أسباب النصر والتمكين يقول سبحانه {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ ...

أسباب النصر والتمكين
يقول سبحانه {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41) }} " الحج "
يستفاد من الآيتين أن الله ينصر المسلمين ويستخلفهم في الأرض إذا اعتصموا بدينه ونصروه وتوفرت فيهم شروط التمكين :
أولا : أن تكون عقيدتهم صحيحة يعبدون لله وحده لا يشركون به شيئا لقوله سبحانه في سورة النور {{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }} " النور , 55 "
ثانيا : أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر
وقد رأينا في عصرنا الاستخلاف الذي وعد لله به في عدة بلدان لكن المسلمون أفسدوه بمخالفتهم للسنة وقتالهم بينهم وفشلهم وتنازعهم فحق عليهم قول الله
سبحانه {{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ }} " آل عمران , 158 " : الآية نزلت بعد غزوة أحد لتبين للمسلمين سبب خسارتهم في الغزوة ذلك أن بعض الرماة خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفشلوا وتنازعوا في الأمر بعدما رأوا النصر في بداية المعركة ففرحوا به وخالفوا أمر الرسول بالثبات في أماكنهم وذهبوا يجمعون الغنائم ويقول سبحانه مخاطبا لهم في نفس الأمر {{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }}
" آل عمران , 165 "
هذا ما حصل للصحابة رضي الله عنهم لأنهم خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فماذا سيحصل لنا وقد استبحنا دماءنا وقاتلنا بعضنا وأسأنا للإسلام وخالفناه بأعمالنا كقتلنا للأطفال والنساء والذمين والمسالمين وتمثيلنا بالقتلى وكيف نرجوا النصر وفتح دمشق وقتل الطاغية بشار قبل أن نتوب إلى الله من ذالك وماذا نتوقع أن يحصل لنا أقل من الهزائم والخسائر ألا تتجلى لنا حكمة الله في تأجيل النصر الذي نرجوه في بلاد الشام حتى لا تتحول من بلاد الرباط والجهاد والاستشهاد في سبيل الله إلى بلاد الفتنة والمعصية ودخول النار بقتالنا بيننا .


لذا يجب أن نتوب إلى الله من هذا كله وتخشع قلوبنا لذكره يقول سبحانه {{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }} " الحديد , 16"
و أن نستعين بأسباب النصر و معية الله : بذكر ه وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ولابتعاد عن التنازع والخلاف والثبات والصبر عند لقاء العدو يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) }} " الأنفال " .
{{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }} : وكفى بالله إذا كنا من الصابرين فلن نهزم أبدا لأن الله معنا وقد وعدنا بإرسال الملائكة لنصرتنا إذا صبرنا واتقينا يقول سبحانه {{ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) }} " آل عمران "
وبالإيمان بالله والتوكل عليه يقول سبحانه {{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }} " آل عمران , 139 " : المؤمنون هم الذين يتصفون بصفات الإيمان المذكورة في قوله سبحانه {{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) }} " الأنفال " ويقول سبحانه {{ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }} " آل عمران , 160 " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال {{ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }} قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا {{ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}} " آ ل عمران , 173 " " صحيح البخاري "
وبتقواهم وخشيتهم لله وإحسانهم في عبادته وعلى خلقه يقول سبحانه {{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ {{ "النحل ,128 "
وبإعدادهم وتنظيمهم كما أمر الله {{ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }} " الأنفال , 60 "
ولعل أنجح أسباب النصر التي ينصر بها المسلمون الدعاء والتضرع إلى الله والإحسان على ضعفاءهم يقول سبحانه {{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }} " النمل , 62 "


وعن عبد الله ابن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض أيامه التي لقي فيها العدو وانتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال {{ أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوْ وَاسْأَلُوا الله الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُّوفِ اللَّهُم مُنَزِّلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمِ الْأَحْزَابِ اهُزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ }} " الصحيحين "
وعن مصعب ابن سعد قال رأى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه فقال النبي صلى الله عليه وسلم {{ هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَاءِكُمْ }} " صحيح البخاري " .