هل ورد "التيجانية" صحيح في الإسلام؟

اللجنة الدائمة

  • التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
السؤال: سائل يرغب في معرفة الكثير مما أنزل الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ ويرجو التكرم بإفادته هل الورد الذي يقوم به "التيجانيون" و "التيجانية" صحيح في الإسلام؟ فقد سمع كثيراً من المدارس الإسلامية تعارضه والتيجانيون يستعملونه بعد صلاة المغرب فهم ينشرون قطعة قماش بيضاء في المسجد ويجلسون حولها ويتلون: "لا إله إلا الله" وكلمتين أخريين معها مائة مرة، فما حكم ذلك؟
الإجابة: حثت الشريعة الإسلامية على ذكر الله تعالى ورغبت في ذلك كثيراً وبيّنت أنه يحيي النفوس وتطمئن به القلوب وتنشرح به الصدور، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:42]، وقال: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت" (رواه البخاري)، وكما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الأمر بالذكر والترغيب فيه مجملاً جاء فيهما مفصلاً فبين القرآن أن ذكر الله يكون بالقلب؛ إجلالاً لله، وإعظاماً له، وهيبةً ووقاراً، أو خوفاً منه ورغبةً إليه خفية وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، وبين أن الصلاة أعظم ذكراً لله، قال تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ، فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:238، 239]، وقال: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [النساء:103]، وفي الصلاة القراءة والتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء، وقال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف:205]، وبينت السنة قولية وعملية أنواع الأذكار وأوقاتها وكيفيتها فبينت أذكار الصباح والمساء والشدة والبلاء وعند النوم واليقظة وعند الأسفار والعودة منها.. إلخ، وعينت كلماتها وكيفياتها، ففي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه"، فمن ذكر الله تعالى كما جاء في بيان الكتاب والسنة من أنواع الذكر وأوقاتها وكيفياتها فقد اتبع هدي الله تعالى وهدي رسوله عليه الصلاة والسلام وكسب الأجر والمثوبة.

ومن غيَّرَ صيغ الأذكار وحرفها أو بدل في كيفياتها والتزم فيها كيفيات لم يلتزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق ما قيده أو قيد ما أطلقه، والتزم طريقة في أداء الأذكار لم تعهد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه ولا القرون الثلاثة المشهود لها بالخير فقد أساء وابتدع في الدين ما لم يأذن به الله وحرم الأجر والثواب وكان من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

ومن ذلك ما التزمه بعض أصحاب الطرق كالتيجانية من نشر قطعة قماش بيضاء يلتف حولها الذاكرون بلا إله إلا الله ونحوها من الأذكار بعد المغرب فالذكر مشروع، وكلمة: "لا إله إلا الله" أفضل ما قاله النبيون والذكر بها من أفضل الذكار، ولكن التزام نشر الرقعة البيضاء والاجتماع حولها وتخصيص ما بعد المغرب لذلك الذكر وإيقاعه جماعياً بدعة ابتدعوها لم يأذن بها الله ولا رسوله، وخير العمل ما كان اتباعاً وشره ما كان ابتداعاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة}، وقوله: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، ومن ذلك الاجتماع قبل الفجر أو بعده أو بعد العشاء للتعبد بأوراد وضعوها من عند أنفسهم أو الأذكار بهيئات مزرية وترنحات هي إلى الألعاب والتمثيل أقرب وبه أشبه، ومن ذلك ذكرهم بكلمة (هو) وكلمة (آه) وليستا من أسماء الله، بل الأولى ضمير الغائب والثانية كلمة توجع فالذكر بهما من البدع المنكرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الثاني والعشرون (العقيدة).