حكم من وضعت عطرا ناسية

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

ما حكم من وضعت عطرا خفيفا جدا وخرجت ظنا منها بأنها لن تقترب من الرجال واقتربت وهي ناسية ولم تتذكر الا بعد العودة للمنزل فهل يجب عليها ان تغتسل ؟ ان كان العطر على الثياب وقد خلعتها،

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومَن والاه، أما بعدُ

فإن من رحمة الله تعالى أنه رفع المؤاخذة عن غير العامد المختار للفعل، فمن فعل محرمًا خطأ أو نسيانًا، فلا شيء عليه؛ قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، فدلت الآية الكريمة على أن الخطاء لا تأثير له في القلب؛ فيكون عمل جارحة بلا عمد قلب، والقلب هو الأصل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "إنما الأعمال بالنيات".

وقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))؛ رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما.

وقال تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة: 286]، وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال: "قد فعلت"، ولفظ الخطأ وأخطأ عند الإطلاق يتناول غير العامد، وإذا ذكر مع النسيان أو ذكر في مقابلة العامد كان نصًا فيه؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.

وجاء في الموافقات (1/ 253) للشاطبي: "إن الأحكام الخمسة - وهي الأحكام التكليفية: الواجب والمستحب والمباح والحرام والمكروه - إنما تتعلق بأفعال المكلفين مع القصد إلى الفعل، وأما دون ذلك، فلا، وإذا لم يتعلق بها حكم منها، مع وجدانه ممن شأنه أن تتعلق به؛ فهو معنى العفو المتكلم فيه، أي: لا مؤاخذة به". اهـ.

وعليه فلا مؤاخذ عليك إن كان الحال كما ذكرت،، والله أعلم.

إذا تقرر هذا، فلا إثم عليك