إذا حرم الرجل عليه امرأته فهى يمين يكفرها

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم تشاجر رجل وزوجته.. ثم خرج للصلاة فلما عاد لبيته وجد زوجته ذهبت لبيت أهلها دون إذنه(مع العلم انه قبل المشاجرة كانا سيذهبا سويا لبيت أهلها) فاتصل بها..اين انتِ؟ قالت عند أهلي..فقال والله لو فعلتيها ثانية بغير إذني فأنتِ عليِّ حرام... ثم بعد عدة اشهر حدثت مشاجرة اخرى...فاستأذنته في الذهاب الى بيت أهلها فأذِنَ لها فذهبت الى بيت اختها ولم تذهب الى بيت أهلها... فهل بذلك وقعت طلقة؟؟ مع العلم انه كان يقصد بقوله *لوفعلتيها ثانية* أي لو خرجت من البيت عامة سواء الى أهلها أو غيرهم

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن من قال لامرأته إن فعلت كذا فأنت علي حرام، أوقال: الحرام يلزمني لا أفعل كذا، فهي يمين مكفرة كما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: الحرام يمين، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " إذا حرم الرجل عليه امرأته فهى يمين يكفرها، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]"؛ أخرجه البخارى (3/462) ومسلم (4/184).

 عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه , وحرم، فجعل الحلال حراما، وجعل في اليمين كفارة ".

فإن نوى به الطلاق كان طلاقا؛ قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 1، 2]، فبين أنه غفور رحيم بما فرضه من تحلة الأيمان حيث رحم عباده بما فرضه لهم من الكفارة وغفر لهم.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (35/ 271): "فاقتضى هذا أن نفس تحريم الحلال يمين كما استدل به ابن عباس وغيره. وسبب نزول الآية: إما تحريمه العسل وإما تحريمه مارية".

وقال (33/ 167-168): "أما قوله: " أنت علي حرام " فإن حلف أن لا يفعل شيئا ففعله: فعليه كفارة يمين. وإن لم يحلف؛ بل حرمها تحريما: فهذا عليه كفارة ظهار ولا يقع به طلاق في الصورتين.

وهذا قول جمهور أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين: يقولون: إن الحرام لا يقع به طلاق إذا لم ينوه؛ كما روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم، وإن كان من متأخري أتباع بعض الأئمة من زعم أن هذا اللفظ قد صار بحكم العرف صريحا في الطلاق: فهذا ليس من قول هؤلاء الأئمة المتبوعين.

والحرام نظير الظهار؛ لأن ذلك تشبيه لها بالمحرمة وهذا نطق بالتحريم وكلاهما منكر من القول وزور؛ فقد دل كتاب الله على أن تحريم الحلال يمين بقوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}.

وقال أيضًا (35/ 272): "... فتحريم الحلال يمين على ظاهر الآية؛ وليس يمينا بالله؛ ولهذا أفتى جمهور الصحابة - كعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم - أن تحريم الحلال يمين مكفرة: إما  كفارة كبرى كالظهار، وإما  كفارة صغرى  كاليمين بالله. وما زال السلف يسمون الظهار ونحوه يمينا. "

وقال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين"(3/ 57): "ولا يجوز أن يفرق بين المسلم وبين امرأته بغير لفظ لم يوضع للطلاق ولا نواه، وتلزمه كفارة يمين حرمة لشدة اليمين؛ إذ ليست كالحلف بالمخلوق التي لا تنعقد ولا هي من لغو اليمين وهي يمين منعقدة ففيها كفارة يمين".

وعليه فيجب على الزوج كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام،، والله أعلم.