هل التيمم لخوف البرد يسقط الوضوء

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

اتيمم من الجنابة في الصباح خوفا من البرد .لمني اريد ان اعرف هل هذا التيمم ينوب عن الغسل فقط و علي الوضوء لباقي الصلوات ام اتيمم

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ: 

فإن الشريعة الإسلامية مبناها على رفع الحرج والضيق، فمن عجز عن الاغتسال بالماء بسبب شدة البرد، أو كانت به جراحة، أو خاف أن يتضرَّر من استعمال الماء-: فهو في حُكْمِ العَادِمِ لِلْمَاءِ؛ لِعدَمِ القدرة عَلَى استِعْمَالِهِ؛  قال الله - تعالى -: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

 

وروى أحمد وأصحاب السنن عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلك فقال: "قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم".

 وقد ذهب عامة أهل العلم إلى أن المريض الذي يُخْشَى من استعمال الماء تَلَفٌ أو مرضٌ مخوف أو إبطاء الشفاء او زيادة ألم، أو يجد مشقَّة أو حرجاً في الوضوء أو الغسل= أن له التيمم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/ 634): "فمن استقرأ ما جاء به الكتاب والسنة تبين له أن التكليف مشروط بالقدرة على العلم والعمل؛ فمن كان عاجزًا عن أحدهما سقط عنه ما يعجزه؛ ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب"". اهـ.

وقال أيضًا (21/ 399): "والذي عليه الجمهور: أنَّه لا يُشترط فيه خوف الهلاك؛ بل من كان الوضوء يزيد مرضه، أو يؤخر برْأه يتيمّم، وكذلك في الصيام والإِحرام، ومن يتضرَّر بالماء لبرد؛ فهو كالمريض عند الجمهور". اهـ.

أما التيمم فتستباح به الصلاة، ولكن إن كنت تستطيع الوضوء فيجب عليك، كما يجب الاغتسال فور زوال العذر،، والله أعلم.