الندم على ترك الصلاة
خالد عبد المنعم الرفاعي
انا كانت تفوتني بعض الصلوات عن وقتها بغير عذر خاصة الصبح والمغرب فعزمت على التوبة وإستمريت مدة أصلي الوقت ثم تكرر ان فاتني وقت الصبح والمغرب وانا الآن نادم بسبب ذلك ندما شديد ، وكما انني مريض بالسلس أحيانا تفوتني الصلاة بسبب السلس فكلما ركعت نزلت قطرة أضطر لتغيير ما اصيب احيانا لمرتين او ثلاث حتى يخرج الوقت لكن وضعت برنامج لاوقات الذهاب للحمام ولكن خشيتي من ان أعود للذنب بعد تكرار التوبة
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالحمد لله الَّذي منَّ عليك بالتَّوبة وحسن الأوْبة، والله نسأل أن يثبِّتك على الحق، ويعيذك من شر نفسك، آمين.
أما ما تشعر به من الندم، فهو ركن التوبة الأعظم، كما صحّ عن رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"؛ رواه ابن ماجة.
ويتحقق الندم بلوم النفس على الذنب، وما يتبع ذلك من الحزن، والخوف، قال الراغب: الندم التحسر على ما فات، وفسَّر أيضًا بالأسف، وهو الحزن أو المبالغة في الحزن.فكل حزن يشعر به بعد فعل المعصية يحصل منه الندم المقصود للتوبة، وكذلك أي تألم للقلب على الذنب، وكل من علم جنايته فخاف مقام ربه أو عاقبة ذنبه حصّل الندم.
جاء في "المدخل" لابن الحاج (4/ 44): "ثم يتوب التوبة بشروطها، وهي: الندم والإقلاع والعزم على أن لا يعود، ورد التبعات لمن كانت عليه شرط رابع، فالثلاثة الأول متيسرة على المرء؛ لأنها بينه وبين ربه؛ وما كان بين العبد وربه فالغالب الرجاء في العفو والصفح عنه، وأما رد التبعات فمتعذر في الغالب، وقل من يتخلص منها إلا بتوفيق وتأييد من المولى سبحانه وتعالى". اهـ.
والتوبةَ النَّصوحَ المستوفيةَ لشُروطِها كافيةٌ في مَحْوِ الذنوب الَّتي قبلها، ولو كان أعظمَ الذُّنوب وأكبر الكبائر، حتَّى الكُفر والشِّرك - والعياذ بالله - إذا تاب صاحبه قَبِل الله توبتَه، ولا بدَّ من أن يَثِقَ العبدُ في ذلك؛ لأنَّ وعد الله لا يُخلَف، وحقُّ الله - تعالى - في جانب العفو والصَّفح أرجح؛ كما قال سبحانه وتعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{ [الزمر: 53]، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان:67-70]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31].
كما ينبغي الإكثارمن الأعمال الصالحة، وصدق الالتجاء إلى الله تعالى بكثرة الدعاء إليه، وخاصَّة في أوقات الإجابة، وكذلك المحافظة على أداء ما افترضَهُ الله تعالى، والإكثار من النوافل.
أما الصلاة حال نزول سلس، فالثابت في الشريعة الإسلامية أن من أبتلي بسلس البول، بحيث يستمر نزوله بغير اختيار من صاحبه ولا ينقطع، فإنه يصلي على حاله ويتوضأ لكل صلاة؛ لأنه لا يستطيع أكثر من ذلك؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وفي الصحيحن قال صلي الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).
أما إذا كان السلس ينقطع ولا يستوعب جميع وقت الصلاة، فالواجب حينئذ الانتظار حتى ينقطع الحدث، ثم يتوضأ ويصلي حتى لو فاتته صلاة الجماعة؛ لأنه منشغل بتحقيق شرط من شروط الصلاة؛ فقد صحّ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر"؛ رواه ابن ماجة.
قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات(1/121): "ويصلي دائم الحدث عقب طهره ندبًا، ( وإن اعتيد انقطاعه)، أي الحدث الدائم ( زمنا يتسع للفعل) أي الصلاة والطهارة لها، (تعين) فعل المفروضة فيه؛ لأنه قد أمكنه الإتيان بها على وجه لا عذر معه ولا ضرورة، فتعين كمن لا عذر له ". اهـ.
وقال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع الفتاوى"(21/106-107): "... وأمَّا مَن به سَلَسُ البول - وهو أن يَجْرِيَ بغير اختياره لا يَنقَطِعُ - فهذا يتخذ حِفاظًا يمنعه، فإن كان البولُ يَنقَطِع مِقدارَ ما يتطهَّر ويُصلِّي، وإلا صلَّى، وإنْ جرى البولُ - كالمستحاضة - تتوضأ لكل صلاة". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.