هل يجوز أن يأخذ قرضاً ربوياً لكثرة ديونه وتراكم فواتير الإيجار والكهرباء ويمكن أن يطرد من بيته؟

الإسلام سؤال وجواب

  • التصنيفات: فتاوى وأحكام - الربا والفوائد -
السؤال:

أنا موظف، ومرتبى ضعيف جدا، وعلي ديون كثيرة، وعلي إيجار سنتان وكهرباء ومياة، وحاولت بكل الطرق، لكن للأسف لم يقرضني أحد؛ لأنهم يعرفون لن أستطيع السداد، المشكلة فى الإيجار والكهرباء، فهل يجوز أن اقترض قرضا ربويا لتسديد فواتير الإيجار والكهرباء، وخشية من الطرد أنا وأولادى، وخوفا من الفضيحة؟

الإجابة:

الحمد لله.

أولا:

أباح الله تعالى فعل المحرم عند الضرورة، فقال سبحانه: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة/173] ، وقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام/119].

وذلك يشمل الربا وغيره من المحرمات.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (6/167) أنه يجوز للمضطر أن يتعامل بالربا للضرورة، "فيأثم المقرض دون المقترض" انتهى.

ثانيا:

الضرورة ما يسبب هلاكاً، أو تلفاً لبعض الأعضاء، أو سجناً طويلاً، أو مرضاً مزمناً، فهذا الذي يبيح فعل المحرم، وليس الحاجة أو المشقة.

قال الزركشي رحمه الله: "فالضرورة: بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك، أو قارب كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم.

والحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك، غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرَّم" انتهى من "المنثور في القواعد"(2/319).

وجاء في "نظرية الضرورة الشرعية" (ص67): "الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع " انتهى.

ولا يظهر لنا أنك وصلت إلى حالة الضرورة التي تبيح هذه الكبيرة العظيمة وهي الربا، والواجب أن تبحث عن الوسائل المشروعة، مثل جمعية الموظفين، أو التورق وهو شراء سلعة بالتقسيط وبيعها بالكاش لغير البائع الأول، وغير ذلك من الوسائل كالعمل الإضافي، والاستعانة بالأقارب، أو عرض حالك على بعض المحسنين، وأهل الصدقات، لعلهم أن يؤدوا عنك من صدقاتهم وزكاة أموالهم؛ لا سيما إذا علموا أنك ستطرد من منزلك.

والخوف من الفضيحة ليس عذرا لأخذ الربا.

ثم إن ما تفكر فيه من القرض الربوي، ليس حلا لمشكلتك؛ بل هو أدعى إلى زيادة تعقيدها، فإذا كنت تعلم أن أحدا لن يقرضك قرضا حسنا، لأنه يعلم أنك لن تستطيع سداد دينك؛ فكيف ستسدد أقساط القرض الربوي، بزياداته؟ وكيف ستتصرف حينئذ؟ لا شك أنك ستدخل في دوامة جديدة من القروض، قرض، لأجل سداد القرض، وهكذا حتى لا تجد أمامك إلا خيارات سوء كلها، أو السجن؛ وما أشبه ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن التداوي بالخم؛ فَقَالَ له: «إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» (رواه مسلم (1984).

وعليك أن تراجع نفسك، وتنظر في حالك وعلاقتك بربك، وفي طريقة إنفاقك وما سبب لك أخذ الديون.

ونسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويقضي دينك، ويغنيك بالحلال عن الحرام.

والله أعلم.