حكم الشرع في الزواج أثناء الحمل من الزنا
خالد عبد المنعم الرفاعي
كنت أبلغ من العمر ٢٥ سنة واحببت فتاة كان عمرها ٢٠سنة وكان هناك معارضة من أهلى وأهلها فوهبة نفسها ووهبة نفسى لها واتفقنا على الزواج ومع معارضة الاهل. تم الحمل فلما علموا وافقوا على الزواج وتم الزواج أثناء الحمل ما هو حكم الشرع فى الحمل وما هوحكم الشرع فى الزواج.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت فما حدث بينكما هو محض زنا، وهو من الأمور البدهية التي لا تحتاج لدليل؛ فليس هذا زواج إلا عند من يعرفون في التاريخ الإسلامي بالإباحية المنحلين عن الأوامر والنواهي، وإنما يستعملون ذلك عند أهوائهم.
فيجب عليكما التوبة النصوح إلى الله تعالى والإكثار من الأعمال الصالحة.
أما عقد الزواج أثناء الحمل من الزنا، فالعقد باطل في أرجح قولي أهل العلم، وهو قول المالكية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية، حيث نصوا على بطلان عقد النكاح قبل وضع الحمل، سواء كان العقد من الزاني نفسه أو من غيره؛ واحتجوا بعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا توطأ حامل حتى تضع"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري.
واشترط الإمام أحمد أيضًا لصحة العقد التوبة من الزنا، خلافًا لجمهور الفقهاء، وهو من مفرادات المذهب.
وذهب أبو حنيفة والشافعية إلى جوز عقد النكاح على الحامل من الزنى، إلا أن أبا حنيفة منع من وطئها حتى تضع الحمل، وأجاز الشافعي وطأها؛ لأن ماء الزنا غير محترم؛ لأنه لا يثبت به النسب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/ 109-110):
"نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب وهو مذهب طائفة من السلف والخلف: منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير من السلف والخلف إلى جوازه وهو قول الثلاثة؛ لكن مالك يشترط الاستبراء وأبو حنيفة يجوز العقد قبل الاستبراء إذا كانت حاملاً، لكن إذا كانت حاملاً لا يجوز وطؤها حتى تضع، والشافعي يبيح العقد والوطء مطلقًا؛ لأن ماء الزاني غير محترم وحكمه لا يلحقه نسبه، هذا مأخذه، وأبو حنيفة يفرق بين الحامل وغير الحامل؛ فإن الحامل إذا وطئها استلحق ولدًا ليس منه قطعًا؛ بخلاف غير الحامل.
ومالك وأحمد يشترطان الاستبراء وهو الصواب؛ لكن مالك وأحمد في رواية يشترطان الاستبراء بحيضة والرواية الأخرى عن أحمد هي التي عليها كثير من أصحابه كالقاضي أبي يعلى وأتباعه أنه لا بد من ثلاث حيض.
والصحيح أنه لا يجب إلا الاستبراء فقط؛ فإن هذه ليست زوجة يجب عليها عدة". اهـ.
أما استحاق ولد الزنا
أمَّا عن الولد النَّاتج من الزنا، فلا يلحق بالزاني، ولا ينسب إلأيه؛ لقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: ((الولد للفِراش ولِلعاهِر الحَجَرُ)) أي: الولد للزَّوج، وللزاني الرجم أو الخسارة، فجعل الولد للفراش دون العاهر - يعني الزاني - فإذا لم تكن المرأة فراشًا لم يتناوله الحديث.
وقد ذكر ابن عبدالبر - رحمه الله تعالى - أنَّ وَلَدَ الزِّنا في الإسلام لا يُلْحَقُ بالزَّانِي بالإجماع؛ كما في (التمهيد 8/19).
إذا تقرر هذا فعقد الزواج قبل الاستبراء ووضع الحمل باطل، فيجب تجديد عقد الزواج بعد والتوبة، مع توفر شروط الزواج الصحيح، وأركانه من الولي والشهود والصيغة،، والله أعلم.