حكم الزوجة إذا زنت وهي حامل
خالد عبد المنعم الرفاعي
لكنت حاملا بالشهر الخامس جامعت عشيقي وانا حامل والان انا نادمة جدا جدا، وهل الطفل المولد اصبح غير شرعي ام لا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرتِ فقد وقعت في فاحشة وكبيرة من أكبر الكبائر وأقبحها؛ فإن حُرمة الزّنا معلومةٌ بالضَّرورة من دين الإسلام، بل هي محرمة في جَميع الشَّرائع السَّماوية الأُخْرى؛ فقد أَجْمع أهلُ المِلَل وجَميعُ العُقلاء على قبح الزنا وحرمته، فلم يحلَّ في ملَّة قطّ.
والزا من المرأة أقبح من الزنا من الرجل، ومن المتزوجة أقبح من المرأة العذباء، ومن المرأة الحامل أقبح وأقبح.
فالزنا يحل عقاب الله وعذابه ويفسد المجتمعات، ويذهب العفَّة، وهو جنايةٌ على الأعراض والأنساب، وغير ذلك مما هو ظاهر في المجتمعات.
وقد حذَّر الله تعالى من الزّنا فقال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء: 32]؛ ولشدة قبحة كان حدّه أشدَّ الحدود، ومرتكبُه متوعَّد بعقابٍ أليم في القبر وفي الآخرة؛ وقد قرَن الله - جلَّ وعلا - الوعيدَ عليْه بالوعيد على الشّرْك وقتل النَّفس، فقال سبحانه في صِفات عِباد الرَّحْمن: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان: 68، 69].
وقال - صلى الله عليه وسلَّم -: ((لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ))؛ متفق عليه.
وروى البُخاريّ في حديث المِعراج أن النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((رأى رجالاً ونساءً عُراةً على بناءٍ شبه التنّور، أسفله واسع، وأعلاه ضيّق، يوقَد عليهم بنارٍ من تَحتِه، فإذا أوقدت النَّار ارْتَفعوا وصاحوا، فإذا خَبَتْ عادوا، فلمَّا سأل عنهم؟ أُخْبِر أنَّهم هم الزّناة والزَّواني)).
وهذا عذابُهم في البَرزخ حتَّى تقومَ السَّاعة - نسأل الله العافية، فهل يُمْكِن للعاقل أن يَستهينَ بذنبٍ هذه عقوبتُه في الدنيا والآخرة!
فالواجب على تلك المرأة المسارعةُ بالتوبة النصوح، والاستغفار، والابتعاد عن أسباب الزنا، وكلِّ ما يؤدي إليه، والعزمُ على عدم العود إليه، والندمُ على ما فات، وقطع أي علاقة مع ذلك الزاني وغيره.
فإن الله تعالى وعد التائبين بقبول توبتهم، مهما بلغت ذنوبهم، فقال - سبحانه وتعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53]، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان:67-70]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها))؛ رواه مسلم من حديث أبي موسى.
مع الإكْثِار من العمل الصالح، ومخالطة أهل الخير، ومجانبة أهل الشر؛ قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [سورة هود: 114،115].
أما ثبوت نسب الطفل فإنما يكون للزوج؛ فالنسب إنما يكون من آثار عقد النكاح، والزوجية الصحيحة، وهذا ما اتفق الفقهاء عليه؛ فالشارع الحكيم شدد في أمر الأنساب والأعراض، ومن ثمّ قضى بلحوق نسب الولد بمجرد ولادته على فراش أبيه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر))؛ متفق عليه.
والحديث دليل على أن كل من تلده الزوجة حال قيام الزوجية ينسب لزوجها،، والله أعلم.