شروط توبة من الزنا بعد معرفة أكثر من شخص

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

كنت في علاقة مع شخص بعد فترة تزوج هذا الشخص واستمر التواصل بيننا على أساس أنه تزوج بحكم ضروف وعلى أساس أن أكون زوجة ثانية بدون علم الزوجة الأولى في البداية صار تجاوزات فالعلاقات ووقعنا في الزنا بعد فترة حكى لزوجته انو عاوز يتزوجني فخيرته وكانت حامل تم الانفصال بيننا لمدة ورجع يتواصل معي على أساس الحب و..... مع الأسف صار في تكرار للذنب بعد فترة عرفت زوجته وبدها تتطلق وصار لايح كل الذنب عليا انا اعتذرت من الزوجة وقطعت العلاقة هل هناك شروط للتوبة !؟ الزوجة بتهددتفضحني وهو كذلك !؟ ماهو الحل

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالزنا من أقبح الكبائر التي حذَّر الله - تعالى - في كتابه المحكم من مجرد الاقتراب منه، ومن مخالطة أسبابه ودواعيه، فمن أصول الشريعة الإسلامية تحريم كل ما من شأنه ان يفضي إلى الفساد، أو الوقوع في الحرام، سدًا للذريعة فنهى سبحانه عن الخلوة بالأجنبية والسفر معها والنظر إليها؛ لأنها من أكبر الأساب للوقوع في الزنا، والواقع خير شاهد على ذلك، والله نهى عباده عن الزنا، وعن مقاربته، ومُخالَطة أسبابه ودواعيه بقوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]؛ أي: ذنبًا عظيمًا، وبئس طريقًا ومَسْلكًا.

والواجب على من وقع في تلك القاذورات المبادرة بالتوبة الصادقة إلى الله عز وجل، فمن تاب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، تاب الله عليه، وغَفَرَ له ما كان، كما قال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى:25]، وقال تعالى بعد أن تَوَعَّد من ارتكب أكبر الكبائر:  {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].   

فسبيل النجاة من تلك الكبرة هو الَصْدُقَ مع الله، ثم سلوك الأسباب الموصِّلة إليه بالاستعانة بالله جل وعلا، واستحضار فضيلة العِفَّة وترويض النفس على التحلِّي بالأخلاق الحسنة، فهي تُكْسَب بالتعوُّد، فمن تكلَّف العفاف الذي هو قمع الشهوة الجِبِلِّيَّة المركوزة في النفس أعفَّه اللهُ وتدارَكه بمعونته.

مع صْدُق اللجوء إلى الله، والإكثارْ مِن الدعاء بصرفَ السوء والفواحش، وطَهِّارةَ القلب وتحَصِّين الفرج، والتضرَّعْ بين يديه سبحانه، وسؤاله الإعانة، والإكثار مِن الدُّعاء النبويِّ: (اللهم إني أعوذ بك مِن شرِّ سمعي، ومِن شرِّ بصري، ومِن شرِّ لساني، ومِن شرِّ قلبي، ومِن شرِّ مَنِيِّي)، (اللهم فاطر السموات والأرض، عالِمَ الغيب والشهادة، أنتَ ربُّ كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدك ورسولك، أعوذ بك مِن شرِّ نفسي، وشرِّ الشيطان وشركه، وأن أقترفَ على نفسي سوءًا، أو أجره إلى مسلم).

مع الدوِامْ على فِعْل الطاعات التي مِن أعظمها الصلواتُ الخمس، وإدمان الصيام فهو خيرُ قاطع للشهوة، كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري ومسلم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((مَن استطاع الباءة فليتزوجْ؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء)).

والحذر من مكْرَ الله، فالله تعالى عاقَبَ أبا البشر رسوله آدم - عليه السلام - الذي خَلَقَه بيديه، وأسْجَد له ملائكته - عاقَبَهُ لِمُخالفتِه أمرًا واحدًا، وأشْعَلَ الشملة نارًا على مَنْ غلَّها وقد قُتِل شهيدًا في المعركة، وأمر بقطْع اليد في ثلاثة دراهم، وجلد الحد في القدْرِ القليل من الخمر، وأدخل امرأةً النار في هِرَّة.

وبالجملة، فالصلاحُ سببٌ لقبول التوبة والعصمة مِن الزلَل؛ قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]،، والله أعلم