أذنبت ذنبًا عظيمًا وأريد التوبة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم انا عندي 15عام وقد اذنبت ذنبا فظيعا وقد علمت مدي عظم هذا الذنب بعد ان فعلته وهو في يوم من الايام كانت والدتي تستحم والشهوه غلبتني والشيطان سيطر علي وصورت والدتي دون علمها والمعصيه ازدادت اكثر وقمت بنشر الصوره في احدي المواقع علي برنامج خبيث والعياذ بالله وبعدها بشهور قبل اسبوع ابتلاني الله بمرض واخاف ان اموت وانا علي هذه الذنوب وقد علمت ان هذا تسمي الديوث وعلمت انه لا يدخل الجنه ولكني تبت الي الله وواظبت علي الصلاه وقراءه القرءان والذهاب للمسجد ولكني كل ما تذكرت هذا الذنب كلما ارتعب

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد وقعت في أخطاء كثيرة بالقيام بهذه الأفعال المشينة، من التلصص على والدتك والنظر إليها وهي عارية، ثم تصويرها وهي غافلة، وثالثة الأثافي نشر الصور على المواقع السافلة، وهذه أمور لا تكاد تتصور لولا أنك تسردها، فلم تقتصر على الوقوع في الضلال حتى سهلت الحرام على غيرك وأعنته عليه،؛ وقد نهى الله تعالى عن الإفساد عمومًا فقال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعراف: 56]، وقال سبحانه: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، فالمسلم يجب عليه الكف عن المعصية، وألا يعين غيره على المعصية.

فالواجبُ عليكِ المبادرةُ بالتَّوبة النَّصوح إلى الله من هذا الجُرم العظيم الذي اقترفتِه، مع صِدْقِ الأوبة إلى الله تعالى، والنَّدمُ والعزم على عدم العَوْد؛ فإِنَّ الله يُحبّ التَّوّابين ويُحبّ المُتطهّرين؛ وقال عزَّ وجلَّ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان: 70].

والله تعالى يقبل توبة كل من تاب إليه توبة نصوحًا، والتوبة النصوح هي الخالصة من كل غش، والله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب، فقبول التوبة من وعد الله تعالى، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد؛ قال سبحانه: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً [النساء:147]، قال الله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135، 136] وقوله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء: 17]، وقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، والآيات بهذا المعنى كثيرة جدًا، وجميعها يدل على أن الله تبارك وتعالى شرع لعباده التوبة من الذنوب، ووعدهم بمغفرتها، فدلت على أن التوبة مقبولة من كل من جاء بها على وجهها، ومستوفية لشروطها من الإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم معاودته، والندم على فعله- فيغفر له مهما كان ذنبه عظيمًا، قال الله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب، كمن لا ذنب له"؛ رواه ابن ماجه.

أما عللاج الشهوة الناجع فيكون بإدمان الصوم، والابتعاد عن الأسباب المهيجة والمغرية للمعصة، وتجنُّب مواطنها، واستحضار المخوفات الواردة فيها، والآثار الوخيمة المترتِّبة عليها، والاستعانة بالله في تحصيل الصبر والاتقوى، ولاستعاذة به من شر النفس والشيطان؛ ولا شك أنَّ العبدَ إذا تَوَجَّه إلى ربِّه بنيَّة صحيحة وقلب مخلص، فإن الله تعالى - بفَضْله وكرَمه - يُعينه على قصْده الحسَن، ويهديه إلى الطريق المستقيم، ويهَيئ له أسباب التوبة؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (والمجاهِد مَن جاهَد نفسه في طاعة الله، والمهاجر مَن هجر الخطايا والذنوب)؛ رواه أحمد.

وكلما تذكرت ذنبك أحدث توبة واستعن بالله ولا تعجِز،، والله أعلم.