تفسير الآية 186 من البقرة وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ...

تفسير الآية 186 من البقرة
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
التفسير
يستفاد من الآية أن الأصل في الدعاء أنه ما من سائل من المسلمين يسأل الله إلا وجده قريبا منه وأجاب دعائه فما من عبد مسلم يمد يديه إلى الله يسأل شيئا يجوز سؤاله وله الخير فيه إلا وأعطاه له أو أعطاه ما هو خير منه أو رفع عنه بلاءا كان نازلا به وأثابه بأجر الآخرة يقول سبحانه {{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }} " غافر , 60 "

وفي صحيح ابن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم {{ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ }}
وليكون المسلم موفقا في إجابة الدعاء يجب أن يكون من الذين ليس للشيطان عليهم سلطان لقوله سبحانه مخاطبا إبليس {{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }}"الحجر 42"
فهم عباد الله المخلصين له ذوا الدعاء المجاب الذين ليس للشيطان عليهم سلطان وهذا ما يقر يه إبليس في قوله سبحانه عنه {{ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) }} " ص "
ثم عليه أن يكون مخلصا لله في دينه ودعائه لقوله سبحانه {{ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }} " غافر , 65 " , وأن لا يظن بالله عدم إجابة دعائه لقوله سبحانه {{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا }} " الفتح , 6 " وأن لا يستعجل الإجابة عَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: {{ يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي. }}
" متفقٌ عَلَيْهِ " : فكم من سائل يسأل الله ثم يستعجل في الإجابة قبل أن تتم له أو ٌأن الله يعطيه ما هو خير له مما سأل لكنه لا يرى ذلك لضعف بصيرته .
ثم عليه أن يكون مكسبه من الحلال عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" أَيُّهَا النَّاسُ ؛ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ،
فَقَالَ: {{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}}
وَقَالَ :{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }}
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ" صحيح مسلم
وأن لا يدعو بما خص الله به الأنبياء من المعجزات ومشاهدة الغيبيات لقوله سبحانه {{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء }}
" آل عمران , 179 "
وأن لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم لقوله سبحانه زاجرا عن ذلك {{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23) }} " محمد " .