حدود طاعة الوالدين
خالد عبد المنعم الرفاعي
أبي يتدخل في حياتي كثيرا وانا أبلغ من العمر 18 عاما وهو دائما قاس في معاملتي فيسبني كثيرا لأسباب تافهة ويقذفني احيانا واقتصر الأمر وهو مسافر ودائما ما يتدخل في حياتي كمثل أن يمنعني من الخروج من المنزل أو منعي من التنزه مع اصدقائي أو منعي حتى من الصلاة في الجامع أو أخذ هاتفي ولو كان هنا قد ضربني ضربا مبرحا وكله لهذه الاسباب التافهة فهل له هذا الحق في التدخل في حياتي وهل اكون مذنبا إن لم اطعه فيما يخص حياتي علما اني ابذل كل جهدي للصبر على كلامه وتعنيفه
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ
فإنَّ بر الوالدين وطاعتهما واجبة في غيْر معصية الله، وفيما لا يشق على الأبناء، وهي من أعظم القربات إلأى الله؛ لأن حقهما من آكَدِ الحقوق التي عظمها الله، حتى جعلها تالية لحقه - تعالى - حيث قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]، وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:36].
والإحسان إلى الوالدين: معاشرتُهُمَا بالمعروف، والتواضع لهما، وامتثال أمرهما، والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما، وصلة أهل ودهما.
وَحَذَّرَ - سبحانه وتعالى - من عصيانهما، أو إيذائهما - ولو بأدنى الألفاظ - فقال - تعالى -: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:23].
بل جعل - سبحانه - عقوقهما من أكبر الكبائر، ومن أسباب دخول جهنم - والعياذ بالله - فقد ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكبر الكبائر - ثلاثًا - قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئًا، فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت))؛ رواه البخاري ومسلم.
والله تعالى أوجب كذلك على الآباء حقوقاً تجاه أبنائهم، وتقصير الآباء في اداء حقوقهم تجاه أبنائهم، أو قسوتهم أحيانًا ولا يسوغ التقصير؛ لأن كفر الوالدين بالله العظيم لا يُسقط حقهم في البر والإحسان، فلا يسقطه ظلمهما أو تعنتهما أو قسوتهم؛ قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 14، 15].
أما منع الأب ابنه من صلاة المسجد فلا تجب طاعته، بل تحرم؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا طاعة في معصية، إنَّما الطَّاعة في المعروف))؛ متَّفق عليه،
أما الطاعة في شئونك الخاصة، فإن كانت مما يشق عليك طاعته فلا تجب الطاعة، ولكن دون المجاهرة بذلك بل ارفق به، وانصحه بلطف أن يحسن معاملتك، ويمكنك الاستعانة بوالدتك أو أحد إخوانك أو غيرهما مما له وجاهة عند الوالد،، والله أعلم.