عقاب العاق بعد عفو والديه عنه

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

انفصل والداي من سنوات بعد مشاكل كثيرة وأصبحا يكرهان بعضهما ويرى ابي أن امي هي السبب في كل ما حدث رغم أنه أخطأ في العديد من الأمور لكنه يلقي اللوم كاملا عليها ويرى ان افعاله كانت مجرد رد على أفعالها وحين يتكلم عما حدث وعنها، أقوم بالرد عليه محاولة إخباره انه مخطئ مثلها لأن ما يقوله يحزنني لكنه لا يقتنع سوى برأيه وأنا يحزنني بشدة اني ارد عليه واجرحه بحديثي واتشاجر معه لكن الله يعلم انه ليس بيدي، واني اجلد ذاتي وابكي كل ثانية على هذا، لكني مهما حاولت اصلاح الامر معه افشل فهل هكذا انا عاقة به؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإن الشارع الحكيم أمر  ببر الوالدين وصلتهما مهما كانت المشاكل بينهما، فلكلٍّ منهما حقٌّ والله تعالى أعطى كلَّ ذي حق حقَّه، فلا يجوز للابن أن يظلمْ أحدهما إرضاء للآخر، كما يجوز التدخل بينهما إن كان يترتب على ذلك عقوق.

وتكلم الوالد عن أمك بصورة سيئة لا يبيح عقوقه أو التجاوز معه؛ لا سيما وكلامه لا يضر والدتك بشيء، فيجب عليك حينئذ الانسحاب أو تغير الموضوع، فإن لم تستطع فلتظل صامتًا ولتتحل بالصبر، لأنه يظل أبًا، وإن فعَل ما فعَل، وأي تطاول أو إساءة تجاهه من العقوق؛ قال تعالى في حق الأبوين الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، فأَمَرَ بمُصاحبتهما بالمعروف، مع أنهما كافران، وخطأ الوالد في حق أمك لا يُبيح تقصيرًا مُقابلًا له، أو إساءته.

ويمكنك أن تنتهز أي فرصة يكون فيها هادئًا طيب النفس، وتنصحه بلغة رحيمة ألا يذكر والدتك بشر؛ لأنه مهما حصل فهي أمك ويجب برها ورعايتها، وأنه ينبغي عليه أن يراعي مشاعرك، ونحو هذا من الكلام.

أما عفو الوالد عن عقوق ابنه فنرجو من الله أن يمحو الذنب؛ لأن البر حق خالص للوالد،، والله أعلم.