حكم من سهلت لرجل أن يقبلها فاغتصبها
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ياشيخ ، اذا انا سهلت الطريق الى الرجل لتقبيلي لكنني لم اوافق على ان يفعل فيني الفاحشه ولكنه فعلها رغما عني هل اعتبر زانيه؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فهذا السؤال مثال ظاهر في بيان الحكمة الشرعية في تحريم العلاقات بين الجنسين، حتى لو كانت العلاقة بين الرجال والنساء بغرض الزواج، وصان المجتمع بتشريعات تلائم النفسَ البشرية، فسدَّ كل الذرائع التي توصل إلى الحرام، وأخذ الحكيم الخبير الطريقَ على الجنسين حتى لا يَقعوا في الموبقات والفواحش، فأَمَرَ بَغِضِّ البَصَر، وحرَّم الخلْوة والاختلاطَ بالأجنبية، وحرَّم الاختلاط، وذم الخيانة؛ قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال: 27].
ومخالفة التشريع في العلاقات بين الجنسين، هو السبب الرئيسي في الانحراف، والوقوع في الحرام، والواقع خير شاهد!
وقد نصَّ أهل العلم على المنع من التكلم مع المرأة الشابة؛ خشية الفتنة، وتهيج الشهوات وثورانها، وينبه الغريزة، ويوقظ السعار الجنسي المحموم.
ولما كان الله سبحانه يعلم خبايا النفوس، وطبيعة خلقه؛ كما قال سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، نهى المرأة عن مجرد التكسر في الكلام، ونهى عن النبرة اللينة واللهجة الخاضعة؛ فقال سبحانه: {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً}؛ لأن لهجة الحديث تطمع، كما إن موضوع الحديث يطمع، فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء، ولا هذر ولا هزل، ولا دعابة ولا مزاح، كي لا يكون مدخلاً إلى شيء آخر وراءه من قريب أو من بعيد، فكيف بما هو أكبر من التكسر في الكلام؟
والحكمة من ذلك أنه خطوة إلى الفاحشة كما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[النور: 21].
ونهى عن مجرد قربان الزنا وهو أبلغ من النهي عن الفعل؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه؛ فإن: "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، لا سيما في أمر الاختلاط الذي هو أقوى داع في النفوس؛ فقال يبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].
فالقرآن العظيم يحذر من مجرد مقاربة الزنا، وهي مبالغة في التحرز؛ لأن الزنا تدفع إليه شهوة عنيفة؛ فالتحرز من المقاربة أضمن، فعند المقاربة من أسبابه لا يكون هناك ضمان، ومن ثم يأخذ الإسلام الطريق على أسبابه الدافعة، توقيا للوقوع فيه، فمنع الاختلاط في غير ضرورة، وحرم الخلوة، ونهى عن التبرج بالزينة، وحضّ على الصوم لمن لا يستطيع الزواج.
إذا تقرر هذا؛ فالواجب عليك النصوح وقطع إي علاقة من الرجال الأجانب، والعزم على عدم العود لمثل هذه الأفعال المشينة في المستقبل، مع الإكثار من الأعمال الصالحة.
أما كونك وقعت في الزنا رغما عنك، فلا ذنب لك في تلك الفاحشة، وإن كنت مذنبة بالتسبب فيها حتى جني عليك،، والله أعلم.