زوجي ذو خلقٍ ولكن لا يصلي في المسجد

عبد العزيز بن باز

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
السؤال: زوجي رجل ذو خلق وهو يصلي، ولكنه لا يصلي في المسجد ولا يصلي السنة، إذا حاولت إيقاظه لصلاة الفجر يصرخ في وجهي مما جعلني لا أحاول إيقاظه حتى لا يصرخ في وجهي، وأحياناً يتعلل بأنه لا يفعل شيئاً يغضب الله، وأنه نظيف القلب، ويقول هذا يكفي، أرجو توجيه النصح.
الإجابة: الواجب على كل مسلم مكلف أن يصلي الصلوات الخمس مع المسلمين في المسجد، لقول الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقوله سبحانه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} الآية، فإذا وجبت الصلاة في الجماعة حال الخوف فوجوبها في حال الأمن أحق وأولى، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر" (أخرجه ابن ماجة والدارقطني وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح)، قيل لابن عباس رضي الله عنهما ما هو العذر؟ قال: "خوف أو مرض". وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سأله رجل أعمى قائلاً يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تسمع النداء للصلاة؟" قال: نعم، قال: "فأجب" (أخرجه مسلم في صحيحه)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله قد شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف" (أخرجه مسلم في صحيحه).

فالواجب عليكِ نصيحته بأسلوب حسن، وترغيبه في صلاة الرواتب مع الفرائض، وهي أربع قبل الظهر، يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، الجميع اثنتا عشرة ركعة وتسمى الرواتب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليهن، ويقول صلى الله عليه وسلم: "من صلى في يومه وليلته اثنتي عشرة ركعة تطوعاً بني له بهن بيت في الجنة"، وصح عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر هذه الركعات بهذه الرواتب. ويستحب للمسلم أن يصلي قبل العصر أربعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً"، والأفضل أن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" (أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح). والأفضل أيضاً أن يصلي بعد الظهر أربعاً كما صلى قبلها أربعاً، يسلم من كل ثنتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار" (أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم).

ويجب على زوجك، أن يحذر تأخير صلاة الفجر عن وقتها؛ لأن ذلك كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" (أخرجه مسلم في صحيحه)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه)، والأحاديث في عظم شأن الصلاة، والحث على أدائها في الوقت وفي الجماعة كثيرة جداً، ونسأل الله أن يهدي زوجك وكافة المسلمين لكل خير، وأن يعيذه من شر نفسه وهواه، وأن يجعلك من خير أعوانه في الخير، إنه سميع قريب.

وأما، قول زوجك إنه لا يفعل شيئاً يغضب الله، وأنه نظيف القلب، فهذا غرور وتزكية للنفس، ولا شك أن تأخير الصلاة عن وقتها، وعدم أدائها في الجماعة في المسجد كلاهما يغضب الله سبحانه، ولا شك أن نظيف القلب الذي قد عمر الله قلبه بالإيمان والتقوى لا يؤخر الصلاة عن وقتها، ولا يتأخر عن الصلاة في الجماعة في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" (متفق على صحته). والله ولي التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. المجلد الثاني عشر (باب وجوب صلاة الجماعة).