هل ينسب الطفل إلى من أقام علاق غير شرعية مع أمه

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

سيدة أنجبت طفلا و ادعت أن والده تزوجها سرا فيما قال المدعى عليه أن لا علاقة له بالطفل شرعا و أن ما ربطه بالسيدة مجرد علاقة عابرة غير شرعية في بلد غير مسلم فما حكم الطفل و هل ينسب إلى المدعى عليه أم لا؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالذي يظهر من السؤال أن تلك المرأة لم تقم دليلاً صحيحًا على أن ابنها جاء من زواج شرعي مستكمل للشروط والأركان، فإن كان الأمر كذلك فلا يجوز إلحاق الابن بالرجل المذكور؛ لأن من قواعد الشريعة الإسلامية الغراء أن ثبوت نسب الولد إنما يكون من آثار عقد نكاح صحيح، والزوجية الصحيحة؛ وقد أجمع الفقهاء على أن ثبوت نسب الولد لا يكون إلا من زواج صحيح؛ ففي الصحيحين من حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الولد للفِراش، ولِلعاهِر الحَجَرُ"، أي: الولد للزَّوج، فالنسب جبري لا ينفي بمجرد الرغبة في ذلك؛ والأصل أن الولد ينسب للزوج، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا إذا ثبت ثبوتًا قطعيًا لا يقبل الشك أن الولد لغير الزوج، من خلال اعتراف الزوجة بالزنا، ومن خلال التحاليل الطبية الموثوقة، فللأب حينئذ نفي نسب الابن عن طريق الملاعنة؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 6، 7].

وقد ذكر ابن عبدالبر - رحمه الله تعالى -: "أنَّ وَلَدَ الزِّنا في الإسلام لا يُلْحَقُ بالزَّانِي بالإجماع"؛ كما في "التمهيد" (8/19).

وجاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 178): "ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشًا قولان لأهل العلم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، فجعل الولد للفراش؛ دون العاهر، فإذا لم تكن المرأة فراشًا لم يتناوله الحديث". اهـ.

هذا؛ والله أعلم.