إقامة الحدود وقدرها يقول سبحانه {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي ...

إقامة الحدود وقدرها
يقول سبحانه {{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }} " النحل , 91 "
لما أمرالله بالعدل والإحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر كان من حكمته أن شرَّع حدودا يتحقق بها ذلك وبين الحكمة عند كل حد منها ففي حد القتل يبين أن الحكمة من القصاص في القتل تتحقق به حياة الأبرياء ويدرأ الفتنة بين المومنين يقول سبحانه في ذلك {{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }} " البقرة , 179 " ويقول سبحانه {{ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ }} " البقرة , 191 "
وفي حد السرقة يبين أن الحكمة من الحد فيها هو النكال بالسارق ليكون عبرة لملاين السارقين فيزجرهم عن السرقة يقول سبحانه {{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }} " المائدة , 37 "
والحكمة من حد الرجم هي النكال من الله بالزناة المحصنين ليتوبوا ويكفر عنهم ذنوبهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ وقد قرأناها
{{ الشَّيْخُ وَ الِشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالاً مِنَ الله والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ }} "الصحيحين"
ويقول سبحانه عن الزاني والزانية اللذين لا يقام عليها حد الرجم لأنها ليسا محصنين : أي لم يسبق عليهما نكاح صحيح {{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }} " النور , 2 "
ويبين سبحانه الحكمة من حد الحراب أنه الخزي لأصحابه في الدنيا إن لم يتوبوا قبل ٌأن يقدر عليهم يقول سبحانه {{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) }} " المائدة "
وأهل الحراب الذين يقام عليهم حد الحراب هم الجماعة التي تخرج في بلاد المسلمين تقتل وتسرق وتغتصب المال والأعراض بالسلاح وغير ذلك من الإجرام الذي تقوم به مثل هذه الجماعات كبيع الأعضاء البشرية وهؤلاء إذا قدر عليهم قبل أن يتوبوا يقام عليهم حد الحراب والحدود الأخرى التي ارتكبوها أما إذا تابوا قبل أن يقدر عليهم فيسقط عنهم حد الحراب لقوله سبحانه {{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }} , وتبقى عليهم الحدود الأخرى وضمان الأموال التي استولوا عليها أو أفسدوها .
ومن رحمة الله بهذه الأمة أن حد الزنى لا يثبت إلا بالإقرار أو الحمل أو شهادة أربعة شهود يشهدون أنهم رأوا الزانين في حالة ارتكابهما للزنى فإن اختلفوا في شهادتهم لم تقبل شهادتهم وأقيم عليهم حد القذف وهو ثمانون جلدة تقام على كل من رمى مسلما بالزنى ولو بالتعريض يقول سبىحانه {{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }} " النور , 4 "
ومن رحمته أن حد السرقة لا يقام إلا بعدة شروط يصعب تحققها جميعا أولها أن تثبت السرقة ويكون ذلك بالإقرار أو بشهادة عدلين يشهدان على السارق , وانتفاء الشبهة : بأن لا يكون للسارق حق في المال المسروق ومنها أن يكون المال المسروق في حرز وأن يبلغ نصابا وهو ثلاث دراهم أو ربع دينار وقد عد العلماء عدة شروط غير هذه يجب توفرها وإلا سقط الحد .