حكم من مات تاركًأ للصلاة بسبب الهجرة!
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم اخي انا بدي فتوى بموضوع انو اخي قرر ان يسافر الى المانيا بسبب الاوضاع الصعبه لذالك قرر ان يسافر ليصلح حال عائلته لكن بقي بالغابه قرابة 7 ايام بدون طعام يعني ضائع وتعرض لضرب وتعرض للألم والوجع بكل جسمه ومات بنزيف معدة وليلة الجمعه ولم يدفن اسبوع كامل لكن دفن في ليلة الجمعة الثانيه السؤال ان كان قبل ما يسافر ثابت على الصلاة ولا يقطع فرض لكن عندما سافر قطع الصلاة لانو لاتوجد مساجد ولا انترنت وقدر الله ما شاء فعل بدي اسال اخي عن خاتمته وكيف نصبر على فقد الاحبه وشكرا لك اخي
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أن أخاك كان مواظبًا على الصلاة قبل السفر، ثم قطع الصلاة حال سفره؛ فالذي يظهر أنه كان متأولاً، بسبب إنقطاعه عن مقومات الحياة، وجهله للقبلة، بل وجهله بالقواعد الكبار للشريعة الإسلامية والتي منها أن المكلف ياتي من الصلاة بحسب ما قدر عليه، وما عجز عنه يبقى ساقطًا، كما يؤمر بالصلاة عريانًا ومع النجاسة، وإلى غير القبلة، كما أجاز الشارع الصلاة للمريض على قدر استطاعته، وصلاة المستحاضة ومن به سلس البول، والصلاة مع الحدث بلا اغتسال ولا وضوء، ويصلي قاعدًا إذا لم يستطع القيام، ويومئ برأسه إيماءً بحسب حاله، وإن لم يستطع الصلاة قاعدًا صلى على جنبه ووجهه إلى القبلة، ويوضئه غيره إن لم يستطع الفعل، أو ييممه إن عجز عن الوضوء، على حسب حاله؛ قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16].
إّذا علم هذا؛ فكثير من الناس يظنون أن الصلاة تسقُط عند العجز أو المرض الشديد، أو أن من لم يستطع الطهارة الكاملة، أو خفيت عنه القبلة.
فبعض الناس يكون مواظبًا علىالصلاة، فإذا مرض مرضًا شديدًا ترك الصلاة لجهله بصلاة المريض، ولا شك أن هؤلاء يعذرون بجهلهم؛ لأنه فارق بين من ترك الصلاة كسلاً وعنادًا، وبين من تركها متأولاً، والعالم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم يدرك الفارق بين الاثنين، ويدرك أن رسول الله قد عذر كل من ترك الصلاة متأولاً، على الرغم من كونهم في دار الإسلام التي أعز الله بها المؤمنين.
وقد حرر تلك المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية - في معرض كلامه على من ترك الصلاة جاهلاً بوجوبها - ثم جكى وجهين لأهل العلم ثم قال: "مجموع الفتاوى" (22/ 100-103): "وأصل هذين الوجهين: أن حكم الشارع هل يثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له... والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارًا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء.
ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي؛ لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان: أحدهما لا إعادة عليها، كما نقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "إني حضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتني الصلاة والصيام"، أمرها بما يجب في المستقبل ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي.
وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي، من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة؛ بل إذا قيل للمرأة: صلي تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة، ظانة أنه لا يخاطب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها. وفي اتباع الشيوخ طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل: كانوا كفارًا أو كانوا معذورين بالجهل".
أما أمر الخاتمة فإلى الله، ولكن أحسنوا الظن بالله سبحانه فهو أرحم الراحمين، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه.
أما الصبر على فقد الأحبة، "فهذ يسهل الصبر فيها؛ لأن العبْدَ يشهدُ فيها قضاءَ اللهِ وقدرَه، وأنه لا مدخلَ للناس فيها، فيصبر إمّا اضطرارًا وإمّا اختيارًا، فإن فتحَ الله على قلبه بابَ الفكرةِ في فوائدِها، وما في حَشوِها من النِّعَم والألطاف، انتقلَ من الصبر عليها إلى الشكر لها والرضا بها، فانقلبت حينئذٍ في حقه نعمةً، فلا يزالُ هِجيْرَا قلبه ولسانِه فيها: "رب أَعِني على ذكرِك وشكرك وحسنِ عبادتك"، قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "جامع المسائل"(1/166)،، والله أعلم.