الأشهاد علي الطلاق

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

من هم العلماء القائلين بأن الأشهاد شرط لوقوع الطلاق وماهي أدلتهم

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد أجمع أهل العلم على عدم وجوب الإشهاد على الطلاق؛ وممن نقل الإجماع على ذلك الإمام الشَّافعي كما في كتابه "الأم"(7/ 140)، حيث قال: "أنِّي لَم ألْقَ مُخالفًا حفظْتُ عنْهُ من أهل العلم أنَّ حرامًا أن يطلِّقَ بغير بيِّنة، على أنَّه - والله أعلم - دلالة اختيار، واحتملت الشَّهادة على الرجعة من هذا ما احتمل الطَّلاق". اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (33/ 33): 

"قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2]، فأمرَ بالإشْهاد على الرَّجعة، والإشهاد عليْها مأمورٌ به باتِّفاق الأمَّة، قيل: أمر إيجاب، وقيل: أمر استحباب، وقد ظنَّ بعض النَّاس أنَّ الإشهاد هو الطَّلاق، وظنَّ أنَّ الطَّلاق الذي لا يُشْهَد عليه لا يقع، وهذا خِلاف الإجماع، وخِلاف الكتاب والسنَّة، ولم يقل أحدٌ من العلماء المشْهورين به؛ فإنَّ الطَّلاق أذن فيه أوَّلاً، ولم يأمر فيه بالإشهاد، وإنَّما أمر بالإشْهاد حين قال: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2]، والمراد هنا بالمفارقة: تخْلية سبيلِها إذا قضت العدَّة، وهذا ليْس بطلاق ولا برجعةٍ ولا نكاح، والإشهاد في هذا باتِّفاق المسلمين، فعُلم أنَّ الإشْهاد إنَّما هو على الرجعة". اهـ.

هذا؛ وقد ذهب إلى وجوب الإشهاد الإمام أبو محمد ابن حَزْم، وهو قول العلامة أحمد شاكر، وهو قولُ مَن لا يُعْتَدُّ بِهم من الشيعة الإماميَّة.

واحتج أبو محمد على الوجوب بآية سورة الطلاق ثم قال كما في "المحلى": "وكان مَن طلَّق ولم يُشْهِد ذَوَي عدل، أو راجَعَ ولم يُشْهِد ذوي عدل - متعدِّيًا لحدود الله تعالى، وقال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن عمِل عملاً ليْس عليه أمرُنا فهو رد)). اهـ.

والذي يظهر أن أبا محمد بن حزم لا يقول إن الطلاق الذي لم يشهد عليه لا يقع؛ حيث نقل الإجماع على وقوعه في كتابه "مراتب الإجماع" (ص 128)، حيث قال: "ولا نعلم خلافًا في أن من طلق ولم يشهد أن الطلاق له لازم". اهـ.

وممن نقل الإجماع أيضًا: الصَّنعاني في "سبل السلام"، والشوكاني في "نيل الأوطار": فقد نقل الإجْماع على عدم وجوب الإشهاد في الطلاق، والإجماع على الاستحبابه.

إذا تقرر هذا؛ فالإشْهاد على الطلاق مندوبٌ إليْه فقط، فالطَّلاق بغير إشهاد واقع؛ ومن تتبع سنة النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - تبين له هذا، حيث لم يُنقل عن النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -  أنه استفصل أحدًا ممن طلق امرأته له أشهد أم لا؟

 والقاعدة الأصولية: أنَّ ترك الاستِفْصال في حكاية الحال، مع قيام الاحتِمال - يُنزل منزلة العموم في المقال.

وأيضًا فإنَّ الطَّلاق من حقوق الرَّجُل؛ فلا يحتاج إلى بيِّنة لإثباته،،، والله أعلم.