التوبة بعد نزول العقوبة
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا الآن في مصيبة وضائقة وهو أنني اسمع أصوات لا يسمعها احد منذ 7 سنين ولم اعالج بعد ولله الحمد ولا أعلم هل هذا عقوبة ام ابتلاء لذلك هل توبتي عن كبائري قبل هذه المصيبة او الضائقة مقبولة بعد ما حصلت بي هذه العقوبة بإفتراض انها عقوبة. لأنني قرأت هذه العبارة ان من شروط التوبة الثالث: أن تكون قبل نزول العذاب لمن عصى الله تعالى؛ لأن الأمم المخسوف بها انقطعت التوبة عنهم برؤيتهم العذاب، فهل توبتي فيها خطأ.
فقد دل الكتاب والسنة وأجماع أهل العلم على أن الله يقبل التوبة من كل من تاب ما لم يغرغر، ويعاين ملَك الموت، فإذا تاب حين ينظر إلى ملك الموت، فلا تقبل توبته؛ قال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17]، روى الطبري في تفسيره عن ابن عباس {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} قال: "والقريب فيما بينه وبين أن ينظر إلى مَلَك الموت".
ثم استثنى سبحانه قبول توبة من رأى وجه الملك؛ فقال سبحانه: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18]، قال الإمام أبو جعفر الطبري في " تفسيره" (8/ 98): "يعني بذلك جل ثناؤه: وليست التوبة للذين يعملون السيئات من أهل الإصرار على معاصي الله {حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، يقول: إذا حشرج أحدهم بنفسه، وعاين ملائكة ربه قد أقبلوا إليه لقبض روحه، قال: وقد غُلب على نفسه، وحيل بينه وبين فهمه، بشغله بكرب حشرجته وغرغرته = {إِنِّي تُبْتُ الْآنَ،} يقول: فليس لهذا عند الله تبارك وتعالى توبة، لأنه قال ما قال في غير حال توبة.
ثم روى باسناده عن بن عمر يقول: "التوبة مبسوطة ما لم يَسُقْ".
وقال الإمام ابن القيم في "مدارج السالكين"(1/ 294): "وأما التوبة من قريب فجمهور المفسرين على أنها التوبة قبل المعاينة، قال عكرمة: قبل الموت، وقال الضحاك: قبل معاينة ملك الموت، وقال السدي، والكلبي: أن يتوب في صحته قبل مرض موته، وفي المسند وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر".
فهذا شأن التائب من قريب، وأما إذا وقع في السياق فقال: إني تبت الآن، لم تقبل توبته؛ وذلك لأنها توبة اضطرار لا اختيار، فهي كالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها، ويوم القيامة، وعند معاينة بأس الله". اهـ.
ولمزيد فائدة يراجع فتوى: "هل تقبل التوبة بعد نزول العذاب من الله في الدنيا"،، والله أعلم.