سمت الصالحين هو الحياء والحياء هو كما يعرفه المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما الحياء من الله حق ...

سمت الصالحين هو الحياء
والحياء هو كما يعرفه المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما الحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وأن تحفظ البطن وماحوى وأن تذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا
وفى الحديث واتق المحارم تكن أعبد الناس
وحينما ترقب الصالحين وتتفرس وجوههم لا تجد إلا وجه كساه التواضع فلا تكبر (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )
فلا تلحظ فى وجهه كبر ولا فى كلامه ولا فى مشيه ولا فى كافة شؤونه فكساه الله بهذا التواضع رفعة
وترى فى عينه وفى سمعه وفى وجهه وفى لسانه وفى يده وفى كافة أعضائه وجسده انقباضا عن الحرام فتجد ه يغض عينه عن محارم الله فلا نظرة محرمة للنساء ولا نظرة فيها طمع للدنيا ولا نظرة فيها احتقار لأحد ولا نظرة فيها كبر
ولا نظرة فيها غمز ولمز ولا إيذاء
وتجد وجهه ينقبض عند رؤية الحرام أو سماعه غضبا لله
وتجد لسانه ينقبض عن الحرام فلا ينطق به
وتجد فكره وعقله ينقبض عن الحرام فلا يفكر فى تدبير مكر ولا إيذاء لأحد ولا سوء ظن لمسلم ظاهو الصلاح أو مستور الحال
وتنقبض يده أن تعطى أو تأخذ محرما أو تفعله أو تشارك فيه
وتنقبض بطنه عن تناول الحرام فتراه حريصا على تحرى لقمته
وينقبض فرجه فلا يشتهى إلا ما أحله الله وتنقبض رجله عن السعى إلى الحرام وتنقبض عن مشية الحرام
وهذا القبض يقابله بسط آخر وكل نابع من القلب الذى بصلاحه صلاح الجوارح وبفساده فساد الجوارح كما أشار الحبيب المصطفى الله عليه وسلم ألا وإن فى الجسد مضعة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب واعتبر بهذه الجمله وبداية الحديث الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله فى أرضه محارمه
والبسط الذى يقابل هذا القبض يكون فى طاعة الله فتجد اللسان ينبسط بذكر الله والكلمة الطيبة والوجة بالإبتسامة والعين ترى فيها أثر الإبتسامة والصدق والتواضع والرحمة وتجد من السمع الإنصات لما هو خير وتجد اليد تنبسط بالعطاء والمعاونة على الخير ولا تجد يدخل بطنه إلا أكل الحلال وكذلك الفرج والرجل فلا تجده يسعى إلا إلى الخير إلى المساجد إلى إصلاح بين اثنين إلى قضاء حاجة لمسلم إلى تنفيس كرب مكروب إلى عيادة مريض إلى تعزية مصاب إلى اتباع جنازة إلى فقير يعطيه من الزكاة والصدقة إلى صلة رحم إلى زيارة أخ له يحبه فى الله
وقلنا هذا القبض والبسط من القلب وهذا ناتج عن معرفة الله عزوجل فمن عرف الله بكماله وجماله وعظمته وسعة رحمته وإحسانه وشدة عقابه وانتقامه انقبض القلب وانبسط حبا وتعظيما وخوفا ورجاء وطمعا