قلب نية الصدقة بعد اخراجها

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم اريد ان اسال سؤال .. انا طلبت مرة من صديقتي ان ترسل مالا لأختي لانها الاقرب لها منزلا على ان يكون هذا المال دين علي وأرجعه لها في اقرب وقت .. وعند حين السداد رفضت ان تأخذ المبلغ وطلبت مني ان أتصدق به .. ولكن حين اخراجي للصدقة ( وكنت قد ارسلتها مع والدي ليرسلها الى من يحتاجها )  كنت قد نويت سداد هذا الدين وفعلا كان هدفي هو قضاء هذا الدين .. ولكن بعد زمن يسير ( يعني قبل ان يتصدق والدي بالمال) وكأني ألبس علي لاني أخرجت المال مني فكأني نسيت انه يجب ان انوي ان هذه الصدقة عن فلانة صد

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكرت فإن لك أجر قضاء الدين عن أختك والصدقة عليها، أما صديقتك الذي أرسلت لها المال لأختك فقد أخذت دينها، ثم وكلتك في التصدق به، ومن ثمّ فنية الصدق هي من تنويها ولست أنت.

ومن المقرر أن النية هي القصد إلى الشيء والعزيمة على فعله، فمن علم ما يفعله فقد نواه؛ لأن الإنسان متحرك بالإرادات، وهو دائمًا يهم ويعمل؛ لكنه لا يعمل إلا ما يرجو نفعه أو دفع مضرته، ومن علم هذا لا يصيبه وسواس، ولا يلبس عليه في أمر النية؛ كما في الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصدق الأسماء حارث وهمام"؛ رواه مسلم، والحارث هو العامل الكاسب المتحرك، والهمام هو الدائم الهم وهي النيات والمقاصد وهي خاصة الإنسان، أعني أنه متحرك بالإردة وهي تسبق العمل دائما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى"(18/ 262- 263): "والنية تتبع العلم، فمن علم ما يريد فعله فلا بد أن ينويه ضرورة؛ كمن قدم بين يديه طعامًا ليأكله، فإذا علم أنه يريد الأكل فلا بد أن ينويه، وكذلك الركوب وغيره؛ بل لو كلف العباد أن يعملوا عملاً بغير نية كلفوا ما لا يطيقون؛ فإن كل أحد إذا أراد أن يعمل عملاً مشروعًا أو غير مشروع فعلمه سابق إلى قلبه، وذلك هو النية، وإذا علم الإنسان أنه يريد الطهارة والصلاة والصوم فلا بد أن ينويه؛ إذا علمه ضرورة، وإنما يتصور عدم النية إذا لم يعلم ما يريد، مثل من نسي الجنابة واغتسل للنظافة أو للتبرد، أو من يريد أن يعلم غيره الوضوء ولم يرد أنه يتوضأ لنفسه، أو من لا يعلم أن غدًا من رمضان فيصبح غير ناوٍ للصوم.

وأما المسلم الذي يعلم أن غدًا من رمضان وهو يريد صوم رمضان فهذا لا بد أن ينويه ضرورة ولا يحتاج أن يتكلم به.

 وأكثر ما يقع عدم التبييت والتعيين في رمضان عند الاشتباه، مثل من لا يعلم أن غدًا من رمضان أم لا فينوي صوم رمضان مطلقًا، أو يقصد تطوعًا ثم يتبين أنه من رمضان، ولو تكلم بلسانه بشيء وفي قلبه خلافه كانت العبرة بما في قلبه لا بما لفظ به، ولو اعتقد بقاء الوقت فنوى الصلاة أداء ثم تبين خروج الوقت، أو اعتقد خروجه فنواها قضاء ثم تبين له بقاؤه-: أجزأته صلاته بالاتفاق.

 ومن عرف هذا تبين له أن النية مع العلم في غاية اليسر لا تحتاج إلى وسوسة وآصار وأغلال؛ ولهذا قال بعض العلماء: الوسوسة إنما تحصل لعبد من جهل بالشرع أو خبل في العقل". اهـ.  

هذا؛ والله أعلم.