – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))؛ رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ))؛ "رواه البخاري".
قال في "فيض القدير": "لا طاعةَ لأحد من المخلوقين - كائنًا مَن كان، ولو أبًا، أو أُمًّا، أو زوجًا - في معصية الله؛ بل كلُّ حقٍّ - وإنْ عَظُمَ – ساقطٌ إذا جاء حق الله؛ إنما الطاعة في المعروف؛ أي: فيما رضيه الشارع واستحسنه، وهذا صريح في: أنه لا طاعةَ في مُحَرَّم، فهو مُقَيِّدٌ للأخبار المطلقة". اهـ.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز مقاطعة الأم بسبب الزنا، كما لا يجوز طاعة الأب في قطيعة الأم، بل تصل أباك وأمك، وإن خفت الضرر من الوالد يمكنك أن تصلها سرًا، ولا تخبره بصلتها،، والله أعلم.