التخيلات الجنسية تجاه المحارم
خالد عبد المنعم الرفاعي
سلام عليكم أنا شخص عمري ١٦ سنة ، قبل فترة كانت تأتيني تخيلات جنسية تجاه محارمي ، بعدها نسيت الموضوع وتذكرته قبل فترة بسيطة وخفت وتوترت ، والتوتر ياتيني باني أنا احببت هذه الأفكار الجنسية وآني بكذا اصبح ديوث لاني رضيت هذه الأفكار تجاه محارمي ، مع اني شخص غيور جدا على محارمي ولا ارضى هذه الأفكار ولا اريد ان افعلها ابدا ، واخاف اني بكذا أكون ديوث ، هل التخيلات ذي تخليني شخص ديوث ؟ وكذا حرمت على الجنة؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فما ذكرتَه في رسالتك ليس من الدياثة ولكنه محض وسوسة، والواجب عليك إن تَعْرِضَ عنها وتقطع تلك الخطرات، ولا تسترسل معها، وقد بين هذا الأمر الإمام ابن القيم في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"(ص: 153-154):
"... ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد، ما لم يمنع منه مانع... وأما الخطرات: فشأنها أصعب، فإنها مبدأ الخير والشر، ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب، ومن استهان بالخطرات قادته قهرًا إلى الهلكات، ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة". اهـ.
هذا؛ وصف لنا الشارع الحكيم العلاج الناجعُ لدفعُ تلك الوساوس، هو الإعراض عنها جملة وتفصيلاً، وعدم الالتفات إليها؛ لأنها من الشيطان وعمله؛ ومن ثم يكون دفعُها وإبعادُها بإهْمالها، وقطع الاسترسال معها، وعدمُ الالتفات إليها، أو الاستسلام لها - هو ما وصى به النبي - صلى الله عليه وسلم – ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقول: مَنْ خَلَقَ كذا من خلق كذا؟ حتَّى يقول : مَنْ خَلَقَ ربَّك؟ فإذا بلغَه فليَسْتَعِذْ بِالله وليَنْتَهِ))؛ والمعنى: "إذا عَرَضَ له الوِسواسُ، فيلْجأْ إلى الله - تعالى - في دفعِ شرِّه، وليُعرضْ عن الفكر في ذلك، ولْيَعلمْ أن هذا الخاطر من وسوسةِ الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد، والإغراء؛ فلْيُعرِضْ عن الإصغاء إلى وسوسته، ولْيُبادرْ إلى قطعِها بالاشتغال بغيرها"؛ قالهُ الإمامُ النوويُّ في "شرح صحيح مسلم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في –"مجموع الفتاوى" (22/608)-:
"والوسواس يَعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجَر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان؛ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، وكلَّما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه" اهـ.
ومما يُعين على التغلب على تلك الخطرات والوساوس:
1 - الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصدق وإخلاص.
2 - الإكثار من قراءة القرآن والمحافظة على ذكر الله تعالى في كل حال، لا سيما أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، ودخول المنزل والخروج، ودخول الحمام والخروج منه، والتسمية عند الطعام والحمد بعده.
3 - الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والإعراض عن وسوسته، وقطع الاسترسال مع خطواته الخبيثة في الوسوسة؛ فذاك أعظم علاج.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: "يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يُلبسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا أحسستَه فتعوذ بالله منه، واتفل عن يَسارك ثلاثًا))، قال: ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عني"؛ رواه مسلم.
4 - الانشغال بالعلوم النافعة، وحضور مجالس العلم، ومُجالَسة الصالحين، والحذر من مجالسة أصحاب السوء أو الانفراد والانعزال عن الناس.
5 - الإكثار من الطاعات والبُعد عن الذنوب والمعاصي،، والله أعلم.