شبهةُ منعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عليّاً رضي الله عنه من الزواج بجويرية بنتِ أبي جَهلٍ* لن ...

شبهةُ منعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عليّاً رضي الله عنه من الزواج بجويرية بنتِ أبي جَهلٍ*

لن يهدأ المشكّكُون في دين الله ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربُّك.. يدفنون من الدين كلَّ مُحْكم ولا ينبشون إلا عمَّا يشتبه على بعضٍ ممن لم يتبحَّرْ في علوم الشريعة.. يفتحون القنوات، وينفُثون الشبهات، بل ويُنفقون الأموال.. فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً.. ثُمَّ يُغْلَبُون.

ولا أُراهم لو اجتمعوا جميعاً وتكاثفوا وتكدسوا إلا مثلَ قطٍّ جاء مُتبخْتِرا مزهوّاً كأنَّهُ يحكي انتفاخاً صَولةَ الأسدِ..! ونظر إلى جبلٍ باسق باذخ.. يُطاول أَعْنَانَ السَّماء بغَاربِ(١).. فجاءت لرأسه فكرةٌ طائشةٌ.. أن يُسقِط الجَبَلَ...!!! فقرَّب ما بين قوائمه، وتسنَّم بظهره وتشامخ وأخذ يموء، وجاء لأصل الجبل يخمِشه بأظفاره..! حتى إذا ما أوجعته أظفاره ضَغَا)٢( وانزعج وعلم أنه لا يُحسِنُ إلا مُعابثَة الفراريج ..!!

وتالله لو كان بحَضِيضٍ ما أثّر فيه ولو بعد دُهُور فَكَيْف بالجبل..؟!!

كنت أُحادث رَجُلاً تلوحُ عليه علاماتُ العقلِ والإنصافِ فقال لي: لِمَ يَمْنَعُ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) عليَّ بن أبي طالب من الزواج بجويرية بنت أبي جهلٍ وذلك بعد زواجه من فاطمة مع أن الله أحلَّ التعدد..؟
ومع أنَّه قال (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا))٣( لماذا استثناها فيما كتبه الله على غيرها من بنات آدم..؟
أليست هذه مُحاباةً..؟

فقلتُ في نفسي.. أوَقَدْ تسرَّب إليك هذا الوَضَرُ)٤( يا رجُل..؟!

توضيحُ الإبهام في هذا الأثر يكون من وُجوه:

أولا: صحّةُ الخبر.

الأثرُ قد جاء في البخاري في باب (ذبَّ الرجل عن ابنته في الغَيرةِ والإنصاف) ومسلمٌ في باب (فضائل فاطمة بنت النبي) عن المِسْوَر بن مَخْرَمة)٥(رضي الله عنه فهو حديثٌ صحيح، وله روايات أخرى في كتب السنة.

ولفظُ البخاريّ (عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِنَّ بَنِي هِشَام بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا هَكَذَا قَالَ).
ولفظُ مُسلم (حدَّث عبدُالله بن عُبيد الله بن أبي مُليكة أَنَّ المِسوَرَ بن مَخْرمة حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَلَا آذَنُ لَهُمْ ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ ، إِلَّا أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ ، فَإِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي ، يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا).

وجاء عند أحمد في المُسند عن المسور بن مخرمة أيضاً وفيه (وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلالا وَلا أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللهِ لا تَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَةُ عَدُوِّ اللهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا) قال شعيب الأرنؤوط: صحيح على شرط الشيخين.

الرد على الالتباس من وجوه..

أولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشيطان وكلامه وحيٌ من الله فهو لا ينطق إلا بالحق صلى الله عليه وسلم..

ثانيها: خشيةُ رسولِ الله أن تُفتن فاطمةُ رضي الله عنها في دينِها.

ثالثها: أن هذا الزواج يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يؤذي فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رابعُها: كيف تجتمعُ بنتُ رسول الله وبنتُ أبي جهل ألدِّ أعداء الله ورسوله تحت سقفٍ واحد..؟!
أبو جهل..!! رأسُ المشركين وسَنَدُهم، ورُكنُهم إذا شَرَدُوا وعِمادُهم.. الذي ما فتئ يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم طِيلةَ حياته.. عَلم بصدق رسول الله وجحد، وأغرى ابن أبي مُعيطٍ بإلقاء سَلَى الجَزُور بين كتفي رسول الله)٦(، بل واستحثّ القوم على قتله، ولم يأْلُ جُهداً في الصدِّ عن الإسلام بين الناس)٧(، ولَفَظَ آخرَ نفَسٍ في صدره وهو يَهمِزُ ويَلمِزُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ودعوتَه والصحابة..
أوَليس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشرًا.. يأكلُ ويشرب، يبكي ويضحك، يحزنُ ويفرح، ويُشَجُّ رأسُه، وتُكسرُ أسنانه، ويطلُبُ الدواء ليبرأ..؟؟
أوَلم يخاطبه الله في القرآن (قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ))٨(..؟
أوَلَيْسَ رسولُ الله بشرًا يجدُ شيئاً في نفسه من هذا الرجل الذي نذر حياته كلَّها لإيذائه حتى خَبَتْ جذوتُه وهَلَكَ..؟
كيف يقبلُ أن تجتمعَ ابنتُهُ وريحانتُهُ من الدنيا، سيِّدةُ نساء العالمين، التي أزالت سَلَى الجزور عنه يومَ ابتَدَرهُ القوم بفُحشهم وسَفَهِهِم، التي مسحت الدمَ عن وَجهه الشَّريف يوم جُرح) ٩(.. كيف يقبلُ أن تجتمع مع ابنة أبي جهل تحت سقفٍ واحد عند رجُلٍ واحدٍ..؟

كيف يقبلُ أن يتسلَّلَ إلى نفسِها أيُّ أذىً وهي التي كان إذا دخل عليها قامت إليه وقبَّلَتْهُ، وإذا دخلَتْ عليهِ قام إليها وقبّلها)١٠ (، التي كان من حُبِّه لها يقول (فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي)، التي عانت ما عانت بعد البعثة من حصار في الشِّعب)١١(، ولما خرجت بعد ثلاث سنوات من الحصار الخانق فقدتْ أُمَّها خديجة)١٢(، ثم تتابع الفقدُ بعد الهجرة فماتت رقيةُ ثم زينبُ ثم أمُّ كلثوم)١٣( فليس لفاطمةَ أنيسٌ ولا جليسٌ ولا مُلاطفٌ من أمٍّ أو أخت..!
فكان المنعُ تعظيماً لحقِّ فاطمة لا تحريماً.

وكيف لو تزَوّجها عليٌّ وغارت فاطمة – وهذه طبيعة النساء – فذكرت أبا جهل بسوءٍ ونمَاَ إلى علم جويرية ما قالت فاطمةُ وفي قلبها من غيرة الضرائر ما فيه.. كيف سيكون الحال..؟
ومعلومٌ أن عداوة الآباء قد تؤثر في الأبناء..
فكان من الأَوْلى وَأدُ الصِّراع قبل أن يولد، فدَرءُ المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح.

خامسُها: أن التعدد في الزواج ليس فريضةً من الفرائض فمنعُهُ صلى الله عليه وسلم عليًّا لم يثلُم من دين عليٍّ شيئًا.
ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أَمَا إِنِّي لا أُحرِّمُ حَلالا وَلا أُحِلُّ حَرَامًا) فالتشريعُ باق، والتعدد ثابت ولا خلاف فيه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمه بمضارِّه هُنا وخشيته على فاطمة الفتنة (وَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا أَنْ تُفتَنَ فِي دِيْنِهَا) رغب عنه ولم يأذن به.
بل إنَّه ُكان مُباحاً لهُ أن يتزوج بها كما صرَّح ابنُ حبان)١٤(.. إلا أنه سيكون مقروناً بشيء في نفس المُصطفى صلّى الله عليه وسلم.


سادسُها: هل كَبَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبةً في نفس علىٍّ رضي الله عنه..؟
حاشاه صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان إذا نظر في وجه المرء قرأ مكنونات صدْرِه، وخَلَجاتِ فؤاده..
ولو كانت هناك رغبةٌ في نفس عليٍّ رضي الله عنه لراجع رسول الله في امرأةٍ غيرِها ولكنَّ عليّا لم يخطبْ أو يتزوجْ مع فاطمة في حَيَاتها حتى ماتت.

سابعُها: هل ينتقص هذا من شأن جويرية بنت أبي جهل رضي الله عنها.؟
كلا ولا قيد أُنمُلة..! فلقد كانت جويرية رضي الله عنها قد أسلمت يوم الفتح وحَسُن إسلامُها وكانت لها صُحبةٌ، وروت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجت من ابن خالها عتاب بن أسيد وهو يومئذ أمير مكة، وأنجبت له عبدَالرحمن، رضي الله عن الجميع.)١٥(




الهوامش:
* كان لأبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة من الأولاد: عكرمة وله صحبة وبلاء حسن في الإسلام، أسلم بعد فتح مكة، قتل رضي الله عنه في أجنادين على الأصح، وجويرية التي خطبها علي، وقيل هي جميلة، وقيل العوراء، وجميلة التي سقت النبي صلى الله عليه وسلم ماءً يوم حجة الوداع، وأم حكيم أسلمت يوم الفتح هي وأختيها الحولاء وقيل الحنفاء وصخرة، وكان له من الولد ممن ليس له صحبة زرارة وتميم وعلقمة. انظر نسب قريش لمصعب الزبيري، الإصابة لابن حجر، أسد الغابة لابن الأثير، الطبقات لابن سعد.
)١( الغارب: الكاهل، ومنه قولهم: حبلُكِ على غاربِك. اللسان (غ ر ب).
(٢) ضغا الذئب والسِّنَّورُ والثعلب: صوّت وصاح. اللسان (ض غ و).
)٣( الحديث أنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُها (بنُو مخزومٍ ، وكان لهم عزَّةٌ ومَنَعَةٌ) إلى أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قالَ عُرْوَةُ(يعني ابنَ الزبير): فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسامَةُ فيها، تَلَوَّنَ وجْهُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( من الغضب)، فقالَ: أتُكَلِّمُنِي في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، قالَ أُسامَةُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كانَ العَشِيُّ قامَ رَسولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُها، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُها بَعْدَ ذلكَ وتَزَوَّجَتْ قالَتْ عائِشَةُ (بنتُ الصدَّيق): فَكانَتْ تَأْتي بَعْدَ ذلكَ فأرْفَعُ حاجَتَها إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.. الحديث في صحيح البخاري: كتاب احاديث الانبياء / بابُ حديث الغار) ، (وكتاب الشهادات / بابُ الشهادة القاذف والسارق) ، (كتاب المناقب / بابُ ذكر اسامة بن زيد) وكتاب المغازي / بابٌ: وقال الليث)،(وكتاب الحدود / بابُ إقامة الحدود على الشريف والوضيع) ،(وبابُ كراهية الشفاعة في الحد اذا رفع الى السلطان، وبابُ توبة السارق)
(٤( الوَضَرُ: الدّرَن. اللسان (و ض ر).
)٥( المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَة: صحابي جليل، ولد بعد ابن الزبير، قيل بأربعة أشهر (الاستيعاب)، كان فقيها وَرِعًا حتى روت عنه أمُّه أنه كان لا يشرب الماء من المساجد ويرى أنه صدقة، روي أحاديث، لزم خاله عبد الرحمن بن عوف يوم الشورى، وكان لصيقاً بعمر ابن الخطاب، وشهد له الناسُ بالفضل والدين حتى وفاته سنة أربع وستين من الهجرة رضي الله عنه. للاستزادة: نسب قريش لمصعب الزبيري، والإصابة لابن حجر، وسير أعلام النبلاء للذهبي، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر.
)٦ ( عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بالأمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلى جَزُورِ بَنِي فُلانٍ، فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِي كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، قَالَ : فَاسْتَضْحَكُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ ، لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ ، فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ ، فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ. الحديث في الصحيحين واللفظُ لمسلم في بابِ ما لقي النبيُّ صلّى الله عليه وسلم من أذى المُشركين، والسّلَى "بفتح السين واللام بعدهما ألفٌ مقصورة": الجلدةُ الرقيقةُ التي يكون فيها الولد اللسان (س ل و).
)٧( حديث وفاة أبي طالب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرجو أن ينطق أبوطالب بكلمة التوحيد وكان أبو جهل وعبدُالله بنُ أميةَ يصُدَّانه حتى مات على غير ملَّة التوحيد.. الحديث في البخاري بابٌ إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله عن المسيب بن حَزْن المخزوميّ.
)٨( الكهف: آية ١١٠، فصلت: آية ٦.
) ٩( حديث.." لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْضَةُ (قلنسوة من حديد يلبسُها المقاتل) ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ (رباعِيَة بفتح الراء بدون تشديد بوزن ثمانية هي السنُّ بين الثنيَّة والناب)، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي المِجَنِّ (التُّرس)، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى المَاءِ كَثْرَةً ، عَمَدَتِ الى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا ، وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَقَأَ(سكن) الدَّمُ.. الحديث في صحيح البُخاري بابُ حرق الحصير ليسد به الدم.
)١٠( حديث كانَتْ فاطمةُ إذا دخلَتْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليها فقبَّلها وأجلَسها في مجلِسِه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخَل عليها قامَتْ مِن مجلِسِها فقبَّلَتْه وأجلَسَتْه في مجلِسِها الحديث.. رواه الترمذيُّ وأبو داوود والنسائي واللفظُ للترمذي.
)١١( للاستزادة من خبر الحصار " سيرة ابن هشام " (الجزء الأول ٣٧٤)،" الدرر في اختصار المغازي والسير" لابن عبد البر/ ٥٩-٦٠) و"نسب قريش "لمصعب الزبيري/٤٢٩ ، "الإكمال لابن ماكولا" (٢/٢٩٨) ،"أُسد الغابة "( ٤/٦٢٨) ، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (١١/٢٣٤).

)١٢( تُوُفّيت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعد الخروج من الحصار بأشهر قيل بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام.. في السنة العاشرة من البعثة النبوية.. أُسد الغابة لابن الأثير، البداية والنهاية (٣/ فصل موت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها).
)١٣(كانت وفاة رقية مُنصرفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في العام الثاني من الهجرة النبوية ولها اثنتان وعشرون سنة، ووفاة زينب.. أكبرُ بنات النبي صلى الله عليه وسلم كانت في العام الثامن من الهجرة ولها إحدى وثلاثون سنة، ووفاة أم كلثوم كانت في العام التاسع من الهجرة.
)١٤( قال ابن حبان: " هذا الفعل لو فعله عليٌّ كان ذلك جائزاً، وإنما كرهه صلى الله عليه وسلم تعظيماً لفاطمة، لا تحريما لهذا الفعل" صحيح ابن حبان (٦٩٥٥).
)١٥( الإسلام يهدِمُ ما كان قبله ( رواه مسلم في قصّة إسلام عمرو بن العاص) فإذا اهتدى الكافرُ للإسلام محا الله ما كان في صحائفه قبل الإسلام وغدا كالمُسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وما إسلام خالد بن الوليد ببعيد وهو الذي كان سيفاً ممشوقا في وجه المسلمين فلما أسلم أصبح سيفًا من سيوف الله ( البخاري باب غزوة مؤتة من أرض الشام) ووحشيُّ بن حرب قاتلُ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة لمَّا أسلم في الفتح مع وفد الطائف أجلسَه رسول الله بين يديه ليَسرد له كيف قتل حمزة ثمّ طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُغيِّب وجهه عنه (سرد قصّتَه البُخاريُّ في صحيحه بابُ قتل حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه) وعاش وحشيٌّ بحمص وبها مات رضي الله عنه.. وإنَّ من الغفلة بمكان أنْ يُفهم من هذا الكلام أن الصَّلاح في الدين يرادف الملاءمةَ في الزواج، أو أن عدم التناسُب في الزواج يعني قدحًا في أحد طرفيه..! وهذا ملموس تُبصره العيون من حولنا.