زوجي لا يقربني بسبب الظروف التي نمر بها

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله، ارجوا ان القى هنا الحواب الكافي و الشافي لقلبي المحترق . انا متزوجة منذ سنة ، زوجي لا يقربني كثيرا و اوحي له بالرغبة لكنه دائما ما يصدني سألته مؤخرا عن الاسباب قالي لي ان الظروف التي نمر بها تجعله يفقد الرغبة في فعل اي شيء او الاستمتاع علما انه بدون عمل منذ سنة اي منذ زواجنا و انا شعرت بالظلم لانها حقوقي

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فإن الشارع الحكيم أنزل تشريعات لتنظيم الحياة الزوجية حتى لا تكون ريشةً في مهبِّ الرياح، وجعلها أوثق العرى المربوطة بشرع وأبقاها، لأنه باسم الله، وعلى سنة الله؛ كما قال سبحانه وتعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء: 21]، ميثاق لا يستهين بحرمته قلب مؤمن.

فالحياة الزوجية في ديننا: سكن وأمن وسلامٌ، ومودَّة ورحمة وأُنسٌ، وتقوى بالتجاوب والتعاطف والتحابِّ، وإمساك للبيوت من النزوات الجامحة، والعاطِفة المتقلَّبة والهوى الذاهب مع الريح!

وفي ظلِّ هذه النظرة السامية العميقة تُحلُّ أي مشكلة مهما كَبُرت بالتفاهم والود والرحمة، والمناقشة الهادئة، والمصارحة، ووضع حلول واقعية قابلة للتنفيذ، وربط هذه العلاقة كلها بتقوى الله ورقابته، والميل إلى التريُّث والمصابرة حتى في حالة الكراهية.

فالزوج والزوجة متشاركان، يشعر كل منهما بالآخر، يفرح بفرحه، ويألم لألمه، حتى كأنهما جسدٌ واحد بروحين، ومن الأنانية أن يفكر أحدهما في مصلحته، بعيدًا عن عضوه الآخر، بل اللائق بهما أن يفكرا سويًّا، ويحسبا المصالح والمفاسد المشتركة، ويراعيَ كلٌّ صاحبه؛ فلا خصوصيَّة بينهما، ولا حدود للعطاء فيها.

والحياة الزوجية إنما تتزلزل بالأنانية! إذا رام كل شريك استيفاء حقه؛ فهذا يُشعِر شريكه الآخر بالأنا الشديدةِ الوقعِ على النفس، وإنما الواجب أن يتنازل كل واحد لصاحبه عن جزء غير قليل من حقه وراحتِه؛ ليدوم الوُدُّ، ويَعَمَّ الحبُّ الذي يسهل العسير، ويقرب البعيد، حتى يصبح كل منهما عونًا لشريكه في جميع الأمور؛ وخصوصًا في أوقات الحاجة للمساعدة، بل الصاحبُ في السفر، الذي هو نظيرُ الإنسانِ وصاحبه في المسكن؛ إن لم يعاونْه على مصلحة، لم يكن قد عاشره بالمعروف، ولا تَتِمَّ مواءمةٌ بين الناس بالحق فقط، بل لا بدَّ من الفضل؛ كما قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم} [البقرة: 237].

إذا علم هذا فإن الله تعالى أوجب على الرجل معاشرة زوجته بالمعروف، وجعل الجماع من آكَدِ الحقوق للمرأة على زوجها، بل إنه مِن أهمِّ مقاصد النكاح؛ ففي صحيحَي البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصَن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء))، وقد نصّ فقهاء الإسلام وأئمتهم على وجوبه على الزوج.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (1 / 294): "ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو مِن أوكَدِ حقِّها عليه أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقَدرِ حاجتها وقدرته، كما يُطعِمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصحُّ القولين". اهـ.

فتكلَّمي مع زوجك بصراحة ووضوح، وبيِّني له حاجتك، وأنه لا يجوز له ترك فراش الزوجية، وأن ذلك يضرُّ بك، وأن الشرع والرجولة والمروءة وحسْن المُعاشرة يوجبون عليه السعيّ في إعفافك، فإن كان يشعر بضعف أو فتور أو أي مانع فيجب حينئذ السعي في العلاج، وهو ميسور.

ومن أعظم الأدوية تقوية الإيمان بالعمل الصالح والذكر وقراءة القرآن بتدبر، والحفاظ على أدعية تفريج الكرب، وستجدها في على موقعنا في فتوى: "دعاء تفريج الكرب"

فإن شعرتِ بعدم استجابته فلا بأس أن تذهَبا لبعض أهل العلم ليُبيِّن له ما يجب عليه من الحقوق، وأنه يكون آثمًا مُسيئًا لعشرة زوجته، وظالمًا لها بعزوفه عن المعاشَرة، وأن حق الزوجة على زوجها أن يُعفَّها؛ وأنه مأجور مثاب على ذلك؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وفي بُضعِ أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدُنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتُم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزرٌ؟ فكذلك إذا وضَعها في الحلال، كان له أجر))؛ رواه مسلم،، والله أعلم.