حكم الافطار مع الزوجة الثانية في رمضان

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجب على الزوج أن يفطر في رمضان مع كلتا زوجتيه؟ وإذا لم يكن لديه ولد من الثانية وأراد أن يفطر مع الأولى فقط لوجود الولد منها فهل يحق له ذلك؟ وهل يعتبر الإفطار من ضمن حقوق المبيت والنفقة؟ خاصة أن سكن الزوجتين قريب من بعضهما؟ كما أن زوجتي الأولى تهدد بأنها لن تقبل أن أفطر عند الثانية؟ هل يحق لها ذلك؟ وهل هي آثمة على طلبها بأن لا أفطر مع الثانية؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فقد أوجبت الشريعة الإسلامية الغراء على الزوج العدل بين الزوجات، والتسوية بينهن في القَسْم  والنفقة الواجبة من الكسوة والمسكن وغير ذلك من الأمور المادية التي في مقدور الرجال، ومن آثار العدل بين الزوجات، القسمة بينهن بأن يقسم وقته بين زوجاته؛ كأن يكون عند الأولى ليلةً، وعند الثانية ليلةً أخرى، ويلزم من تقسيم الأيام بينهن أن يفطر يومًا في رمضان عند إحداهن ويومًا عند الأخرى.

قال ابن قدامة في كابه "المغني" (7/301): "لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القَسم خلافًا؛ وقد قال الله - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19]، وليس مع الميل معروف، وقال الله - تعالى -: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]".

وقد استثني من العدل ما خرج عن قدرة الزوج مثل الميل القلبي، ولكن لا يدفعه هذا الميل إلى الجور والظم؛ قال  – تعالى -: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]، قال الإمام القرطبي: "فوصف الله - تعالى - حالة البشر، وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض، ولهذا؛ كان - عليه الصلاة والسلام - يقول: ((اللهم إن هذه قِسمتي فيما أملِك، فلا تلُمْني فيما تملِك ولا أملِك))، ثم نهى فقال: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}، قال مجاهد: "لا تتعمدوا الإساءة، بل الزَموا التسوية في القسم والنفقة؛ لأن هذا مما يُستطاع". اهـ.

وبيَّنَ   النبي - صلى الله عليه وسلم - خطورة الظلم والحيف بين الزوجات، وحذر الأزواج من عدم العدل؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشِقُّه ساقط))؛ رواه أبو داود والترمذي.

ومن علم من نفسه عدمَ العدل أو خافه وَجَبَ عليه الاقتصار على زوجة واحدة؛ كما قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا } [النساء: 3]، أي: لا تجوروا في القسم هكذا قال السلف وجمهور العلماء.

قال الإمام القرطبي في تفسيره: "فَمَنَعَ من الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل في القَسم وحسن العشرة، وذلك دليل على وجوب ذلك". اهـ.

وعليه، فيجب عليك أن تفطر في رمضان مع كلتا زوجتيك، هذه ليلة وتلك أخرى،، والله أعلم.