الشعور بالندم بعد الاستخارة في الزواج
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم، لقد تقدم شاب لخطبتي وهو ذو أخلاق جيدة ولكن لم يرتح قلبي له بشكل كبير خاصة مع وجود بعض الاختلافات بالرأي. قمت بالاسخارة والجلوس معه بحضور اهلي ومحادثته هاتفياً لأكثر من مرة، بعد فترة سأل عن موافقتي ولكنني رفضت متابعة امور الخطبة والزواج معه. الان أشعر بالندم لا أعلم لماذا، أشعر أنه لم يكن علي التسرع في القرار والتروي ومحادثته أكثر... ماذا علي أن أفعل مع هذا الشعور الذي يلازمني منذ رفضنا له؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعـد:
فالواجب على المسلم الرضا بما قسمه الله تعالى وقدّره؛ كما صحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((وارْضَ بما قسم الله لك، تكن أغنى الناس))؛ رواه أحمد والترمذي، وروى مسلم عن عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((قد أفلح من هُدِيَ إلى الإسلام ورُزق الكفاف وقنع)).
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى القدر إذا أصابته المصائب ولا يتحسر على الماضي؛ لأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ ففي الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان"، فأمره بالحرص على ما ينفعه، والاستعانة بالله، ونهاه عن العجز الذي هو الاتكال على القدر، ثم أمره إذا أصابه شيء أن لا ييأس على ما فاته بل ينظر إلى القدر ويسلم الأمر لله؛ لأنه حينئذ لا يقدر على غير ذلك، ومن ثمّ يجب النظر إلى القدر عندما يجري عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها فليصبر وليرض ويسلم، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتْه سراء شَكَر فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضراء صبر فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم عن صُهيب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع فتاوى ابن تيميَّة" (2 / 494): "والمؤمِنُ مأْمُور عند المصائب أنْ يصبرَ ويُسَلِّمَ، وعند الذنوب أنْ يسْتغفرَ ويتوبَ؛ قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: 55]، فأَمَرَهُ بالصبر على المصائب، والاستغفار من المعائب، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]، قال ابن مسْعود: هو الرجُل تُصيبه المصيبةُ، فيَعْلم أنَّها مِنْ عند الله، فيرضى ويُسَلِّم". اهـ.
إذا تقرر هذا فاطرحي عنك تلك الخطرات واقطعي الاسترسال معها،، والله أعلم.