شاذ جنسياً ويريد العلاج

الإسلام سؤال وجواب

  • التصنيفات: فتاوى وأحكام -
السؤال:

أنا مسلم وعمري 16 سنة ، أصلي وأصوم باستمرار وأنا مستقيم في حياتي ولكن المشكلة أنني شاذ جنسياً، كنت في البداية أفكر في والدي، أظن أنني أصبحت شاذا بسبب الجينات  أشاهد صوراً سيئة ولكني أريد أن أقلع عن هذا، أنا لم أمارس الجنس أبداً في حياتي، أنا حقاً أخاف من الله وأدعوه دائماً أن يساعدني .
أرجوك يا سيدي أنا أترجاك أن تخبرني عملياً كيف أتخلص من هذه الكارثة السيئة.

الإجابة:

الحمد لله.

نسأل الله تعالى أن يعجل بشفائك من هذا الداء العظيم، وأن يطهر فؤادك من كل درن، إنه ولي ذلك والقادر عليه، فإن الوقوع في مثل هذه المعصية العظيمة، لا يتوقف ضرره عند حد العقوبة الأخروية، وإنما يتجاوز ذلك ليكون جزءً منه مقدما ً في الحياة الدنيا، ولو لم يكن من ذلك إلا دوام الحسرة والألم التي لا تكاد تفارق ذهن المرء لكفى، فكيف إذا انضاف إلى ذلك تلك الأمراض الفتاكة المستعصية التي أجمع الأطباء على أنها تكون ملازمة لهؤلاء الشواذ.

 وأما العلاج لمشكلتك فيتلخص فيما يلي:

أولاً:

عليك بإحداث التوبة الصادقة من قلبك، واللجوء إلى الله، والندم على ما بدر منك، وكثرة الدعاء والإلحاح على الله أن يغفرها لك، وأن يعينك على التخلص منها، فإن الله أكرم مسؤول وأقرب مجيب، وقد قال تعالى: ( {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ) [الزمر / 53].

فانطرح بين يدي الله باكياً متضرعاً مظهراً الفقر والحاجة إليه، مستغفراً، وأبشر من عند الله تعالى بالفرج والمغفرة.

ثانياً:

احرص على تعاهد بذرة الإيمان في قلبك، فهي حين تنمو تثمر سعادة الدنيا والآخرة.

إن الإيمان بالله عز وجل هو العاصم- بعد توفيق الله سبحانه- للعبد من مواقعة الحرام، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (رواه البخاري (2475) ومسلم (57).

إذاً فحين يعمر الإيمان قلبك، ويملأ فؤادك ومشاعرك فلن تتجرأ بإذن الله على محارمه، والمؤمن لو وقع مرة فسرعان ما يفيق؛ فقد وصف الله تعالى عباده بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف / 201].

ثالثاً:

حاول أن تأخذ بالوصية النبوية لمعشر الشباب، ألا وهي الوصية بالزواج إذا كنت تستطيع ذلك، ولا تلتفت إلى كون سنك صغيراً فليس صغر السن مانعاً من الزواج، كلا، ومادمت محتاجاً إلى الزواج فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»   (رواه البخاري (5065) ومسلم (1400)، فاحرص على هذه الوصية النبوية، فإن فيها علاجاً لك بإذن الله.

ولا بأس أن تصارح أباك وأمك بحاجتك ورغبتك في النكاح، واحذر أن يمنعك الحياء من ذلك.

ففكر تفكيراً جادا بالزواج ولا تخش الفقر وسيغنيك الله من فضله قال تعالى: ( {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ) [النور /32].

ويخبر صلى الله عليه وسلم أن من تزوج بنية صالحة أعانه الله تعالى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف» (رواه الترمذي (1655) والنسائي (3120) وابن ماجه (2518) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم(1917).

رابعاً: حين لا يتيسر أمامك  أمر الزواج، فثمة حلّ آخر إنه الصيام، فلم لا تفكر أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو يومي الاثنين والخميس؟

فكم في الصيام من الأجر العظيم، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» (رواه البخاري (1904) ومسلم (1151).

وأخبر تبارك وتعالى أنه فرض علينا الصيام لتحقيق التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة / 183].

إن الصوم - مع ما فيه من الوقاية من الانسياق وراء الشهوة، ومن الأجر العظيم عند الله - يربي في الإنسان قوة الإرادة والصبر والتحمل، والاستعلاء على رغبات النفس وملذاتها، فبادر أخي بالصوم لعل الله أن يخفف عنك.

خامساً: إياك والتساهل في النظر إلى المحرمات من المجلات الهابطة والصور الخليعة، التي تهيج على ارتكاب الفواحش والموبقات، وتُبقي في القلب أثراً عميقاً سيئاً والعياذ بالله، قال تعالى: {قل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور / 30].

واعلم أنك حين تتساهل بهذا المنكر تعطي الشيطان فرصة سانحة ليزين لك ما وراء ذلك مما لا يخفى،  وإنما نشط في ذلك بسبب أنك تنازلت له ولو لمرة واحدة.

سادساً:

تذكر حين يأتيك هاجس المعصية، ووسوسة الشيطان باقتراف المعصية أن جوارحك هذه ستشهد عليك يوم القيامة بهذه المعصية، ألا تعلم أن هذه الجوارح وهذه الفتوة والنشاط نعمة من الله عز وجل عليك؟

فهل من  شكر نعمة الله أن تصرفها في المعصية والتمرد على أوامر الله عز وجل؟

 ثمة أمر آخر جدير بك أن تتفطن له، اقرأ معي هذه الآية: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[فصلت / 20-21].

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ» ؟ قَالَ: قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى. قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلا شَاهِدًا مِنِّي. قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا. قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي. قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ. قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ. قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ» (رواه مسلم (2969).

سابعاً:

ابتعد عن الخلوة بنفسك فإنها مدعاة للتفكير في الشهوة، وحاول أن تملأ وقتك بما يفيدك من الأعمال الصالحة، من قراءة القرآن، والذكر والصلاة.

ثامناً:

اجتنب مصاحبة الأشرار الفساق الذين يطرقون هذه المواضيع، ويتحدثون فيما يثير الشهوة ويُهَوِّنُ المعصية ويجرئ عليها. وعليك بصحبة الأخيار الذين يذكرونك بالله تعالى، ويعينونك على طاعته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» (رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937).

تاسعاً:

لو قُدِّر أنك وقعت في المعصية على حين ضعف منك، فلا تتمادى في ذلك بل كن سريع التوبة أواباً إلى الله تعالى، عسى أن تكون من هؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}  [آل عمران / 135].

أخي.. لا تيأس من رحمة الله تعالى، وإياك ثم إياك أن يتمكن الشيطان من نفسك، ويوسوس لك أن الله تعالى لن يغفر لك، فإن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب إليه.

أرجو من الله تعالى أن يعينك على نفسك ويسهل لك الخروج من هذا الداء.

وللاستزادة من الموضوع أنصحك بقراءة كتيب ( كيف تواجه الشهوة حديث إلى الشباب والفتيات )