خلق السموات والأرض (التفسير العلمي للآيات ) يقول الله تعالى {{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ ...

خلق السموات والأرض (التفسير العلمي للآيات )
يقول الله تعالى {{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }} " يس , 82 "
هذه عظمة الله وقدرته التي لا يعجزها شئ : أنه سبحانه قال للكون كن فكان على الوجه الذي أراد وقد بين ذلك مفصلا في كتابه وبين أن خلق السموات والأرض كان لحكمة بالغة وهي ابتلاء بني آدم واختبارهم فيقول سبحانه {{ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }} " هود , 7 " : يستفاد من الآية أن خلق السموات والأرض تم في ستة أيام وأن خلق العرش قبلهما وأن هذا العرش كان على الماء وهو تصوير في غاية الدقة لحالة الكون آنذاك لا نفهمه الآن لكن بعد تعمق وفهم أكثر لخفايا الكون قد نفهمه مستقبلا ولكن نفهم في الوقت الحاضر من الآية أن السموات والأرض التي خلقت حينئذ هي أرضنا وغلافها الجوي بطبقاته السبع :( السموات السبع ) فخلقهما ضروري لحياتنا ومرتبط بها فلعل هذا هو المقصود بقوله تعالى في الآية {{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }} : أي أن خلقهما لاختبارنا يدل على ارتباطهما بحياتنا وكونه ضروري لها وهو ما ينطبق علي الأرض وغلافها الجوي بطبقاته السبع ولا
ينطبق على افتراض أن السموات المذكورة في الآية هي الكون . ومما لا شك فيه أن السماء والسموات بلغة العرب الذين نزل بلغتهم القرآن تطلقان على كل ما هو فوق الأرض وجبالها ابتداءا من الغلاف الجوي إلى حافة الكون .
ولذا نجد في القرآن بعض الآيات التي جاء فيها ذكر السماء يقصد بها الكون كقوله تعالى {{ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا }}
" الفرقان , 61 " :
البروج في اللغة هي الأبنية الضخمة والمرتفعة وهي في الكون التجمعات المجرية الضخمة والهائلة العدد وما يعرف بأعمدة الكون وهي أعمدة بعيدة عنا في المجرة شديدة الضخامة والإرتفاع إذ يقدر إرتفاع وضخامة الواحد منها بنظامنا الشمسي كله .
وكقوله تعالى {{ وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }} " الذاريات , 47 " : الآية تثبت ما يعرف عند العلماء بتوسع أو تمدد الكون .
ونجد بعض الآيات التي جاء فيها ذكر السماء يقصد بها الغلاف الجوي بطبقاته السبع كقوله تعالى {{ وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ }} " الطارق , 11 "
الرجع : هو الإرجاع للمطر باتجاه الأرض وإرجاع الأشعة الضارة بعيدا عنها وهو خاصية جعلها الله في طبقات الغلاف الجوي .
وكقوله تعالى {{ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) }} " نوح , 15 , 16 " : لآيات تنطبق على الغلاف الجوي للأرض وما جعل الله فيه من خواص ككونه سبع طبقات بعضها فوق بعض وكونه يشع ضوء الشمس ونور القمر فنراهما فيه سراجا وقمرا منيرا .
وكقوله تعالى {{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) }} " فصلات , 9 إلى 12 " : الآيات تشرح خلق الأرض وغلافها الجوي ذوا السبع طبقات في ستة أيام وتبين أن خلق الأرض تم في يومين و أن الله جعل فيها
رواسي من فوقها ( جبالا تثبها ) وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام (الأقوات : هي كل ما في الأرض غير تربتها وجبالها ) قد يخطر لمن ليس له دراية بالتفسير أن خلق الأرض وجبالها والمباركة وتقدير الأقوات فيها تم في ستة أيام ثم خلقت السموات ( الغلاف الجوي بطبقاته السبع ) في يومين فيكون المجموع ثمانية أيام وهذا ممتنع لأن الله ذكر في آيات كثيرة أن خلقهما كان في ستة أيام منها قوله تعالى
{{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ }} .
" ق , 38 "
أما كيف يكون مجموع ذلك ستة أيام فيستفاد من قوله تعالى {{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }}
" البقرة , 29 " : يستفاد من الآية أن خلق السماوات تم بعد خلق الأرض وما فيها جميعا ونحن نعلم أن السموات خلقت في اليومين الأخيرين من الأيام الستة فيكون خلق الأرض وما فيها جميعا تم في الأيام الأربعة الأولى أي أن خلق الجبال والمباركة وتقدير الأقوات في الأرض كان في هذه الأيام واشترك مع خلق الأرض في اليومين الأولين وأكمل بعد خلقها يومين فيكون المجموع أربعة أيام ولفهم أكثر لهذا نطرح فرضية توافق القرءان ولا تعارض العلم هي أن خلق طبقات الأرض الستة غير الطبقة الأولى تم في اليومين الأولين أما الطبقة الأولى من الأرض التي تعرف بالقشرة الأرضية وهي التي فيها الجبال والمباركة وتقدير الأقوات من الماء والشجر والنبات والدواب فبدأ خلقها مع خلق الطبقات الستة ولم يكمل إلا بعد تمام أربعة أيام وعلينا أن نفهم من هذا أن البحار والأنهار والأشجار والنباتات والدواب كلها لم تنشأ في هذه الأيام وإنما قدرت : ( خلق أصلها ) . فلما تم خلق الأرض وما فيها جميعا في أربعة أيام استوى الله إلى السماء أي غلاف الأرض الجوي وهو عبارة عن دخان فجعل منه سبع طبقات ( سبع سموات ) في يومين {{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }} : " وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا " : أي جعل في كل طبقة ما تختص به من حفظ لأرض وساكنها أو ما يحتاجانه من الرجع وإشعاع الضوء وجعل في كل سماء ملا ئكتها يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون . " وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا " : أي جعل الله المصابيح تزين السماء الدنيا وحفظا من الجن
يقذف بها من أراد استراق السمع منهم يقول سبحانه {{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) }} " الصافات " : يستفاد من الآية أن الكواكب أي النجوم تزين السماء الدنيا ولهذا يرى جمهور أهل العلم اليوم أن طبقات الغلاف الجوي لا يمكن أن تكون السموات السبع لأنها لا تحوي النجوم التي هي زينة السماء الدنيا وقد كنت متمسكا بهذا عاضا عليه حتى ظهر لي أن اعتبار طبقات الغلاف الجوي هي
السموات السبع لا يعارض القرآن بل يوافقه في كثير من الآيات ولا يعارضه في آية واحدة ذلك أن قوله تعالى {{ وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا }} : لا يعني
بالضرورة أن تكون هذه المصابيح في السماء الدنيا فهي زينتها مع أنها خارجها فلو قال جعل فيها أو خلق فيها المصابيح لكان لازما فهم أنها فيها ولكن قال أنه زينها بها ثم أوضح هذا المعني في قوله {{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ }} : أي جعل زينة الكواكب ( النجوم ) زينة للسماء الدنيا يعني طبقة الغلاف الجوي الدنيا وهذه المصابيح التي هي زينة السماء الدنيا جعلها الله رجوما للشياطين تقذف بها
{{ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ }} " الملك , 5 " فهل المقصود أن النجوم بعينها راجمات للشياطين أم أن منها ما هو كذلك كالشهب أما الأول فهو مستبعد وذلك لبعد هذه النجوم وكونها خارج أقطار الأرض وغلافها الجوي والثاني محتمل لتوافقه مع الآيات السابقة من الصافات وقد يكون المقصود أن في الغلاف الجوي خواص تجعله يحوي شعاع هذه النجوم فنراها زينة لطبقته الدنيا ثم يشعها بأمر الله على من أراد الصعود من الشياطين واستراق السمع إلى الملإ الأعلى وهل تلك الخواص هي مواقع النجوم التي أقسم الله بها في قوله {{ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ }} " الواقعة , 75 " ؟ العلم والعلماء لا يملكون إجابة على هذ السؤال اليوم ولكن قد يملكون الإجابة عليه في المستقبل خاصة إذا اهتم به علماء الإسلام وكانت لهم وكالة فضاء دولية مثل وكالة ناسا .
ومن الآيات التي يستدل بها العلماء على أن السموات السبع ليست الغلاف الجوي بطبقاته السبع قوله تعالى {{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)

يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ (35) }} " الرحمن " فيقولون أن السموات تقع فوق الكون محيطة به على بعد عشرات المليارات من السنين الضوئية فلهذا لا يمكن لأحد من الإنس والجن الوصول إليها لبعدها مما يعني استحالة النفاذ منها وأن هذا هو الإعجاز في الآية وقد كنت أقول بهذا حتى تبين لي أن الإعجاز في الآية أقرب من ذلك فهي إخبار من علام الغيوب بحالة عصرنا وما وصل إليه من تقدم علمي وزهو فنجد فيها إشارة إلى قدرة البشر أنها ستضاهي قدرة الجن في العروج إلى السموات ثم فيها إشارة إلى إمكانية وصولهم إلى السموات ثم يمنعون بإرسال شواظ من النار والنحاس {{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ }} ثم فيها إشارة إلى اتصال أقطار السموات والأرض وهذا ما ينطبق
على الأرض وغلافها الجوي فالآية تنطبق على الغلاف الجوي بطبقاته السبع وما يحدث لمن يريد النفاذ خارجه يوم القيامة فهي تصور ما يحدث للإنس والجن يومئذ من محاولة النفاذ من الغلاف الجوى للأرض والسفر لكواكب أخرى فيمنعون بإرسال قطع من النار والنحاس عليهم ثم إنها تصور بعض ما يحدث لهم لآن
فمن المعلوم المؤكد عند العلماء أن النفاذ من الغلاف الجوي يعرض رواد الفضاء للرياح الشمسيه وأن عددا لا يحصى من الشهب يحترق يوميا في الغلاف الجوي وهذا يوافق قوله تعالى {{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ }}
ترسل الرياح الشمسية على البشر فلا ينتصرون وترسل الشهب على الجن فلا ينتصرون : أي لا يستطيعون النفاذ أما ما تدعيه الولايات المتحدة الأمريكية من إرسال رواد فضاء إلى القمر فالراجح أنه مجرد إدعاء ولو سلمنا بصحته فهو لا يعارض لآية لأنها تصور أحداث يوم القيامة أن الأنس والجن لن يستطيعوا النفاذ من أقطار الأرض وغلافها الجوي يومئذ ثم إن ما أدعته الولايات المتحدة الأمريكية من إرسال رواد الفضاء إلى القمر كان أمرا نادرا وقد أشارت الآية إلى أنه قد يسمح لمثله بالنفاذ {{ لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ }} : السلطان المقصود هنا هو سلطان الله وتسخيره وذلك لحكمة بالغة يعلمها سبحانه منها ما رأينا من السماح لأجهزتهم بالنفاذ وذلك لتصوير عظمة الله وإبداعه في الكون وإظهار معجزات القرآن للمسلمين فيزدادون إيمانا ويكون ما يصورون حجة عليهم لأنه شهادة للقرآن بأنه كلام الخالق سبحانه شهادة هم من صوروها ورأوها فلو كان المسلمون هم الذين اكتشفوا أغوار الكون ومعجزات القرآن في تصوير ذلك ثم أوقفوهم عليها لقالوا إن المسلمين يكذبون ليوافقوا كتابهم المقدس ولكن شاء الله أنهم هم من يصورون ويكتشفون فإذا اكتشفوا أو صوروا آية تدل على عظمة الله وإبداعه في الكون نجد ذكرها في القرآن وأمثلة ذلك كثيرة نذكر منها ما خاطبهم الله تعالى به في شأن خلق السموات والأرض وأنهم سيرونه ويكتشفونه وأنه دليل على صدق رسالة الإسلام وتأيدي الله لها فيقول
سبحانه مخاطبا لهم {{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32 }} " الأنبياء 30 إلى 32 " الآيات كلها إعجاز فكون السموات والأرض كانتا رتقا أي كتلة واحدة ففتقهما الله أي جعلهما تنفصلان واكتشاف الكافرين لذلك كما أشار القرآن دليل على أنه كلام الله علام الغيوب الذي أحاط بكل شئ علما ومن الإعجاز في الآية أن السموات هنا تنطبق علي الكون وتنطبق علي الغلاف الجوي بطبقاته السبع فكلاهما كان رتقا مع الأرض ثم
أنفصل عنها و اكتشافهم أن الماء أساس الحياة على الأرض واكتشافهم أن الجبال
رواسي للأرض تثبتها من الإضطراب وتباعد الصفحات التكتونية وارتطامها كما تثبت الأوتاد الخيمة واكتشافهم أن السماء سقفا محفوظا والمقصود بها الغلاف الجوي بطبقاته السبع فهو سقف محفوظ من اختراق الجن والأشعة الضارة والرياح الشمسية وهوسقف يحفظ الأرض وساكنها من ذلك ومن أعظم أوجه الإعجاز في الآية إخبارها أن الكفار سيرون ذلك ثم يعرضون عنه وهو ما حصل في عصرنا .
وقد ورد في خلق السموات والأرض عشرات الآيات غير التي ذكرنا كل آية منها معجزة بحد ذاتها لا نستطيع تفسيرها كلها إلا إذا خصصنا لها كتابا ووردت عدة أحاديث صحيحة نذكر منها حديثين :
الأول جاء في صحيح البخاري عن عمران ابن الحصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {{ كانَ اللَّهُ ولَمْ يَكُنْ شيءٌ غَيْرُهُ، وكانَ عَرْشُهُ علَى المَاءِ، وكَتَبَ في الذِّكْرِ كُلَّ شيءٍ، وخَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ }} : الحديث صحيح يتوافق معناه مع الآيات السابقة و نستفيد منه عدة أسئلة هل ذلك الماء الذي كان تحت العرش هو أصل الكون مع العلم أن أصل الجميع العدم ؟ وما علاقته بقول الله تعالى {{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ }} ؟ وهل العرش هو سقف الكون : أما السؤالين الأولين فلا أحد يملك الإجابة عليهما وأما كون العرش سقف الكون فدل عليه حديث أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ الذي دل على أن فلك الشمس تحت العرش وفلك الشمس مثل فلك كل النجوم قَالَ {{ كُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد عِنْد غُرُوب الشَّمْس فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا ذَرّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُب الشَّمْس؟" قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد تَحْت
الْعَرْش فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: "وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم" }}
" صحيح البخاري " : الفهم الصحيح الذي يتوافق مع نص الآية لهذا الحديث أن الشمس تجري في فلكها نحو مستقرها تحت العرش تسجد لله وتسبح بحمده فيؤذن لها بالطلوع كل يوم حتي تبلغ المستقر الذي ستستقر فيه حينها ستغرب فيه الغروب الأكبر وهو الغروب لمقصود في الحديث ثم تطلب الإذن فيقال لها إرجعي من حيث جئت فتطلع على الناس من مغربها دل على هذا رواية أخرى للحديث في الصحيحين جاء فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر {{ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب ؟ قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد تَحْت الْعَرْش فَتَسْتَأْذِن فَيُؤْذَن لَهَا وَيُوشِك أَنْ تَسْجُد فَلَا يُقْبَل مِنْهَا وَتَسْتَأْذِن فَلَا
يُؤْذَن لَهَا وَيُقَال لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَطْلُع مِنْ مَغْرِبهَا فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :
" وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيمِ . {{ "
الثاني عن أَبي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بنِ الحارثِ عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ ... " الصحيحين " : يستفاد من الحديث أن لأصل في حساب الزمن حساب لدوران لجرم ما وفي هذا إشارة صريحة إلى ما توصل له العلماء اليوم من حساب للزمن بإكمال دورتي الأرض والقمر ولكن ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم من استدارة الزمن عام حجة الوداع فلا أحد يعلمه إلا الله ومع تقدم العلم واهتمام علماء المسلمين بالإجابة عليه قد نتمكن من الإجابة عليه في المستقبل .