الاستدلال بالظني في العقيدة المقدمة: الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة ...

الاستدلال بالظني في العقيدة

المقدمة:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد ﷺ وعلى آله وصحبه وزوجاته الطيبين الطاهرين وبعد.
لقد اخترت أن أضع عنواناً لبحثي، ألا وهو "الاستدلال بالظني في العقيدة" على العناوين المعروفة، ألا وهي: [هل خبر الواحد يفيد العلم] من أجل أن يشمل بحثي كل دليل ظني وليس فقط خبر الواحد بطريق الآحاد الوارد عن الرسول ﷺ.
من المعلوم أن أي موضوع يختار للكتابة فيه له من الأهمية بمكان ، وخصوصاً إذا كان بحثاً شرعياً لأن البحث الشرعي الغاية منه تبين حكم الشارع في المسألة المبحوث عنها، ومن المعلوم أن الموضوع إذا كان يخص أمراً في العقيدة كان له أهمية كبيرة ، لأن العقيدة من أهم الأمور التي يجب أن نهتم بها.
إن موضوع الاستدلال بالظني في العقيدة هو من أهم المواضيع التي يجب أن نعرفها وألا نكون غوغائيين في طريقة النظر إلى هذا الموضوع، لما يترتب على اختلاف النظرة في هذا الموضوع من قضايا خطيرة، واختلافات عقائدية وآثار عملية على جانب كبير من الخطورة في واقع المسلمين.
والناظر في واقع المسلمين قديماً وحديثاً وما ألمَّ بالمسلمين من اختلاف في العقائد وحتى في الأمور السياسية، ونظر نظرة تمعن ليس فيها تعصب ، وجد أن أكثر الاختلاف بين المسلمين مردُه إلى الأدلة التي اعتمدوها في مواضيعهم وهذا الأمر ليس خاصاً بالمسلمين بل هو عام في كل البشرية وفي كل الأديان على مر العصور.
قال تعالى ﷽ {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}
[سورة الشورى الآية 14]
وأيضاً قال تعالى ﷽ {كانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٢١٣﴾}
[سورة البقرة الآية 213]
فالله عز وجل أخبرنا أن الناس كانوا أمة واحدة وعلى الرغم أن البينات قد جاءتهم ومع هذا اختلفوا والسبب في الاختلاف أمران:
الأول: صاحب هواً ليس همه معرفة الحق، فبغى في الأرض وأفسد في دين الله، من أجل أن يُشبع هواه.
الثاني: صاحب علم ولكنه تعصب لرأيه، واكتفى بعلمه الذي تعلمه، فلم يدفعه علمه إلى البحث بتجرد واستنارة إلى عدم التعصب والنظر في كل مرة إلى أدلته لعله يلحظ دليلاً جديداً في مسألته أو فهماً لعالم لم يطلع عليه من قبل أو اطلع ولكنه لم يلفت انتباهه إلى فهم جديد.
والناظر إلى سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وجدهم دائماً ينظرون إلى أدلتهم فما وجدوه ضعيفاً تركوه وأخذوا بالرأي بالجديد، وكان الحق عندهم أحق أن يتبع، والنقل عندهم مستفيض في اتباع الحق والدليل وقوة الدليل، كل هذا فعله السلف الصالح من أجل أن يبقى الدين نقياً صافياً، فكلما كان الأصل الذي تبني عليه رأيك قوياً من حيث الثبوت ومن حيث الدلالة والفهم ، كلما كان رأيك راجح غير مرجوح ، وراسخاً رسوخ الجبال.
ونحن في موضوعنا هذا لا نبحث مسائل العقيدة، فكلامنا عن الاستدلال بالظني في العقيدة فقط لا غير، وليس موضوعنا الأحكام الشرعية ، فمن المعلوم أن الأحكام الشرعية الراجح فيها من قول أهل العلم ، أنها تثبت بطريق الظن والآحاد ، وهذا قول عامة أهل العلم من السلف والخلف من الصحابة والتابعين ، ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا، ولم يقل غير هذا الرأي إلا آحاد الناس والله أعلم.
أما موضوعنا "الاستدلال بالظني في العقيدة" فقد تم الاختلاف فيها قديماً وحديثاً على رأيين:
الأول: يمنع أخذ العقيدة عن طريق الظن وهم الأكثر من علمائنا.
الثاني: يجيز وهم الأقل.
وكما هو معلوم إن الحق لا يعرف بكثرة قائله، فالحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق، لأجل ذلك يجب على كل مسلم غايته الحق مناقشة أي موضوع وخصوصاً إذا كان يتعلق في عقيدته، لأن هذا الموضوع كما هو معلوم يرتبط به كفر وإيمان، ويرتبط به هدى وضلال، ويرتبط به سفك للدماء أو حقن للدماء، لأجل ذلك على الباحث عن الحق أن يعتمد أدلة ليس كأي أدلة.
والناظر إلى الشريعة الإسلامية نظرة تفكر يجد أن الأحكام التي تتعلق فيها دماء وكفر وإيمان، يوضع لها شروط كثيرة وضوابط كثيرة، من أجل حفظ دماء الناس وحفظ إيمانهم . فمسألة الزنا مثلاً : وضع لها الشرع أربعة شهود، لأنها مسألة خطيرة تتعلق فيها دماء وأعراض . وقطع يد السارق وضع لها الشرع شروط كثيرة لأنها مسألة تتعلق في أموال وأعضاء الناس، فما بالك عقيدتهم أيعقل أن يجعلها الشرع كأي حكم عادي ، فالخطأ فيها عواقبه كبيرة سواء في الدنيا أو في الآخرة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أهمية البحث.
إن موضوع الاستدلال بالظني في العقيدة أو ما يسمى خبر الواحد أو الآحاد هل يفيد العلم أي هل يفيد اليقين، وعلى هذا هل يصح أن نجعله دليلاً على العقيدة أم لا، هو موضوع قد تكلم فيه العلماء قديماً وحديثاً، وكان له الخطورة بمكان سواء في الماضي أو في الحاضر، فهذا الموضوع له الأثر في إيمان الناس وكفرهم وهداهم وضلالهم فكان له من الهدى والضلال والولاء والبراء والمعادة والمولاة الشيء الكثير، ولعل ما يحصل في بلاد المسلمين وخصوصاً سوريا والعراق من ظهور بعض الأفكار التي تنادي بالتكفير وما سبقها من أفكار لبعض الذين سبقوهم من الخروج والمعتزلة والشيعة وغيرهم الكثير ، و قد قاموا بتقسيم الناس إلى مهتد وضال.
فإنه من وجهة نظري إن من أحد أهم الأسباب التي أوجدت هذه الظاهرة هو موضوعنا "الاستدلال بالظني في العقيدة" لأن الدليل سواء في فهمه أو ثبوتيه له الأثر الكبير في الحكم، وهذا الأمر لا يخفى على كل من له طرف من العلم الشرعي.
فإني أوصِ نفسي أولاً وكل قارئ لهذا البحث المتواضع، ألا يتعصب لمذهبه أو شيخه أو حزبه أو أي شيء آخر، فإني لم أكتب هذا الموضوع وقصدت به أحداً وإنما كتبته من أجل الإسلام ومن أجل أن تقل دائرة الخلاف بين المسلمين ويرجعوا أمة واحدة كما أرادهم الله تعالى.
فعلى القارئ أن ينظر إلى قوة الدليل من حيث الثبوت والفهم، وألا يجعل المستدل بالدليل أعلى من الدليل، فإن هذا ليس من الإنصاف ولا من التقوى في شيء، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.








أهداف البحث
1- إن الهدف من وراء هذه المسألة ليس لمجرد الترف الفكري ولا زيادة معلومة نسيها الناس فكان الهدف تذكير المسلمين بها، لا ليس ذلك الهدف من البحث، وإنما الهدف هو معالجة مسألة لها ارتباط بالعقيدة لأن لها الأثر الكبير سواء في الماضي أوفي الحاضر ، ظهر أثرها بشكل كبير بين المسلمين.
2- إن الهدف هو إرجاع المسلمين أمة ذات فكر واحد كما كانت أيام النبي ﷺ وأيام الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين.
3- المسلمون لن يرجعوا أمة واحدة ذات عقيدة واحدة وفكر واحد مالم يتوحدوا على مرجعٍ يكون هو الأساس في مصدر عقيدتهم وفهمها.
4- إن المسلمين إذا كان لهم مصدراً واحداً في عقيدتهم سواء من حيث الثبوت أومن حيث الدلالة والفهم، فإن فجوة الاختلاف ستضيق جداً أو لربما ستنتهي إلى الأبد، كما كانت أيام النبي ﷺ وأيام الخلفاء الراشدين.
5- إن المسلمين بقدر ما كانت عقيدتهم صافية ونقية ومبلورة ، وكانت مصدرها الوحي القطعي ، بقدر ما سوف تكون قوية أمام الأمم والأديان والملل الأخرى.
6- إن الناظر إلى القرون الثلاث الأولى، القرون الخيرية التي وصفها الرسول ﷺ، يجد أن الأديان والملل والأمم كلها تهاوت امامه سواء كان على الصعيد الفكري أو السياسي أو العقائدي أو التشريعي، وما كان ذلك ليحصل ، لو لا أن الدين بكافة نواحيه الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية كان منطلقه الوحي الرباني عندهم .
8- إن الهدف من وراء هذا البحث هو الرجوع إلى ما كانوا عليه في فهم عقيدتهم وتشريعهم، فإن نحن فهمناه كما فهمه سَهُل علينا الدعوة إليه وسَهُل علينا تطبيقه وسَهُل علينا جمع الأمة بعد هذه الفرقة الموحشة.





السبب في اختيار البحث
1- إن السبب في اختياري البحث ، هو أن أنال رضى الله تعالى ، وأن يدخلني جنته أولاً ، وأن يكون لي بصمة ولو بسيطة من طُوَيلب علم، غايته أن يرى الأمة قوية كما كانت، واحدة في أفكارها وعقيدتها ونظام حياتها، من خلال دولة الخلافة الراشدة التي بشرنا بها الرسول ﷺ.
فقال حذيفة: قال رسول الله ﷺ: "تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، ُثمَّ سَكَتَ" (1)
2- إن السبب في اختيار البحث ، هو أني رأيت الأمة وقد اتخذت كل طائفة عقيدة لها مغايرة عن الأخرى، وأن الأمة قد اختلفت عقيدتها عما كانت عليه من قبل، وأنا لا أقصد أن الاختلاف في إيمانها بالله أو بالملائكة والرسل والكتب واليوم الآخر، فعموميات العقيدة مازالت الأمة متمسكة بها وستبقى إلى قيام الساعة إن شاء الله، إن الاختلاف كان في فرعيات العقيدة ، تلك الفرعيات التي كان لها الأثر في تفريق المسلمين وجعلهم شيعاً يكفر بعضهم بعضاً، ويضرب بعضهم رقاب بعض، ولا زالت تلك الفرعيات في العقيدة تفعل فعلها في المسلمين.
3- إن السبب في اختياري البحث هو تنبيه المسلمين إلى حالهم وإلى أين وصلوا، وما هو السبب في وصول المسلمين إلى ما وصلوا إليه.
4- أنا لا أقول إن موضوع بحثنا هو السبب الوحيد في حال المسلمين ، ولكني أقول إنه من أحد الأسباب المهمة التي يجب أن يعيد علماء المسلمين دراستها بدون تعصب مذهبي ولا تأثر بأي شيء غير قوة الدليل وقوة فهمه، لكي تعود الأمة كما كانت قوية على كافة الأصعدة سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية.



الهامش:
(1) - مسند الإمام أحمد بن حنبل: رقم 18406 المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني. توفي سنة: 241هـ. المحقق: شعيب الأرناؤوط - عادل مرشد، وآخرون. إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: مؤسسة الرسالة. الطبعة: الأولى 1421هـ. 2001 م. حكم المحدث: إسناده حسن.
مشكلة البحث
1- إن هذه المسألة ليست جديدة، إذ ما من عالم في القديم إلا وتكلم فيها أو جُل علماء المسلمين قد تكلموا فيها، ولكن حسب علمي القاصر لم يؤلف فيها كتاباً ولو صغيراً، وكان جل ما قرأته لهم هو فتاوى ، أو تأصيل لمسألة احتاج الأمر إلى ذكر بعضٍ منها.
2- إن الذين تكلموا في هذه المسألة في العصر الحديث أكثرهم وليس كلهم يفتقدون إلى تأصيل المسائل من الناحية الأصولية، منهم من وجهة نظري يفتقدون إلى علم الأصول من الناحية العملية لا من الناحية النظرية, أي أن إنزال القواعد والنصوص الشرعية على مسائل العقيدة بسبب فقدهم لتلك العقلية الأصولية كان لها الدور الأكبر في الخطأ في فهمهم ، وليس أدل على ذلك من أن كثير ممن يدعي العلم في هذا العصر عابوا على كثير من الأئمة والفقهاء كثيراً من اجتهادهم، والسبب في ذلك هو فقدهم للفهم الأصولي.
3- أنا أعلم أن أي إنسان لديه عقلية خاصة وأصول خاصة في فهم النصوص لن تحل عنده المشكلة إلا إذا تبين له خطأ فهمه ، أو رجحان فهمه ، أو على الأقل أن ينظر إلى الطرف المخالف نظرة من عنده ولو شبهة دليل ، إذا كان لديه شبهة دليل، أما أن ينسف الطرف المخالف بالكلية فهذا لن ينفع معه أن تبلغه الحكم بل لابد من إعادة بلورة أصوله وطريقة فهمه للنصوص.
4- إن أي مسألة شرعية تحتاج إلى أصول ، وبقدر ما تكون هذه الأصول قوية وواضحة ، بقدر ما سيكون لها الدور الأكبر في حل المسألة والاقتناع بها، لذلك لابد من القارئ المسلم أن يعلم أنه لابد له أن يعيد دائماً النظرة في أصوله وقوة فهمه واستدلاله كي يرجع عن خطأه ويتمسك بالصواب.










الدراسات السابقة:
حسب علمي ليس هناك في القديم كتب مستقلة في موضوعنا هذا، وإنما فقط ذكرت في ثنايا كتبهم الاصولية، وقد ذكرت في عدت ألفاظ ، مثل هل خبر الواحد يفيد العلم ، أو هل خبر الآحاد يفيد اليقين، وفي العصر الحاضر ، مثل الاستدلال بالظن في العقيدة، وأظن أن السبب عند العلماء القدامى كانت المسألة واضحة عند كثير من المسلمين وخصوصاً الأصوليين إلا ما ندر، الذين خالفوا في ذلك وقالوا إن خبر الواحد يفيد اليقين، أما في العصر الحاضر فقد أُلفت بعض المؤلفات الخاصة في مثل هذا الفن مثل: حجية خبر الآحاد في العقيدة وهو من المنقولات عن الشيخ ناصر الدين الألباني المتوفي 1420 هـ. ،فهو عبارة عن فتاوى وأسئلة ألقيت في دروسة ،وقد جمعها أخد أتباعه في كتاب . هذا وإن المؤلف يعتبر أن خبر الآحاد حجة في العقائد. وهناك بحثاً آخر للدكتور نور الدين عتر تكلم فيه عن حجية خبر الآحاد في العقيدة ، أما في العصر الحاضر فإن كثير من الذين يسمون أنفسهم علماء، يفتقدون إلى الفهم الأصولي، لأجل ذلك ظهر الخلاف وكأنه بين كفر وإيمان، أو بين الكافرين والمسلمين. فإني أوصِ نفسي وكل المسلمين أن يتعلموا بعض القضايا الأصولية كي لا يحكموا على أراء الأصوليين أنها أتت من خارج الدين أو أنها ضرب من الخيال.
وصلى الله على سيدنا محمد ﷺ وعلى آله وصحبه وسلم.











الصعوبات التي واجهتني في البحث:
إن لكل بحث من صعوبات تعترض العمل شأنها كشأن أي عمل يقوم به الانسان، ولكن كما هو معلوم لدى أي باحث وخصوصاً إذا كان مبتدئ ، وكان موضوع بحثه هو في العقيدة الإسلامية، وكما هو معلوم إن موضوع العقيدة في غاية الأهميّة والخطورة.
فمن الصعوبات التي واجهتني:
1- قلة المصادر في هذا البحث، بل يكاد يكون لا يوجد أصولي وأقول أصولي إلا ما ندر تكلم في هذا الموضوع على طريقة الفقهاء الأصوليين.
2- إن موضوع العقيدة هو موضوع يحتاج إلى تجرد وعدم التعصب وقلما تجد شخصاً خالي من التعصب ، ولكن الحق أحق أن يتبع ، لأجل ذلك فإني أحاول في أي موضوع شرعي أن أدرب نفسي على عدم التعصب ، لأن الله ورسوله أحب إلي من نفسي وأهلي ومالي والناس أجمعين، فإن أصبت فمن الله ، وإن بدر مني تعصب فمن الشيطان ومن نفسي واستغفر الله وأتوب إليه.
3- إن موضوع العقيدة يحتاج إلى حسن أسلوب سواء في النقاش أو في صيغة الكلام وطريقته، وهذا يحتاج إلى ليونة في الكلام ، وقوة في الحجة والبرهان ، وإخلاص في القول والعمل كي يلقى الطرح توفيق من الله.
4- إن موضوع العقيدة يحتاج إلى عقلية أصولية ، وأنا مبتدئ لا أملك تلك العقلية ولكن طلب العلم يحتم علينا نحن طلاب العلم أن نخوض تلك المغامرة ، لأن الذي لا يتعلم إذا أراد العمل فعليه أن لا يخشى الخطأ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
وصلى الله على سيدنا محمد ﷺ وعلى آله وصحبه وسلم.







منهج البحث:
1- إن طريقتي في منهجية البحث واعداده هي:
1- المنهج التحليلي الوصفي ، حيث سأقوم باستقراء وتحليل المسائل وأقوال الفقهاء المتعلقة بالموضوع و السبب 2- المنهج المقارن بين الأدلة والأقوال ولن اراعي الفترة الزمني لصاحب أي قول لأن الحاجة تقتضي ذلك.
3- ذكر الأدلة لكل فريق ومناقشته وبيان الرأي الراجح.
4- من المعلوم أن أي بحث شرعي ليست العبرة في صحته كثرة القائلين، بل العبرة هي قوة الدليل فقط سواء في فهمه أو ثبوته ، لأجل ذلك فإني عندما أناقش المسألة لا أنظر إلى كثرة القائلين فيها بل أنظر إلى قوة دليلهم.
5- إن أي متكلم في هذه المسألة إن لم يكن من الأصوليين ، فإن كلامه ليس له أي اعتبار ، ولو كان له من الأتباع العدد الكثير.
6- كما هو معلوم عند كل علماء المسلمين أن موضوع العقيدة لا يصح فيه الاجتهاد ، ولا يصح فيه التقليد، لأجل ذلك إن أي دليل ثبت بطريق الاجتهاد ، سواء في الثبوت أو في الفهم يعتبر استدلال مرجوح لا تقوم له حجة في موضوعنا ،لأن موضوعنا تتعلق به أصول الدين "ألا وهي العقيدة "بخلاف الأحكام الشرعية التي تثبت بخبر الأحاد وهذه مجمع عليه .
7- سأعتمد في بحثي على الأدلة التي ثبتت بشكل قطعي سواء في الفهم أو في الثبوت فقط.
8- لا فرق عندي بين علماء المسلمين طالما أنهم أصوليون ثقات، إذ لا فرق عندي بين الأشاعرة أو الماتريدي او أهل الحديث، إذ إن كل هذه المدارس تنتمي إلى دائرة الإسلام والهدى ومن أهل السنة والجماعة، لا نفرق بين أحد من هذه المدارس.
9- إن أي شخص يرد كلام أي أصولي أو فقيه لأنه ينتمي إلى مدرسة لا ينتمي هو إليها يعتبر كلامه مردود عليه.
10- إن أي دليل يثبت بطريق الاجتهاد يعتبر مرجوح ، أمام الدليل القطعي الثبوت القطعي الدلالة.
11- إذا تعارض الدليل القطعي مع الدليل الظني رجح القطعي كما هو معلوم في الأصول سواء في الفهم أو في الثبوت.

خطة البحث:
لقد تم تقسيم البحث إلى خمسة مباحث مع مطالبها.
ذكرت فيه الشكر، ثم المقدمة، وأهمية البحث ، وأهداف البحث ، وأسباب اختيار البحث ، مع مشاكل البحث ، والدراسات السابقة للبحث ، وأيضاً الصعوبات التي واجهتني في البحث ، وأخيراً منهج البحث، ثم ذكرت في:
- المبحث الأول: التمهيد ثم المطلب الأول والتعريفات، ثم ذكرت في المطلب الثاني: الدلالات وأنواعها ثم ذكرت في المطلب الثالث: إضافة الألفاظ إلى المسميات.
- المبحث الثاني: ذكرت فيه: تحرير محل النزاع بين كلمة الظن واليقين ثم ذكرت في المطلب الثاني: أقسام النصوص الشرعية من حيث الثبوت ومن حيث الدلالة.
المطلب الثالث: الاجتهاد ومحله.
المطلب الرابع: التقليد ومحله.
- المبحث الثالث: المطلب الأول: الفريق الذي قال بحرمة الاعتقاد بالظن أو بحديث الآحاد.
المطلب الثاني: الفريق الذي قال بجواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة.
المطلب الثالث: أدلة الجمهور الذين قالوا بحرمة أخذ العقيدة عن طريق الظن وحديث الآحاد.
المطلب الرابع: أدلة من قال بجواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة.
- المبحث الرابع: المطلب الأول: مناقشة رأي الجمهور الذين قالوا بحرمة أخذ العقيدة عن طريق حديث الآحاد وأن الآحاد لا يفيد القطع.
المطلب الثاني: مناقشة أدلة أصحاب الرأي ، الذين قالوا بجواز أخذ العقيدة عن طريق رواية الآحاد، ثم ذكرت الرأي الراجح والخاتمة وتبعتها الفهارس للبحث على النحو التالي: 1- فهرس الآيات. 2- فهرس الأحاديث. 3- فهرس المصادر والمراجع. 4- فهرس الأعلام.




المبحث الأول.
تمهيد:
قبل البدء في موضوع البحث لابد من التنويه إلى بعض الأمور كي لا تختلط الأمور ببعضها ويكون الكلام مبلور وواضح وضوح الشمس اقتضى التنويه إلى:
1- إن مما لا شك فيه ، ولا خلاف عليه، لا في القديم ولا الحديث ، أن العقيدة الإسلامية تقوم على القطع في كل مسائلها ، ولا يجوز أن يتسرب الظن إلى أي مسألة من مسائلها، وهذا من المسلمات، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة.
قال تعالى ﷽ {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} سورة أبراهيم الآية رقم 10
وقال تعالى ﷽ {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} سورة النجم الآية رقم 28
2- إن موضوع البحث ، هو إفادة هل خبر الواحد يفيد العلم واليقين أولاً، وليس الموضوع هل خبر الواحد يصح الاستدلال به في الأحكام الشرعية، فإن خبر الواحد عندنا يفيد ويصح الاستدلال به في الأحكام الشرعية ، ويحرم رده ويحرم انكاره إلا لعلة قادحة يراها الراوي أو الفقيه حسب شروطه.
3- يجب التفريق والتميز بين خبر الرسول الذي نقله الراوي من فم الرسول أو من قوله أو تقريره أو فعله مباشرة بدون واسطة، وبين الخبر الذي سمعه الراوي بواسطة ، وخصوصاً الذي لم يروا الرسول ﷺ، فالخبر الذي سمعه الصحابي من الرسول ﷺ بدون واسطة وسمعه مباشرة فهذا يفيد القطع واليقين في حق السامع فقط
4- إن القول إن خبر الوحد ليس بحجة في العقيدة، لا يعني ولا بأي وجه من الوجوه هو إنكاره، أو عدم العمل به ، أو تكذيب الرسول ﷺ أو تكذيب الراوي أو تكذيب الصحابة، بل يعني أن هذا الحديث لا تثبت به مسألة من مسائل العقيدة، بل يجري تصديقه ، ولكن لا يجري القطع به بحيث يكفر المخالف بها.
مثل لو جاء سيدنا أبو بكر الصديق مثلاً وشهد على أحدٍ بالزنا ولكن كما هو معلوم فإن حد الزنا لا يمكن أن يطبق بشهادته وحده مع إيماننا أنه صادق تمام الصدق وحتى لو انضم اليه سيدنا عمر وسيدنا عثمان وقالوا إن هذا الرجل قد زنا ، فإنه يحرم تطبيق حد الزنا ، مع إيماننا أنهم ثقات صادقين. فلو أن أحداً خالفنا في الإيمان بالله أو ملائكته أو رسله أو اليوم الآخر أو نبوة الأنبياء المذكورين في القرآن لحكمنا في كفره مباشرة، أما لو خالفنا أحد في إنكار أي عقيدة ثبتت في خبر الآحاد ، فإن حسب علمي ما من علماء المسلمين يقوم بتكفيره حتى الذين يقولون بأن خبر الواحد يفيد القطع.
فمثلاً هل قال أحد من سلف الأمة ، أن من يقول إن خبر الواحد لا يفيد القطع واليقين ولا تثبت به عقيدة يكفر، وعلى هذا إنما يدل قولهم ، أنه حتى الذين يقول إن خبر الواحد يفيد العلم يختلف عندهم عن الأخبار التي ثبتت بطريق القطع واليقين كالقرآن والحديث المتواتر.
المطلب الأول:
لابد من بعض التعاريف التي تهمنا في بحثنا حتى تتضح وتتبلور الأمور.
1- العلم: هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع عن دليل.
2- العلم الضروري: هو ما لا يحتاج إلى تقديم مقدمة لكي تعرفه كالعلم الحاصل بالحواس الخمسة.
3- العلم الاستدلالي: هو ما لا يحتاج إلى تقديم مقدمة كالعلم بثبوت الصانع وحدوث الأعراض.
4- الظن: هو الاعتقاد الراجح ، مع احتمال النقيض ، ويستعمل في اليقين والشك ، وقيل الظن أحد طرفي الشك بصفة الرجحان.
5- الشك: هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحداهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك هو ما استوى طرفاه ، وهو الوقوف بين الشيئين لا يقبل القلب لأحدهما على الآخر، فإذا ترجح أحدهما ولا يطرح الآخر فهو ظن، فإذا طرحه فهو غالب الظن وهو بمنزلة اليقين.
5- الأمارة: لغةً: العلامة، واصطلاحاً: هي التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول، كالغيم بالنسبة للمطر. فإنه يلزم من العلم به الظن بوجود المطر، والفرق بين العلامة والأمارة أن العلامة لا تنفك عن الشيء الدالة عليه، كالألف والام علامة على الاسم. أما الأمارة فإنها تنفك عن الشيء المدلول عليه، كالغيم بالنسبة للمطر.
6- الأصل: ما يبنى عليه غيره، كقيام السقف على الجدران بالنسبة للحسيات، وكقيام العلة على المعلولات بالنسبة للعقليات، فهو ما يفتقر إليه غيره ، ولا يفتقر هو إلى غيره، وهو في اللغة والشرع ما يبنى عليه غيره ولا يبنى هو على غيره، والأصل ما يثبت حكمه بنفسه، ويبنى عليه غيره.
7- أصول الفقه: هو العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى الفقه.
8- اليقين: في اللغة العلم الذي لا شك فيه، وفي الاصطلاح ، اعتقاد الشيء بأنه كذا مع الاعتقاد بأنه لا يمكن أن يكون إلا كذا ، مطابقاً للواقع غير ممكن للزوال، والقيد الأول حيث يشمل على الظن والثاني يخرج الظن، والثالث يخرج الجهل، والرابع يخرج العلة المصيب (1).
9- الدليل: ما يطلب لإثبات حقيقة من الحقائق، وهو عند الأصوليين يفيد العلم واليقين بخلاف الأمارة (2).
10- الاستدلال: هو كيفية الاستنباط واستخراج الحكم من الدليل.
11- العمل: هو ما يقام به من أفعال عملية أو قولية ، دل عليها الدليل الشرعي ، وهو مغاير للاعتقاد ، وهو مخصوص بالجوارح، أما الاعتقاد فمحله القلب ، والمطلوثثممةةثب فيه التصديق الجازم فقط.
12- الاجتهاد: هو بذل الفقيه ما بوسعه من جهد مع تحصيل غلبة الظن في استنباط حكم شرعي عملي.
13- الخبر: هو كلام المحتمل للصدق والكذب.
14- خبر الواحد: هو الحديث الذي يرويه الواحد والاثنان فصاعداً ما لم يبلغ التواتر.
15- الخبر المتواتر: هو الخبر الذي نقله جماعة عن جماعة. والفرق بينهما أن خبر الواحد جاحده يفسق إذا كان الخبر صحيحاً، أما الخبر المتواتر فإن جاحده يكفر، كما أن خبر الوحد يجب العمل والتصديق به بالاتفاق مالم يوجد مانع.
16- الخبر المتواتر: هو الخبر الثابت على ألسنة قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب.
17- الخبر على ثلاثة أقسام: خبر متواتر، وخبر مشهور، وخبر واحد.
1- الخبر المتواتر: هو كلام يسمعه من رسول ﷺ جماعة ومنها جماعة أخرى إلى أن ينتهي إلى رسول الله ﷺ.
2- الخبر المشهور: هو كلام يسمعه من رسول الله ﷺ ويسمعه من الواحد جماعة إلى أن ينتهي إلى المتمسك



الهامش:
(1) - التعريفات: علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني ت 816 هـ ص 113 المحقق ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر. الناشر دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
(2) - لسان العرب: محمد بن مكرم بن أبو الفضل جمال الدين بن منظور ت 711 هـ ص 249 ج1 الناشر دار صاد بيروت لبنان
3- خبر الواحد: هو كلام يسمعه من رسول الله ﷺ واحد ويسمعه من واحد آخر ومن الواحد الآخر آخر إلى أن ينتهي إلى المتمسك.
18- الخبر نوعان: مرسل ومسند:
1- مرسل: ما أرسله الراوي إرسالاً من غير إسناد إلى صحابي وهو حجة عندنا "هذا قول الجرجاني" خلافاً للشافعي
2- المسند: ما اسنده الراوي إلى راو آخر إلى أن يصل إلى رسول الله ﷺ.
ثم المسند أنواع متواتر ومشهور وآحاد.
- فالمتواتر منه ما نقله قوم عن قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب فيه وهو الخبر المتصل إلى الرسول ﷺ. وحكمه يوجب العلم والعمل قطعاً حتى يكفر جاحده.
- والمشهور منه هو ما كان من الآحاد في العصر الأول ثم اشتهر في العصر الثاني حتى رواه جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ، وتلقاه العلماء بالقبول ، وحكمه يوجب طمأنينة القلب لا علم اليقين حتى يضل جاحده ولا يكفر.
وخبر الآحاد: ما نقله واحد عن واحد وهو الذي لم يدخل حد الاشتهار وحكمه يوجب العمل دون العلم ولهذا لا يكون حجة في المسائل الاعتقادية.
المطلب الثاني: الدلالات وأنواعها.
طالما أننا نتكلم في موضوع يخص العقيدة فلا بد من ذكر بعض التعريفات الأصولية واللغوية التي لها علاقة ببحثنا.
1- دلالة المطابقة: هي دلالة اللفظ على تمام المعنى الموضوع له اللفظ. كدلالة الإنسان على معناه وهو الحيوان الناطق.
2- دلالة التضمين: هي دلالة اللفظ على بعض المعنى الموضوع له اللفظ كدلالة الإنسان على الحيوان أو الناطق. وهذان النوعان من الدلالات هما من قسم الصريح
3- دلالة الالتزام: وهي دلالة اللفظ على لازم المعنى الموضوع له اللفظ. وهي على خمسة أضراب.
أ- دلالة الاقتضاء: هو الذي لا يدل عليه اللفظ ولا يكون منطوقاً به ولكن يكون من ضرورة اللفظ. وهو إما من حيث لا يمكن أن يكون المتكلم صادقاً إلا به. أو من حيث امتناع وجود اللفظ شرعاً إلا به. أو من حيث امتناع ثبوته عقلاً إلا به.
1- أما ما يقتضي صدق المتكلم كقوله ﷺ "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" (1) لأنه نفى الصوم. والصوم لا ينتفي بصورته بل معناه لا صيام صحيحاً أو كاملاً فيكون حكم الصوم هو المنفي لا لنفسه روا الحكم غير منطوق به لكن لابد منه ليتحقق صدق الكلام.
2- وأما ما تقتضي ثبوت المنطوق به شرعاً، فقول القائل: أعتق عبدك عني، فإنه يقتضي الملك فكان ذلك من مقتضى اللفظ لا منطوقه.
3- وأما ما ثبت اقتضاء لتصور المنطوق به عقلاً، فكقوله تعالى ﷽ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} سورة النساء الآية رقم 23 فإن عبارة الأمهات عبارة عن الأعيان والأحكام لا تتعلق بالأعيان ولا يعقل تعلقها إلا بالأفعال فأقتضى اللفظ فعلاً وصار ذلك هو الوطء.
- الضرب الثاني:
ما يؤخذ من إشارة اللفظ، مثال ذلك قوله ﷺ "انهن ناقصات عقل ودين" فقيل: ما نقصان دينهن؟ فقال "تقعد إحداهن في قعر بيتها شطر دهرها لا تصلي ولا تصوم" (2)
3- الضرب الثالث:
التنبيه والإيماء: وهو فهم التعليل من إضافة الحكم إلى وصف مناسب مثال قوله تعالى ﷽ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} سورة المائدة الآية رقم 38
وقوله تعالى ﷽ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ } سورة النور الآية رقم 2
فإنه كما فهم وجوب القطع والجلد على السارق والزاني وهو المنطوق به ، فهم أيضاً كون الزنا علة للحكم أي علة القطع والجلد، والقاعدة الأصولية تقول "تنزيل الحكم على المشتق يؤذن بعلية مصدر الاشتقاق"
الهامش:
(1) - سنن الترمذي: أبواب الصوم عن رسول الله ﷺ باب الصيام لمن لم يعزم من الليل، حكم الحديث صحيح.
(2) - هذا الحديث بهذا اللفظ لا يوجد في كتب السنة وإنما ورد بلفظ آخر أخرجه البخاري كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم "عن ابو سعيد الخدري قال خرج رسول الله ﷺ في أضحى أو في فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال يا معشر النساء تصدقن فإني أُريتكن أكثر أهل النار، فقلن وبما يا رسول الله ﷺ تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت. ناقصات عقلٍ ودين" حديث "ناقصات عقل ودين" أخرجه الشيخان في صحيحيهما صحيح البخاري (1/68)، صحيح مسلم (1/86) واللفظ للبخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله ﷺ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: "يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار" فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل" قلن: بلى، قال: "فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، قلن: بلى، قال: "فذلك من نقصان دينها".
4- الضرب الرابع:
فهم غير المنطوق به من المنطوق بدلالة سياق الكلام ومقصده مثال قوله تعالى ﷽ {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} سورة الاسراء الآية رقم 23
فقدم فهم تحريم القتل والضرب والشتم من هذه الآية وهذا يسميه الأصوليون مفهوم الموافقة أو فحوى الخطاب أو لحن الخطاب.
5- الضرب الخامس:
المفهوم ومعناه الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم لما عداه، ويسمى مفهوماً لأنه مفهوم مجرد لا يستند إلى منطوق، وإلا فما دل عليه المنطوق أيضاً مفهوم، وربما يسمى دليل الخطاب. وحقيقة أن تعليق الحكم بأحد وصفي الشيء، هل يدل كما يخالفه في الصفة.
مثال: قوله تعالى ﷽ {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} سورة المائدة الآية رقم 95
فهل تخصيص العمر هل يدل على نفي الحكم عما عداه؟ فقال الجمهور أنه يدل على الحكم.
المطلب الثالث: إضافة الألفاظ إلى المسميات
1- المترادفة: هي الألفاظ المختلفة الصيغ المتوارية على مسمى واحد مثل الخمر، العقار.
2- المتباينة: هي الأسامي المختلفة للمعاني المختلفة
مثال: السواد، القدرة، الأسد، المفتاح، السماء، الأرض.
3- المتواطئة: هي أسماء تطلق على أشياء متغايرة في العدد ولكنها متفقة بالمعنى
مثال: كاسم الرجل فإنه ينطلق على زيد، واسم الجسم ينطلق على السماء والأرض والإنسان، فإن هذه الأشياء تشترك في معنى الجسمية التي وضع الاسم بإزائها، وكل اسم ليس بمعنى فإنه ينطلق على أحاد مسمياته الكثيرة بطريق التواطؤ، كاسم اللون للسواد، والبياض، والحمرة، فإنها متفقة بالمعنى الذي سمي اللون به لوناً وليس بطريق الاشتراك.
4- المشتركة: هو اللفظ الذي يدل على معاني متعددة
مثال: العين: فإنه يدل على العين الباصرة وعلى العين الجارية والاسم المشترك قد يدل على المختلفين وأيضاً فهو يدل على المتضادين مثال "كالجلل" فإنه يدل الحقير والخطير.
بعد تبيان هذه التعريفات سواء ما كان منها يتعلق ببعض المصطلحات الحديثية أو الأصولية أو اللغوية فإنه لابد من التنبيه أن هذه التعريفات وغيرها الكثير تتعلق بها علوم كثيرة وأصلية في هذا الدين ولابد لكل باحث أو مجتهد أو فقيه أن يكون لديه علم بها وأن يستخدمها في أي بحث شرعي حتى يتأمن له الوصول للصواب وللحق حسبما يكون نوع البحث، أما أن يكتفي الباحث بالرجوع إلى ظواهر النصوص أو أن يكتفي فقط بالرجوع إلى المعاجم اللغوية أو إلى كتب الحديث فقط ثم يقول هذا هو الصواب أو الحق فهذا خلاف ما كان عليه السلف الصالح وفقهائنا القدامى بل لابد من الجمع بين الأصول في اللغة والحديث والتفسير والناسخ والمنسوخ وأن يكون الباحث على اطلاع بأسلوب العرب الأقحاح في الكلام وطريقة صياغة الجمل. فما أحوج الأمة إلى معرفة هذه الأمور لكي تستطيع فهم كتاب ربها وسنة نبيها ﷺ.
وإن موضوعنا أيضاً إلى المعرفة بهذه الفنون لكيلا تختلط عليه الأمور ويكون ذو رأي صائب في هذه المسألة وأن يتقبل فقه الخلاف إن أداه رأيه إلى الخلاف والله أعلم.
المبحث الثاني
المطلب الأول: تحرير محل النزاع بين كلمة الظن واليقين.
الظن في اللغة: هو اسم لما يحصل أمارة وهو ما يقابل اليقين (1) ويفيد الاحتمالين مع ترجيح أحدهما على الآخر مع بقاء احتمال النقيض.
والاجتهاد كما هو معلوم قائم على غلبة الظن، إذ إن تعريف الاجتهاد وهو بذل الفقيه ما وسعه من جهد لتحصيل الظن لاستنباط حكم شرعي عقلي ، وحكم الله في حقه هو ما توصل إليه باجتهاده وغلب عليه ظنه، فالاجتهاد قائم على غلبة الظن ولذلك فهو يحتمل الخطأ والفقيه في خطاه الاجتهادية متأرجح بين الصواب والخطأ، حتى تحصل عنده غلبة الظن بعد استفراغ الجهد أن هذا هو حكم الله في هذه المسألة بعد نصه الدليل أمارة عليه.
والظن لا يفيد حسبما ورد في النصوص سواء في القرآن أو في الحديث الشريف أو في شعر العرب المحتج به لا يدل إلا على معنى واحد ألا وهو ترجيح أحدهما على الآخر وذلك لتميزها على الشك التي تفيد احتمال النقيضين مع عدم الترجيح ، وأيضاً إن كلمة الظن ليست من الأضداد مثل كلمة "القرء" التي تعني الطهر أو الحيض وليست من الألفاظ المشتركة مثل كلمة العين التي تعني العين الباصرة أو العين الجارية.


الهامش:
(1) - مفردات القرآن: أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني ت 502 هـ ص 327 تحقيق نديم مرعش لي دار الكتاب العربي
والذين قالوا إن كلمة الظن من الأضداد قد جانبوا الصواب ، إذ كيف تفيد الظن واليقين والله قد فرق بينهم في المعنى إذ قال جلا وعلا ﷽ {وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} سورة الجاثية الآية رقم 24
وقوله تعالى ﷽ {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} سورة الأنعام الآية رقم 148
هذه الآيات وغيرها الكثير كلها أفادت أن معنى كلمة الظن غير اليقين ولو كانت كذلك لما ورده في آية واحدة، حتى العلماء الذين قالوا أن كلمة الظن تفيد الظن واليقين وأنها من الأضداد ويدلل عليها بأدلة ، فإنه يختم كلامه بقوله (وقال ابو العباس: إنما جاز أن يقع الظن واليقين لأنه قول بالقلب فإذا صحت دلائل الحق وقامت أمارته كان يقيناً وإذا قامت دلائل الشك وبطلت كان كذباً، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شكاً لا يقيناً ولا كذباً) (1) فإنه يخرج بالخلاصة التي قلنا بها وهي وجود القرآن والأمارات التي ترفع الظن إلى اليقين أو تهوي به إلى مرتبة الشك أو التكذيب. وحتى لو سلمنا بأن كلمة الظن من الأضداد أي تفيد الظن واليقين فإنها في آيات العقيدة إذا اجتمعت كلمة الظن واليقين فإنها لا تعني إلا المعنى الحقيقي وتخرج عن كونها من الأضداد ، فأنظر إلى قوله تعالى ﷽ {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} سورة الجاثمة الآية رقم 32









الهامش:
(1) - الأضداد: محمد بن القاسم الأنباري ص 14 تحقيق محمد ابو الفضل الناشر المكتبة العصرية بيروت عام النشر 1987
المطلب الثاني: أقسام النصوص الشرعية معنى الثبوت والدلالة:
1- قسم يتعلق بثبوتها:
القرآن الكريم: قطعي الثبوت كله.
السنة النبوية: تنقسم إلى قسمين:
1- قطعي الثبوت وهو المتواتر.
2- ظني الثبوت وهو الآحاد.
2- قسم يتعلق بالدلالة.
1- القرآن الكريم ينقسم إلى قسمين
1- قطعي الثبوت والدلالة 2- ظني الدلالة قطعي الثبوت
2-السنة النبوية: تنقسم إلى قسمين
1- قطعي الدلالة 2- ظني الدلالة.
هذه التقسيمات التي قسمها الأصوليون هي ما ينبغي أن توضع بالحسبان عند فهم النصوص والحكم عليها ، وخصوصاً في موضوعنا، فكما هو معلوم أن المتواتر من السنة النبوية هو قطعي الثبوت وحكم منكره يكفر ويعتبر مرتد عن دين الله تعالى، أما حديث الآحاد فإن حكم منكره إذا صح عن الرسول ﷺ يفسق وإن هذا التفريق وجد عند الأصوليون والعلماء بسبب أن المتواتر ثبت عن رسول الله ﷺ بطريق القطع واليقين أما الآحاد فإنه ثبت بطريق الظن الراجح فمثلاً قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} سورة المائدة الآية رقم 38
فإن هذه الآية اجتمع فيها أمران: الأول أنها قطعية الثبوت ، وثانياً أنها قطعية الدلالة من حيث أصل القطع، فالآية دلت بطريق القطع واليقين أنه يجب أن تقطع يد السارق حصرا ً، وهي أي الآية ثابتة بطريق القطع واليقين ، لأن القرآن كله قطعي الثبوت من ألفه إلى يائه، أما من حيث مكان القطع فإنه ثبت بطريق الآحاد الذي هو ظني الثبوت، فالآية محكمة من حيث أصل القطع واليد ، أما من حيث مكان القطع في اليد ، فهي ظنية ، وحتى الحديث الذي حدد مكان القطع وهو الرسغ ظني الثبوت، وأيضاً إن آيات العقيدة أو السنة التي وردت فيها أحاديث عن العقيدة لا تخرج عن هذا القسم، فهل يصح لنا أن نأخذ كل دليل ورد فيه حكم فيه عقيدة ، وحضنا على الأخذ بها أم لا, سواء ثبت بطريق الظن لا اليقين أما لا, أي هل يصح لنا أن نتعامل مع أدلة العقيدة التي ثبتت بطريق الظن والآحاد ، كما نتعامل مع الأحكام العملية أو لا يصح.؟
المطلب الثالث: الاجتهاد ومحله:
من المعلوم لدى كل مسلم أن الاجتهاد وهو أصل من أصول الدين الحنيف ، وإن الاجتهاد له شروطه التي وضعها الشرع الحنيف لكيلا يقول أحدٌ في الدين ما ليس له به علم ، ولا يتلاعب في دين الله أحد، وكي يعبد الله على علم ، قال تعالى ﷽ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} سورة النحل الآية رقم 43
والاجتهاد موجود من عصر الرسول ﷺ ، فقد قال الرسول ﷺ بعد غزوة الأحزاب وبعدما انهزم المشركون ، وأراد النبي ﷺ أن يضع سلاحه جاءه جبريل عليه السلام ، وقال إن الملائكة لم تضع أسلحتها بعد، فأمره أن يسير إلى بني قريظة، فقال الرسول ﷺ: "من كان سامعاً فطناً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة" (1) فتوجه الصحابة ولكنهم فهموا قول النبي ﷺ على رأيين، الأول: فمنهم من أخذ بظاهر النص فلم يصل العصر إلا في بني قريظة بعد المغرب ، لأنه وصل إليها بعد المغرب. ومنهم من فهم أن المقصود هو الإسراع فصلوا العصر في المدينة أو في الطريق، وعلم النبي ﷺ فِعْلَ الجميع فأقر الجميع كلٌ على فهمه.
إن الباحث في عصر الرسول ﷺ والقرون الثلاث الأولى لا يجد أن سلفنا الصالح اجتهد في مجال العقيدة ، لأنهم علموا أن الاجتهاد قائم على الظن، فهو يحتمل الصواب والخطأ، وحتى إذا صوبنا أحد الآراء ، فإننا لا نقطع بصواب الرأي، وإن تعريف الاجتهاد السابق ذكره آنفاً، يعلم أن الاجتهاد هو غلبة الظن ليس إلا، لأجل ذلك قرر فقهائنا أن الاجتهاد محله الحكم الشرعي العملي ليس إلا، ولا يجوز الاجتهاد في العقيدة.







الهامش:
(1) - البخاري: باب لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة؛ رقم 946؛ المؤلف: محمد بن اسماعيل البخاري ابو عبد الله ت 256هـ
المطلب الرابع: التقليد ومحله:
التقليد: جاء في كتاب التعريفات للجرجاني ، بأن التقليد عبارة عن إتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل معتقداً للحقيقة فيه من غير نظر وتأمل في الدليل، أو التقليد هو عبارة عن قبول قول الغير بلا حجة ولا دليل.
وكما هو معلوم التقليد في العقيدة لا يجوز ، لأن الله ذم المقلدين في العقيدة، قال الله تعالى ﷽ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} سورة البقرة الآية رقم 170
أما التقليد في الأحكام الشرعية فجائز لقوله تعالى ﷽ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} سورة النحل الآية رقم 43
إن أدلة جواز التقليد كثيرة منها ما روي عن جابر رضي الله عنه أن رجلًا أصابه حجراً، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم، قالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فقال النبي ﷺ إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على رأسه خرقة فيمسح عليها ويغسل سائر جسده، وقال: -أي النبي ﷺ- ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال. فالرسول ﷺ أرشدهم إلى السؤال عن الحكم الشرعي، وهذا هو التقليد، والتقليد له عدة أنواع، فكما أن التقليد يكون في الحكم الشرعي يكون في معرفة الحديث ، أي يكون تقليدا للمحدث في حكمه على الحديث ، ويكون أيضاً للغوي في معرفة الكلمة وما أرشدت إليه من معاني ، ويكون للمفسر في معرفة معنى الآية، ويجوز التقليد للقائف العدل ، ويكون للخراص في الصدقة ، ويكون للطبيب في تقيم المرض ، ويكون للملاح في تحديد القبلة ، ويكون للخبير للسير في الصحاري ، ويكون للعامي في ترجمة الفتوى باللسان العربي أو الأعجمي، فأبواب التقليد لا تنتهي ، وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة ، فقلما تجد عالم يخرج عن التقليد في صوره كلها، ولكنها تختلف درجات التقليد من عالم إلى آخر، فالذين قالوا بعدم التقليد وبحرمته جانبوا الصواب كثيراً، فالاجتهاد له أبوابه الكثيرة ، ولن يستطيع إنسان أن يحصي أبوابه كلها، أما المتفق عليه بين العلماء أن العقيدة هي التي لا يجوز التقليد فيها ، لأن الدليل جاء على حرمة التقليد فيها أولاً ، وثانياً إن أبوابها وفصولها قليلة جداً، أما بالنسبة للذين قالوا بجواز التقليد بالعقيدة فلم يقل بها إلا الحنابلة ، أما الجمهور فإنهم لم يجيزوا التقليد بالعقيدة، هذا كلام إمام الحرمين في كتابه الشامل

الهامش:
(1) - سنن ابو داود: كتاب الطهارة؛ باب المجروح تيمم؛ وقال المحقق شعيب الأرناؤوط حسن؛ أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الهازوي السجستاني المشهور بأبي داود صاحب كتاب السنن
واستدل الجمهور بقوله تعالى ﷽ {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ} سورة محمد الآية رقم 19 وغيرها من الآيات التي تحض على النظر والتأمل.
وقال الاستاذ أبو إسحاق كما في كتاب التنقيح "من اعتقد ما يجب عليه من عقيدة دينه بغير دليل، لا يستحق بذلك اسم الإيمان، ولا دخول الجنة، والخلوص من النار، ولم يخالف في ذلك إلا أهل الظاهر"(1)
واستدل من قال بجواز التقليد.
1- إن النبي ﷺ كان يقبل إيمان الأعراب الجلفاء عن النظر.
2- وسؤال النبي ﷺ الجارية "أين الله" فقالت في السماء (2) فقال للسائل "أعتقها فإنها مؤمنة"
- الجواب باختصار: بالنسبة لحديث الجارية:
إن مما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن فهم النصوص يجب أن يكون فهمه على ضوء الكتاب والسنة واللغة العربية المحتج بها شرعاً، وليس مجرد فهم النصوص على ظواهر النصوص، وبالنسبة لي ليس بحثي مناقشة أدلة المجيزين للتقليد في العقيدة، ولكن سأناقش حديث الجارية من ناحية لغوية لكي يدرك القارئ مدى اختلاف فهم النصوص عندما نجعل اللغة العربية آلة من آلات فهم النصوص. إن الناظر إلى حديث الجارية فيه أمران.
الأول: السؤال: أين الله؟ وفيه الظرفية. الثاني: في السماء، ومعناه الاحتواء، ولكن هل اللغة نظرت إلى هذا الحرف الذي هو موضع الخلاف، نظرت له نظرة واحدة أي هل لهذا الحرف الذي هو من حروف المعاني ، هل له معنى واحد أم أكثر؟ فالذي عليه أهل اللغة أن لهذا الحرف عدة معاني منها
1- الظرفية المكانية والظرفية الزمانية. مثال: قوله تعالى ﷽ {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} سورة الروم الآية رقم (2-3)
2- المصاحبة: مثال: قوله تعالى ﷽ {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أي معهم. سورة الأعراف الآية رقم 38 ومثال: قوله تعالى ﷽ {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} سورة القصص الآية رقم 79 :أي مع زيتنه .
الهامش:
(1) - كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول؛ رسالة ماجستير القرافي ج2 / ص442
(2) - صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته. المؤلف مسلم بن الحجاج القشيري ت291هـ من أهم كتبه صحيح مسلم
3- التعليل: مثال قوله تعالى ﷽ {فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} سورة يوسف الآية رقم 32 ، أي لأجل ذلك .
مثال: حديث: "عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً" (1) أي لأجل هرة .
4- الاستعلاء: مثال: قوله تعالى {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} سورة طه الآية رقة 71 ،أي على جذوع النخل .
- مثال: قوله تعالى ﷽ {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} سورة الملك الآية رقم 16 (2) أي )(على) من العلو ، أي علا السماء .
والتي نحن بصددها والتي لها علاقة بالحديث ، أي أن "في " هنا تفيد الاستعلاء ، ولا تفيد الظرفية.
وهذا الفهم يؤيده ما كان عليه فهم السلف الصالح.
إن الحديث ورد بصيغ وألفاظ متعددة في كتب المسانيد والسنن والصحاح. فقد ورد في صحيح مسلم وقام الامام النووي بشرحه، والحديث طويل، وهو عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي، والقصة حدثت معه، والجارية له، قال بعد حديث طويل: "... قالَ: وكَانَتْ لي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لي قِبَلَ أُحُدٍ والْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَومٍ فَإِذَا الذِّيبُ قدْ ذَهَبَ بشَاةٍ مِن غَنَمِهَا، وأَنَا رَجُلٌ مِن بَنِي آدَمَ، آسَفُ كما يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فأتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَعَظَّمَ ذلكَ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفلا أُعْتِقُهَا؟ قالَ: ائْتِنِي بهَا فأتَيْتُهُ بهَا، فَقالَ لَهَا: أيْنَ اللَّهُ؟ قالَتْ: في السَّمَاءِ، قالَ: مَن أنَا؟ قالَتْ: أنْتَ رَسولُ اللهِ، قالَ: أعْتِقْهَا، فإنَّهَا مُؤْمِنَةٌ."
جاء في شرح النووي لصحيح مسلم [هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان، تقدم ذكرهما، ذكرت في كتاب الإيمان أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء ، وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
الثاني: تأويله بما يليق به، فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة. وليس ذلك لأنه منحصر في السماء، كما أنه ليس منحصر في الكعبة، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين، كما أن القبلة قبلة المصلين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم، فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان.

الهامش:
(1) - صحيح البخاري؛ باب: فضل سقي الماء؛ حديث رقم 2365؛ المؤلف: محمد بن اسماعيل البخاري ت 256هـ
(2) - مغني اللبيب عن كتب الأعاريب؛ ص224؛ المؤلف: عبد الله بن يوسف بن احمد بن عبد الله بن يوسف، ابو محمد جمال الدين؛ ت 761؛ المحقق: د. مازن المبارك، محمد علي حمد الله؛ الناشر: دار الفكر، دمشق، الطبعة السادسة سنة 1985
قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى كقوله تعالى ﷽ {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} سورة الملك الآية رقم 16
ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم، فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكيف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين تأول في السماء: اي على السماء ومن قال من دهماء النظار المتكلمين واصحاب التنزيه بنفي الحد واستحالة الجهة في حقه سبحانه وتعالى تأويلات بحسب مقتضاه وذكر ما سبق. قال ويا ليت شعري ما لذي جمع أهل السنة والحق ، كلهم على وجوب الإمساك عن الفكر في الذات كما أمروا وسكتوا حيرة العقل. واتفقوا على تحريم التكييف والتشكيل، وأن ذلك من وقوفهم وامساكهم غير شاك في الوجود الموجود وغير قادح في التوحيد بل حقيقة. ثم تسامح بعضهم بإثبات الجهة، وخاشياً من التسامح، وهل بين التكيف وإثبات الجهات فرق. ولكن إطلاق الشرع من أنه ﷽ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ } سورة الانعام الآية رقم 18 وأنه ﷽ {اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ} سورة الأعراف الآية رقم 54 مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلي الذي لا يصح في المفقود غيره وهو قول تعالى ﷽ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ } سورة الشورى الآية 11 (1)








الهامش:
(1) - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج؛ المؤلف: أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي؛ ت 676 هـ الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت الطبعة الثانية 1392 عدد الأجزاء: 18 في 9 مجلدات.
المبحث الثالث.
المطلب الأول: الفريق الذي قال بحرمة الاعتقاد بالظن أو بحديث الآحاد.
إن كثير من الذين يجيزون الاعتقاد بطريق الآحاد والظن يستدلون بأقوال للعلماء ، إما يأخذون قولا ويتركون أقوال أخرى له، أو يستدلون بالقول دون النظر والتأمل به، لذا يجب على القارئ أن ينظر في كل الأقوال لكي يتوصل إلى الحق.
رأي بعض العلماء في الاحتجاج في الآحاد في العقيدة.
1- جاء ذلك الفتاوى الكبرى لابن تيمية ما نصه، [معنى الاجماع أن تجتمع العلماء على حكم من الأحكام، وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام ، لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم، فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة ،ولكن كثير من المسائل يظن بعض الناس فيها إجماعا، ولكن لا يكون الأمر كذلك، بل يكون القول الآخر أرجح في الكتاب والسنة، أما أقوال بعض الأئمة كالفقهاء الأربعة وغيرهم ، فليس حجة لازمة ولا إجماعاً باتفاق المسلمين] وأضاف في نفس المصدر، خبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالاسفراييني وابن فورك -أي خبر الواحد- وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن ما لم يكن اقترن به إجماع أهل العلم بالحديث على تلقيه بالتصديق، كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالفقه على حكم ، مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد، فإن ذلك الحكم يصير قطعياً عند الجمهور، وإن كان بدون إجماع ليس بقطعي، لأن الإجماع معصوم(1)
1- وجه الاستدلال عند ابن تيمية.
إن الذين يستدلون بكلام ابن تيمية أنه يجيز الاستدلال بحديث آحاد، قد جانبوا الصواب، لأن ابن تيمية رحمه الله لم يجعل حديث الآحاد مفيداً لليقين لوحده، ولكنه شبيه بالإجماع، فكما أن الإجماع أصله هو قول للفقيه، فكما أن قول الفقيه لا يفيد الإجماع ولا يفيد القطع لوحده، ولكن عندما اجتمع معه أقوال لفقهاء آخرون فكان إجماع أقوالهم على نفس الرأي، وعدم وجود مخالف هو الذي جعله إجماع، فأصبح يفيد القطع، والإجماع معاً، فكذلك خبر الواحد فتأمل.



الهامش:
(1) - الفتاوى الكبرى: المؤلف: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية أبو العباس تقي الدين؛ ت 728 ج1 ص484و487؛ الناشر: دار المعرفة بيروت لبنان
2- رأي الامام سعد الدين بن مسعود بن عمر التفتازاني، وهو شافعي المذهب.
جاء في كتابه [شرح التلويح على التوضيح لمتن كتاب التنقيح في أصول الفقه] (المشهور يفيد علم الطمأنينة، والطمأنينة زيادة توطين وتسكين يحصل للنفس على ما أدركته وإن كان ظنياً فاطمئنانها رجحان جانب الظن، وخبر الواحد في اتصاله شبهة صورة وهو الظاهر ... ومعنى حيث لا تتلقاه الأمة بالقبول، المشهور في اتصاله شبهة صورة لكونه آحاد الأصل، ولأن الأمة تلقته بالقبول فأفاد حكماً دون اليقين....) أعلم هـ
وأضاف أيضاً الخبر المتواتر يفيد اليقين، ولا خلاف فيه، والخبر المشهور يفيد العمل وعلم الطمأنينة وإن كان ظنياً في ثبوته، أما اطمئنانها فهو رجحان جانب الظن بحيث يكاد يدخل في حد اليقين وهو المراد وحاصله سكون النفس ممن الاضراب مع ملاحظة كونه آحاد الأصل.
وأضاف أيضاً: خبر الواحد وإن كان ظنياً يوجب العمل دون علم اليقين، وقيل لا يوجب شياً منهما وقيل بوجوبهما جميعاً ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه يوجب العمل دون العلم، وقد دل على ذلك ظاهر قوله تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} سورة الاسراء الآية رقم 36؛ وقوله تعالى ﷽ {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} سورة النجم الآية رقم 23
والعقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب اليقين، وإنما احتمال الكذب قائم] أهـ
وأضاف أيضاً: والأخبار في أحكام الآخرة مثل عذاب القبر وتفاصيل الحشر والصراط والحساب والعقاب إلى غير ذلك والتي لا توجب إلا الاعتقاد أي التي لا تتطلب منا إلا التصديق الجازم -قد يقول قائل- أي في هذه الأخبار- أن خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب، وبالعدالة -أي عدالة الراوي- يترجح الصدق بحيث لا يبقى احتمال الكذب وهو معنى العلم -وجوابه أنا لا نسلم ترجح جانب الصدق إلى حيث لا يحتمل الكذب أصلاً بل العقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب علم اليقين وإن احتمال الكذب قائم وإن كان مرجوحاً والالزام القطع بالنقيضين عند أخبار العدلين بهما، وجواب الأول وجهان: أحدها أن الأحاديث في باب الآخرة فيها ما اشتهر فيوجب علم الطمأنينة وفيها ما هو خبر الواحد فيفيد الظن وذلك والتفاصيل والفروع وفيها ما تواتر فيفيد القطع واليقين(1)


الهامش:
(1) - شرح التلويح على التوضيح: المؤلف: مسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني؛ ت 793؛ ج2؛ ص4 و5 وما بعدها؛ الطبعة بدون طبعة وبدون تاريخ عدد الأجزاء 2
3- رأي الامام عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الإسفرايني
فقد جاء في كتابه (أصول الدين) [وأخبار الآحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل دون العلم] أهـ (1)
وقال أيضاً في كتابه (الفرقُ بين الفِرَقِ) [وأما أخبار الآحاد فمتى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل دون العلم، وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم في أن يلزم الحكم بها في الظاهر وإن لم يعلم صدقهم في الشهادة، وبهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام، وضللوا من أسقط وجوب العمل بأخبار الآحاد بالجملة] (2)
4- رأي الشيخ حسن العطار في شرحه على شرح الجلال المحلي
قال الجلال المحلي [نهى الله عن اتباع غير العلم... والنهي للتحريم، فلا يكون إلا واجباً، وقوله ذم على اتباع الظن يدل على حرمته، أي أن اتباع الظن في العقائد حرام شرعاً، لأن النهي ورد من الله تبارك وتعالى عن اتباع الظن في العقائد كما سبق وإن أوضحت] أهـ (3)
وقال الشيخ الشربيني في هامشه على حاشية العطار
[إن المتواتر يفيد العلم الضروري.. وأما خبر الواحد فلا يفده] أهـ (4)





الهامش:
(1) - أصول الدين: المؤلف عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن البغدادي الاسفرايني التعيي: ت429هـ ص2 الطبع الأولى 1928 الصادرة في اسطنبول
(2) - الفرق بين الفرق: المؤلف عبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفرايني ص325-326 طبعة دار المعرفة.
(3) - الشيخ حسن العطار في شرحه على المحلي ج2 ص157
(4) - حاشية الشربيني في هامش على حاشية العطار ج2 ص157
5- رأي الامام عبد الرحمن الجزيري
قال الامام عبد الرحمن الجزيري رحمه الله تعالى في معرض حديثه عن حقيقة السحر وعما قيل في سحر النبي ﷺ
[… ولم يبقى للقائلين بأن السحر له أثر حقيقي إلا الاستدلال بحديث البخاري الذي رواه عن عائشة رضي الله عنها من أن النبي ﷺ قد سحر، وأنه كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله، وهذا حديث صحيح لم يتعرض أحد للقدح في أحد من رواته، ومن الحسن أن يقال: أن هذه الأحاديث تجزئ في المسائل الفرعية لا في المسائل الاعتقادية، فإن العقائد لا تبنى إلا على الأدلة اليقينية، وهذه الأحاديث مهما كانت صحيحة فهي أحاديث آحاد لا تفيد إلا الظن، لأن الأحاديث الصحيحة يجب أن تكون لها قيمتها في الاثبات، فهي معضده للبراهين العقلية] أهـ(1)
6- رأي الأستاذ زكي الدين شعبان.
قال الأستاذ زكي الدين شعبان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس في القاهرة في كتابه "أصول الفقه" ما نصه [حكم سنة الآحاد أنها لا تفيد العلم وأنما تفيد الظن ولهذا لا يصلح الاعتماد عليها في الأحكام الاعتقادية، وإنما يعمل بها في الأحكام العملية، إذا حققت الشروط المعتبرة فيها] أهـ (2)








الهامش:
(1) - الفقه على المذاهب الأربعة: المؤلف: عبد الرحمن الجزيري ج5 ص391 طبعة مكتبة الثقافة الدينية والناشر دار الإرشاد والتأليف والطبع
(2) - أصول الفقه: المؤلف: زكي الدين شعبان الطبع الثالثة سنة 1964 مطبع دار التأليف بمصر
7- رأي الامام النووي
قال الامام النووي في شرحه لصحيح مسلم في معرض رده على المحدث ابن الصلاح من إفادة أحاديث البخاري ومسلم للعلم النظري ما نصه
[ وهذا الباب ذكره الشيخ في هذه المواضع خلاف ما قاله المحققون والأكثرون فإنهم قالوا أن أحاديث الصحيحين البخاري ومسلم التي ليست متواترة إنما تفيد الظن فإنها آحاد، والآحاد إنما يفيد الظن على ما تقرر ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرها في ذلك وتلقي الأمة بالقبول لها إنما أفادنا وجوب العمل فيها إذا صحت أسانيدها ولا تفيد إلا الظن فكذا الصحيحان، وإنما يفترق الصحيحان عن غيرهم من الكتب في كون ما فيهما صحيحاً لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يلزم العمل به مطلقاً، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر وتوجد فيه شروط الصحة ولا يلزم العمل من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي ﷺ. وقد اشتد إ نكار ابن برهان الأمام، وعلى من قال بما قاله الشيخ، أي ابن صلاح، وبالغ في تغليظه] (1) أهـ
وجاء في نفس المصدر، قول للأمام مسلم ، في معرض رده على من طعن في خبر الواحد الثقة واشترط لذلك شروطاً للعمل به أي ليقبله في الأحكام الشرعية العملية ما نصه، [قال الامام مسلم: فيقال لمخترع هذا القول قد اعطيت في جملة قولك إن خبر الواحد الثقة حجة يلزم العمل به] أهـ









الهامش:
(1) - شرح صحيح مسلم للإمام النووي ج1 ص20 المطبعة المصرية القاهرة
وقد شرح كلامه الامام النووي ما نصه:
[هذا الذي قاله مسلم رحمه الله تنبيه على القاعدة العظيمة التي يبنى عليها معظم أحكام الشرع، وهو وجوب العمل بخبر الواحد، فينبغي الاهتمام بها والاعتناء بتحقيقها وقد أطنب العلماء رحمهم الله في الاحتجاج لها وايضاحها وافرادها جماعة من السلف بالتصنيف، واعتنى بها أئمة المحدثين وأصول الفقه وأول من بلغنا تصنيفه فيها الإمام الشافعي رحمه الله وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية في كتب أصول الفقه ونذكرها هنا طرفاً في بيان خبر الواحد والمذاهب فيه مختصرة، قال العلماء الخبر ضربان متواتر وآحاد. فالمتواتر ما نقله عدد لا يمكن مواطأتهم على الكذب عن مثلهم ويستوي طرفاه والوسط ويخبرون عن حسي لا مظنون ويحصل العلم بقولهم. ثم المختار الذي عليه المحققون والأكثرون أن ذلك لا يضبط بعدد مخصوص ولا يشترط في المخبرين الإملاء ولا العدالة وفيه مذاهب أخرى ضعيفة وتفريعات معروفة مستقصاة في كتب الأصول. وأما خبر الواحد فهو مالم يوجد فيه شروط المتواتر سواء أكان الراوي له واحد أو أكثر، وأختلف في حكمه، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم، وأن وجوب العمل قد عرفناه بالشرع لا بالعقل، وذهلت القدرية -المعتزلة- والرافضة وبعض أهل الظاهر إلا أنه لا يجب العمل به، ثم منهم من يقول: منع من العمل به دليل العقل، ومنهم من يقول منع من العمل به دليل الشرع، وذهبت طائفة إلى أنه يجب العمل به من جهة دليل العقل، وقال الجبائي من المعتزلة: لا يجب العمل إلا بما رواه إثنان عن إثنين، وقال غيره: لا يجب العمل إلا بما رواه أربعة عن أربعة، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنه يوجب العلم، وقال بعضهم يوجب العلم الظاهر دون الباطن، وذهب بعض المحدثين إلى أن الآحاد التي في صحيح البخاري أو صحيح مسلم تفيد العلم دون غيرها من الآحاد، وقد قدمنا هذا القول وإبطاله في الفصول، وهذه الأقاويل كلها سوى قول الجمهور باطلة، وإبطال من قال لا حجة فيه ظاهرة فلم تزل كتب النبي ﷺ وٱحد رسله يعمل بها ويلزمهم النبي ﷺ العمل به كذلك واستمر على ذلك الخلفاء الراشدون ممن بعدهم ولم يزل الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ممن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بسنة وقضائهم به ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا به على خلافه وطلبهم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن هو عنده، واحتجاجهم بذلك عند من خالفهم، وهذا كله معروف لا شك في شيء منه والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه وأما من قاله يوجب العلم فهو مكابر للحس، وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه والله أعلم] أهـ (1)
الهامش:
(1) - شرح صحيح مسلم للإمام النووي ج1 ص130-132 طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان
8- رأي الإمام الشافعي.
جاء في كتاب الرسالة ما نصه:
المسألة 1328: فقلت له: العلم من وجه؛ منه إحاطة في الظاهر والباطن ومنه حق في الظاهر
المسألة 1329: فالإحاطة منه ما كان نص حكام الله أو سنة لرسول الله نقلها العامة فهذان السبيلان اللذان يشهد بهما فيما أحل أنه حلال وفيما حرم أنه حرام وهذا الذي لا يسع أحد عندنا جهله والشك فيه.
المسألة 1330: وعلم الخاصة سنة من خبر الخاصة يعرفها العلماء ولم يكلفها غيرهم. وهي موجودة فيهم أو في بعضهم بصدق الخاص المخبر عن رسول الله ﷺ بها وهذا اللازم لأهل العلم أن يصيروا إليه، وهو الحق الظاهر. أهـ
المسألة 964: قال لي قائل ما العلم؟ وما يجب على الناس في العلم؟ فقلت له: العلم علمان علم عامة لا يسع بالغاً غير مغلوب على عقله جهله.
المسألة 964: وهذا الصنف كله من العلم موجوداً نصاً في كتاب الله وموجوداً عند عامةً عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم، فيحكونه عن رسول الله ﷺ ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم. وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا من التأويل ولا يجوز فيه التنازع.
المسألة 966: قال من الوجه الثاني قلت له ما ينوب العباد من فروع الفرائض وما يخص به من الأحكام وغيرها مما ليس فيه نص كتاب، ولا في أكثره سنة، وإن كنت في شيء منه سنة فإنما هي أخبار الخاصة لا أخبار العامة وما كان منه يحتمل التأويل ويستدرك قياساً





الهامش:
(1) - الرسالة: المؤلف الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس ت204هـ ص478-357-358 المحقق أحمد شاكر الناشر مكتبة الحلبي مصر الطبعة الأولى 1358هـ
9- رأي المفكر والداعية (سيد قطب).
[عند تفسيره لقوله تعالى في سورة الفلق {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} الآية رقم 4 ما نصه
[وقد وردت روايات بعضها صحيح ولكنه غير متواتر، أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي ﷺ في المدينة قيل أياماً وقيل أشهر حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله، في رواية أن السورتين أي الناس والفلق نزلتا رقية لرسول الله ﷺ فلما استحضر السحر المقصود -كما أُخبر في رؤياه- وقرأ السورتين انحلت العقد وذهب عنه السحر. ولكن هذه الروايات تخالف أصل العصمة النبوية في العقل والتبليغ، ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله، وكل قول من أقواله سنة وشريعة، وكما أنها تصدم بنفي القرآن عن الرسول أنه مسحور، وتكذيب المشركين بما كانوا يدعونه من هذا الإفك، ومن ثم تستبعد هذه الروايات، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة، والمرجع هو القرآن والتواتر شرطاً للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد وهذه الروايات ليست من المتواتر] أهـ (1)
10- رأي جلال الدين السيوطي.
جاء في كتاب الإتقان في علوم القرآن ما نصه:
[لا خلاف أن كل ما هو في القرآن يجب أن يكون متواتراً في أصله وأجزائه وأما في محله ووضعه وترتيبه، فكذلك عند محققي أهل السنة للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله لأن هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم مما تتوفر الدواعي على نقل جمله وتفاصيله، فما نقل من ٱحداً ولم يتواتر بقطع بأنه ليس من القرآن قطعاً] أهـ (2)
وأضاف أيضاً في باب القراءات والشاذة والتي هي غير متواترة، ما نصه:
[والموقوف على المظنون مظنون والظني لا يكتفي به في الأصول... والظن لا يعول عليه في المسائل الأصولية قطعاً] أهـ (3)


الهامش:
(1) - ظلال القرآن: المؤلف: سيد قطب: ج6 ص4008 طبعة دار الشروق
(1) - الإتقان في علوم القرآن: المؤلف: جلال الدين السيوطي ت911هـ ج1 ص77 طبعة المكتبة الثقافية بيروت
(2) - الإتقان في علوم القرآن ج2 ص5
المطلب الثاني: رأي من قال بجواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة
1- ابن حزم الظاهري
ذهب ابن حزم إلى الجواز بالاستدلال في حديث الآحاد في العقيدة كما جاء في كتابه (المحلى بالآثار) وكان من جملة ما استشهد به ابن حزم هو قوله تعالى ﷽ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر الآية رقم 9
فجعل كلمة الذكر تشمل السنة كما شملت القرآن، لأجل ذلك كانت عنده السنة كلها قطعية ، ولأجل ذلك جاز الاحتجاج بها وفي آحادها في العقائد وسيأتي نقاشها. (1)
2- رأي الإمام أحمد بن حنبل.
جاء في كتاب أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل للدكتور عبد الله بن محسن التركي (2) ما نصه:
... فالقاضي -رحمه الله- في العدة قال: خبر الواحد لا يوجب العلم الضروري، وقد رأيت في كتاب معاني الحديث ، جمع أبي بكر الأثرم بخط أبي حفص عمر بن بدر قال: الإقراء الذي يذهب إليه أحمد بن حنبل -رحمه الله- إذا طعنت في الحيضة فقد برء منها وبرئت منه، وقال إذا جاء الحديث عن النبي ﷺ بإسناد صحيح فيه حكم أو فرض عملت بالحكم والفرض. ودنت لله تعالى وبه ولا أشهد أن النبي ﷺ قال ذلك. فقد صرح







الهامش:
(1) - المحلى بالآثار: المؤلف: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي ت456 ج1 ص71 منشورات المكتب التجاري تحقيق أحمد شاكر
(2) - أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل، المؤلف: عبد الله بن عبد المحسن التركي ص250 الطبعة الثانية 1397هـ في تحفة الآحاد ومرتبته وصحته والاستدلال به وإفادته العلم والظن
القول إنه لا يقطع به.
وقد رأيت في كتاب الرسالة لأحمد -رحمه الله- رواية العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب الفارسي عنه بخط أحمد بن سعيد السخمي وسماعه فقال: ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه من أهل النار بذنب عمله ولا لكبيرة أتاها إلا أن يكون ذلك في حديث كما جاء على ما نصدقه، ونعلم أنه كما جاء، ولا ننص الشهادة، ولا نشهد على أحد أنه من أهل الجنة بصالح عمله ولا بخير اتاه. إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا ننص الشهادة. وقوله: ولا ننص الشهادة معناه عندي والله أعلم لا يقطع على ذلك.
قلت : أي كاتب البحث . فعلى هذا الرأي فإن الإمام أحمد لا يوجب في الخبر الواحد القطع فلا يوجب العلم الضروري ولكن هناك رأي لأحمد -رحمه الله- يقول إنه يوجب العلم الضروري فللإمام أحمد في هذه المسألة رأيان فقد جاء في نفس المصدر في كتاب أصول الإمام أحمد للدكتور عبد الله عبد المحسن التركي ما نصه:
[وقد نقل ابو بكر المروزي قال قلت لأبي عبد الله: ههنا إنسان يقول: إن الخبر يوجب عملاً ولا يوجب علماً فعابه وقال: ما أدري ما هذا. وظاهر هذا أنه سوى بين العلم والعمل، وقال في رواية حنبل في أحاديث الرؤية: نؤمن بها ونعلم أنها حق، فقطع على العلم بها. وذهب إلى ظاهر هذا الكلام جماعة من أصحابنا قالوا: خبر الواحد إن كان شرعاً أوجب العلم. وهذا عندي محمول على وجه صحيح من كلام أحمد -رحمه الله- وأنه يوجب العلم من طرف الاستدلال لا من طرف جهة الضرورة. والاستدلال يوجب العلم من أربعة أوجه تم ذكرها، وحصلها أنه أفاد العلم لا بذاته، بل لما قواه من غيره، سبق أن هذا الرأي جماعة من العلماء، واستبعدناه عند تحرير النزاع، ثم استدل على أن خبر الواحد لا يوجب العلم الضروري وأورد اعتراضات ثم رد عليها.
والخلاصة أن القاضي أورد روايتين عن أحمد، وكل رواية قال بها بعض أصحابه.
ولكن القاضي يرى أن مذهب أحمد يرى أن خبر الواحد لا يفيد العلم الضروري، وقد حمل القاضي ما نقله عن أحمد في إفادته العلم على أنه إفادة عن طريق الاستدلال، لا من جهة الضرورة، أي لما أحتف به من القرائن.
2- وجاء أيضاً في نفس المصدر
[وأبو الخطاب -رحمه الله- في كتابه التمهيد يرى أن خبر الواحد لا يفيد العلم فقد قال: خبر الواحد لا يقتضي العلم ثم ذكروا رواية الأثرم التي ساقها القاضي، وذكر أن جمهور العلماء يقولون بأنه لا يفيد العلم، ثم ذكر أنه يفيد العلم، وقال: وبه قال جماعة من أصحابنا، وأصحاب الحديث وأهل الظاهر، وذكر أي النظام على أنه يفيد العلم مع القرينة، ثم بين أدلة من قال إنه لا يفيد العلم. ثم عقد فصلاً قال فيه: فأما خبر الواحد إذا أجمعت الأمة على حكمه وتلقته الأمة بالقبول اختلف الناشر في ذلك، فظاهر كلام أصحابنا أنه يقع به العلم، ومن الناس من قال: لا يقع به العلم. ثم ذكر وجه كل قول وقال في الأخير وكلا القولين محتمل.
والخلاصة من هذا أيضاً:
أنه لم يخرج عما اختاره شيخه أبو يعلي سوى أن أبا يعلي وكما تقدم يرى أن خبر الواحد إذا أجمعت الأمة على حكمه وتلقته الأمة بالقبول يفيد العلم ولم يتردد في ذلك أما أبو الخطاب فلم يمل لأحد القولين حيث حكى الاحتمال
3- وأبو محمد في الروضة قال: [اختلفت الرواية عن أمامنا رحمه اللَّه في حصول العلم بخبر الواحد، فروى أنه لا يحصل به، وهو قول الأكثرين والمتأخرين من أصحابه، ثم استدل بهذه الرواية بمثل ما يستدل به من لا يرى إفادة خبر الواحد العلم.
ثم ذكر الرواية الثانية: بأنه يفيد العلم وحملها أيضا مثل ما حملها القاضي من أن المراد إفادة خبر الواحد العلم إذا تقوى بما يجعله يفيد العلم.
وذكر ابن بدر أن تعليقاً على كلام الموفق بأن الرواية عن أحمد بأن خبر الواحد يفيد العلم فخرجه عن كلامه، وليست صريح كلامه، وأيد القول بحملها على خبر الواحد إذا احتفت به القرائن.
4- وفي المسودة لأبن تيمية ذكرت الروايتان عن أحمد وطريقة القاضي التي سبق أن نقلناها عنه.
وذكر أبو المحاسن أن القاضي في الكفاية نصر للرواية القائلة بأنه يفيد العلم وذكر أبو العباس أن القاضي تأول الكلام الذي قاله أحمد على أن القطع يحصل استدلالاً بأمور انضمت إليه.
والخلاصة من كلام ابن تيمية هذا أنه يرى أن وجوب العمل به مقترن مع إفادته العلم، ولكن العلم ليس درجة واحدة بل يتقوى ويختلف، وهو أيضاً كما صرح به، ولا يقول بأن خبر كل واحد يفيد العلم، بل لابد من انضمام ما يدل على صحتة سنده وصدق روايته، أو غير ذلك من المقويات. وهذا بعينه ما اختاره القاضي من الحنابلة ومن تبعه كما قدمنا ذلك عنهم. وقال ابن بدر أن في الدفاع عن أحمد وأنه لم يقل بإفادة خبر الواحد العلم مطلقاً: (وكذلك ما نسب إليه ابن الحاجب والواسطي وغيرهما من أنه قال: يحصل العلم في كل وقت بخبر عدل، وإن لم يكن ثم قرينة غير صحيح أصلاً، وكيف يليق بمثل إمام السنة أن يدعي هذه الدعوى في أي كتاب رويت عنه رواية صحيحة.)
5- والفتوحي في شرح مختصر التحرير أشار إلى الأقوال مما يفيده خبر الواحد وذكر أن طائفة من علماء الحنابلة اختاروا إفادته العلم مع القرائن. وأن المذهب إفادته العلم أيضاً إذا لقول الأئمة المتفق على إمامتهم من طرف متساوية وتلقى القبول، وقال: إن قول القاضي وأبي خطاب وابن الزغوتي وابن تيمية وغيرهم.
وخلاصة رأي الأصوليون من علماء الحنابلة في مذهب الإمام أحمد كما يلي:
1- أن أحمد نقلت عنه روايتان:
أحدهما يفيد العلم، والأخرى تفيد الظن.
2- أن الأصحاب اختلفوا على قولين تبعاً لما روي عن أحمد فمنهم من قال: أن خبر الآحاد يفيد العلم ومنهم من قال إنه يفيد الظن.
3- أن أكثرهم وخاصة من اشتهرت كتبه في الأصول يختار القول بأنه لا يفيد العلم لذاته. ويحمل ما روي عن أحمد من أنه يفيد العلم على انضمام القرائن له.
4- وعلى هذا يكون خبر الآحاد عندهم إذا احتفت به القرائن مفيد للعلم وعليه لا يكون خبر الواحد مفيد للعلم عندهم.
المطلب الثالث: أدلة الجمهور الذين قالوا بحرمة أخذ العقيدة عن طريق الظن ورواية حديث الآحاد.
إن مما ينبغي أن يكون معلوم لدى كل مسلم أن دليل العقيدة يجب أن يتصف بأمرين:
- الأول: أن يكون الدليل قطعي الثبوت. - الثاني: قطعي الدلالة.
وهذا الشرطان لابد أن يجتمعان في الدليل لكي يصح الاستدلال به، ومن الادلة التي احتج بها:
1- قوله تعالى ﷽ {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ} سورة النجم الآية رقم 23
2- قوله تعالى ﷽ {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ (27) وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)} سورة النجم الآية رقم 27-28
3- قوله تعالى ﷽ {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} سورة يونس الآية رقم 36
4- قوله تعالى ﷽ {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} سورة النساء الآية رقم 157
5- قوله تعالى ﷽ {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} سورة الأنعام الآية رقم 116
6- قوله تعالى ﷽ {كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} سورة الأنعام الآية 148
7- قوله تعالى ﷽ {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ ۗ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} سورة يونس الآية رقم 66
8- قوله تعالى ﷽ {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ ۖ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا ۚ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} سورة يونس 68
9- قوله تعالى ﷽ {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} سورة ص الآية رقم 27
10- قوله تعالى ﷽ {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} سورة الجاثية الآية رقم 32
11- قوله تعالى ﷽ {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ (23)} سورة فصلت الآية رقم 22-23
12- قوله تعالى ﷽ {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} سورة الجن الآية رقم 7
13- قوله تعالى ﷽ {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} سورة البقرة الآية رقم 78


المطلب الرابع: أدلة من قال بجواز الاستدلال بالآحاد في العقيدة.
1- لقد استدل ابن حزم -رحمه الله- على أن خبر الواحد يفيد العلم، وأنه لا يجوز فيه الكذب ولا الوهن.
2- أن كلام الرسول ﷺ كله وحي من عند الله وأن كل وحي نزل على الرسول ﷺ هو ذكر وإن الله تبارك وتعالى تعهد بحفظ الذكر كما جاء بالآية الكريمة ﷽ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر الآية رقم 9
وضمن ألا يضيع من الذكر ولو حرف وإلا كان كلام الله كذباً.
فهذا يعني عنده أن كل ما نزل على رسول الله ﷺ من قرآن أو سنة محفوظ ولا سبيل إلى اختلاطه بباطل.
2- استدل أصحاب هذا الرأي أن النبي ﷺ كان يبعث الرسل إلى الملوك وهم آحاد لكي يبلغوهم الإسلام فدل ذلك على أن خبر الواحد حجة.
3- إن الأحاديث التي في الصحيحين البخاري ومسلم تلقتها الأمة بالقبول مع أنها أخبار آحاد وبما أن الأمة معصومة عن الخطأ فأصبحت تفيد اليقين والعلم ولأن إجماعها يفيد القطع.
المبحث الرابع
المطلب الأول: مناقشة الرأي الذي يقول إن حديث الآحاد لا يفيد العلم.
لقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة جميعها من القرآن الكريم ولتي لو أمعنا النظر في هذه الآيات لوجدناها تتكلم عن العقيدة والتي تميزت هذه الآيات بأمرين:
الأول: تحريم الاعتقاد بغير سلطان أو برهان ومن المعلوم أصولاً أن النهي عن الفعل هو نهي ضده وبما أن الموضوع هو موضوع في العقيدة والآيات تتكلم عن الحق والباطل والهداية والضلال فإن كل هذا يدل على موضوعها العقيدة، فالذم على إتباع الظن فيه نهي، وبما أن الموضوع هو موضوع في العقيدة كانت القرينة تدل على أن النهي يفيد الحرمة "يعني أن اتباع الظن في العقائد محرم" والدليل القاطع هو الذي يصلح دليلاً للعقائد والظن وحديث الآحاد ليس بدليل قاطع فإذاً يحرم الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة وهذا هو رأي الجمهور من العلماء قاطبة كما صرح الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم كما مر معنا أنفاً.
غير أن هذا الرأي يحرم من خلال الآيات الأنفة الذكر على حرمة الاستدلال في العقيدة، ولا يشمل الأحكام الشرعية التي دلت الأدلة الشرعية على جواز الاستدلال عليها بالأدلة الظنية وهذا رأي الجمهور.
إن الناظر إلى أدلة الجمهور يجد أنه لا بد من العلم واليقين والقطع في العقيدة والآيات عنفت على الذين اعتقدوا عن طريق الظن.
ولقد مر معنا سابقاً تعريف الظن في مدلوله اللغوي "هو إفادة الاحتمالين مع الترجيح أي ترجيح أحداهما على الآخر" فكيف يجوز الاستدلال بالاحتمال في الأصول، وكما هو معلوم الأصول لا يجوز أن يتطرق إليها الاحتمال وقد قيل "ما تتطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال".
1- ومن الأمور التي نوقشت بها الآيات أي دليل الجمهور التي تتتكلم على حرمة اتباع الظن في العقيدة ، قالوا إن الآيات تضمنت اتباع الهوى، فيكون هذا هو المقصود، وهو تفسير لاتباع الظن الوارد في الآية، فتكون الآية ظنية الدلالة.
الجواب: إن اتباع الهوى جاء معطوفاً على اتباع الظن بالواو وهي تفيد المغايرة، فاتباع الظن غير الهوى قطعاً، والأمر زائد عليه وليست مفسراً له أو بدلاً عنه.
2- ونوقشت الآيات بأنها خاصة بالمشركين لأنها نزلت في حقهم وهم من خوطب بها، فهي ليست للمسلمين.
الجواب: إن خصوص السبب لا يسقط العموم، وهذه من المعلوم في الأصول كما تقول القاعدة "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" ولعل الناظر في كثير من الآيات والأحاديث يجد أنها نزلت بسبب حادثة معينة أو شخص ما.
فمثلاً: آية حكم الظهار نزلت في حق أوس بن الصامت وغيرها الكثير فهذه الأحكام وأدلتها شاملة في حكمها إلى قيام الساعة.
ثانياً:
لقد ادعى الذين يقولون بجواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة أن هذا الرأي ألا وهو عدم جواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة، أن هذا الرأي مبتدع ولم يقل به إلا أهل الكلام وبعض الغلاة من المعاصرين.
الجواب: نقول لهم إن هذا الرأي قديم جداً، فقد جاء في شرح صحيح مسلم للإمام النووي [فالذي عليه هو جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم] فهل بعد هذا الكلام كلام.
يقال إن هذا الرأي لم يقل به إلا أهل الكلام، فإنا نقول لهم: لقد تكلم في هذه المسألة - الإمام العز بن عبد السلام والإمام القرافي والإمام النووي والإمام السرخسي والإمام البغدادي وابن برهان وابن عبد البر وابن حجر العسقلاني والقاسمي وسيد قطب وغيرهم الكثير، فهل هؤلاء من العلماء والمحسوبين على أهل الكلام أو أن لهم رتبة ووزناً عند أهل الإسلام.
ثالثاً:
قالوا أي الذين يجيزون حديث الآحاد في العقيدة إن أحاديث الصحيحين تفيد القطع -طبعاً الغير مختلف فيها- وهذا رأي ابن الصلاح كما جاء في شرح مسلم للنووي رحمه اللَّه.
قالوا إن الأمة تلقته بالقبول فأصبحت تفيد القطع، وأجاب الإمام النووي رحمه اللَّه أن الأمة تلقتهما بالقبول عملاً ، أي أن كل ما جاء فيهما يصلح للاستدلال فيهما في الأحكام الشرعية لا في الاعتقاد، والحقيقة ليس بعد رد الإمام النووي رد ، وهو الفقيه و الأصولي والمحدث والمجتهد واللغوي صاحب التصانيف .
رابعاً:
عدم الاحتجاج بالحديث على اللغة.
من المعلوم عند العلماء أن تدوين اللغة قد سبق تدوين الحديث والسبب هو حرص العلماء على القرآن وعلى فهمه والقرآن كما هو معلوم نزل باللغة العربية، وخصوصاً لغة قريش، فقام العلماء أي علماء اللغة ، بجمع مفردات اللغة وتدوينها وتقيد قواعدها من أجل فهم القرآن كما أنزل والمتتبع لكيفية جمع مفردات اللغة وأساليب العرب في التعبير عن هذه المفردات يجد أن علماء اللغة مع أنهم كانوا في غالبهم فقهاء ومحدثين ومفسرين إلا أنه غلب عليهم الاختصاص باللغة العربية، إن المتتبع لطريقة جمع اللغة العربية يجد أنهم تتبعوا نفس الطريقة التي تتبعها علماء الحديث بل أشد ، فنجدهم استخدموا قانون الجرح والتعديل، وقسموا الأخبار إلى متواتر وآحاد، وإلى قطعي وظني.
يقول ابن الأنباري
وهو من علماء اللغة المشهورين، وأيضا كان هو من علماء الفقه والحديث [اعلم أن النقل ينقسم إلى قسمين: تواتر وآحاد، فأما التواتر فلغة القرآن، وما تواتر من السنة وكلام العرب، وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم... وأما الآحاد فما تفرد بنقله بعض أهل النقلة ولم يوجد فيه شرط التواتر، وهو دليل مأخوذ به، واختلفوا في افادته العلم فذهب الأكثرون إلى أنه يفيد الظن وزعم بعضهم أنه يفيد العلم، وليس بصحيح لتطرق احتمال الشك، وزعم بعضهم أنه إذا اتصلت به القرائن أفاد العلم ضرورة كخبر التواتر لوجود القرآن... واعلم أن اكثر العلماء إلى حد لا يجوز فيه عن مثلهم الاتفاق على الكذب، كنقل لغة القرآن وما تواتر من السنة وكلام العرب، فإنهم انتهوا إلى حد يستحيل على مثلهم فيه الاتفاق على الكذب...
وقال في شروط نقل الآحاد [أعلم أنه يشترط أن يكون الناقل عدلاً، رجلاً كان أو امرأة، حراً كان أو عبداً، وكما يشترط في نقله ما اشترط في نقله، وإن لم يكن من الفضيلة من شكله، فإن كان ناقل اللغة فاسقاً لم يقبل نقله، يقبل نقل العدل الواحد ولا يشترط أن يوافقه في النقل غيره، لأن الموافقة لا تخلوا... أما أن تشترط لحصول العلم أو لغلبة الظن، بطل أن يقال لحصول العلم لأنه لا يحصل العلم بنقل إثنين، توجب أن تكون لغلبة الظن وإن كان لغلبة الظن فقد حصل عليه الظن بخبر الواحد من غير موافقة. (1)
- رواية الحديث بالمعنى.
ومن الأسباب التي جعلت أهل اللغة لا يحتجون بالحديث باللغة هو رواية الحديث بالمعنى.
يقول العلامة "عبد القادر البغدادي" في كتابه خزانة الأدب [وأما الاستدلال بحديث النبي ﷺ فقد جوزه ابن مالك وتبعه الشارح وهو الرضي المحقق في ذلك، وزاد عليه الاحتجاج بكلام أهل البيت رضي الله عنهم -لأنه شيعي المذهب- وقد منعه ابن الضائع وابن حيان وسندهما أمران:
الأول: أن الأحاديث لم تنقل كما سمعت من النبي ﷺ وإنما رويت بالمعنى.
ثانياً: أن أئمة النحو المتقدمين من المصرين - أي البصرة والكوفة- لم يحتجو بشيء منه.
وهذا بعض ما قالوا في عدم جواز الاحتجاج بالحديث في اللغة.
يقول ابو الحسن بن الضائع في شرح الجمل [تجويز الرواية بالمعنى هو السبب عندي ترك سيبويه وغيره الاستشهاد على إثبات اللغة بالحديث. واعتقدوا في ذلك على القرآن وصريح النقل عن العرب.
ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان الأولى في إثبات تصحيح اللغة كلام النبي ﷺ لأنه أفصح العرب. قال ابن حزوف يستشهد بالحديث كثيراً، فإن كان على وجه الاستظهار والتبرك بالمروي فحسن، وإن كان يرى أن من قبله أغفل شيئاً وجب عليه استدراكه فليس كما رأى.


الهامش:
(1) - الإغراب في جدل الإعراب: المؤلف: أبو البركات عبد الرحمن كمال الدين بن محمد الأنباري: ت577هـ ص83 وما بعدها، تحقيق: سعيد الأفغاني، دار الفكر.
وقال أبو حيان في شرح التسهيل: قد أكثر المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث عن إثبات القواعد الكلية في لسان العرب، وما رأيت أحداً من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره، على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب كأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمرو والخليل وسيبويه من أئمة البصريين والكسائي والفراء وعلي بن المبارك الأحمر وهشام الضرير من أئمة الكوفيين لم يفعلوا ذلك وتبعهم على ذلك المسلك المتأخرون من الفريقين وغيرهم من نحاة الأقاليم كنحاة بغداد وأهل الأندلس وقد جرى الكلام مع كبار المتأخرين الأذكياء فقالوا: إنما ذكر العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول ﷺ، إذ لو وثقوا بذلك لجرى مجرى القرآن الكريم في إثبات القواعد الكلية، وإنما كان كذلك لأمرين:
إحداهما: إن الرواة جوزوا النقل بالمعنى، فتجد قصة واحدة قد جرت في زمانه ﷺ لم يقل بتلك الألفاظ جميعها نحو ما روي من قوله [زوجتكها بما معك من القرآن] أو [ملكتكها بم معك من القرآن] "خذها بما معك من القرآن" وغير ذلك من الألفاظ الواردة، تعلم يقيناً أن رسول الله ﷺ لم يلفظ بجميع هذه الألفاظ، بل لا يجزم أنه قال بعضها، إذ يحتمل أنه قال لفظاً مرادفاً لهذه الألفاظ.
فأتت الرواة بالمرادف، ولم تأت بالفظة، إذ هو المطلوب ولا سيما تقادم السماع، وعدم ضبطها بالكتابة، والاتكال على الحفظ، والضابط منهم من ضبط المعنى، أما ضبط اللفظ فبعيدٌ جداً، لا سيما في الأحاديث الطوال.
وقد قال سفيان الثوري: إن قلت لكم إني أحدثكم كما سمعت فلا تصدقوني إنما هو المعنى، ومن نظر في الحديث أدنى نظر علم اليقين أنهم يرون بالمعنى.
ثانياً: أنه وقع اللحن كثيراً فيما روي من الحديث، لأن كثيراً من الرواة كانوا غير عرب بالطبع، ويتعلمون لسان العرب بصناعة النحو، فوقع اللحن في كلامهم وهم لا يعلمون، ودخل في كلامهم وروايتهم غير الفصح من لسان العرب، وتعلم قطعاً من غير شك أن رسول الله ﷺ، كان أفصح العرب، فلم يتكلم إلا بأفصح اللغات، وأحسن التراكيب وأشهرها وأجذلها.
والمصنف قد أكثر الاستدلال بما ورد بالأثر، مترقبا بزعمه على النحويين وما أمعن في ذلك ولأصحابه التميز -المصنف يعني مالك- ولقد روى لنا بدر الدين بن جماعة وكان ممن أخذ عن ابن مالك قلت له يا سيدي: هذا الحديث رواية الأعاجم، ووقع فيه من رواتهم ما تعلم أنه ليس من لفظ الرسول ﷺ؟ فلم يجب بشيء. قال أبو حيان: وإنما أمعنت الكلام في هذه المسألة لئلا يقول مبتدئ: ما بال النحويين يستدلون بقول العرب، وفيهم المسلم والكافر ولا يستدلون بما روي في الحديث بنقل العدول كالبخاري ومسلم وأضرابهما؟ فمن طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدل النحاة بالحديث, وتوسط الشاطبي فجوز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتنى بنقل ألفاظها. قال في شرح الألفية: لم نجد أحدا من النحويين استشهد بحديث رسول الله ﷺ وهم يستشهدون بكلام أجلاف العرب وسفائهم، الذين يبولون على أعقابهم، وأسفارهم التي فيها الفحش والخنى، ويتركون الأحاديث الصحيحة، لأنها تنقل بالمعنى وتختلف رواياتها وألفاظها بخلاف كلام العرب وشعرهم، فإن رواتها اعتنوا بألفاظها، لما يبنى عليه من النحو، ولو وقفت على اجتهادهم قضيت منه العجب، وكذا القرآن ووجوه القراءات، وأما الحديث فعلى قسمين: قسم يعني ناقله بمعناه دون لفظه، فهذا لم يقع به استشهاد من أهل اللسان. وقسم عرف اعتناء ناقله بلفظه لمقصود خاص كالأحاديث التي قصد بها بيان فصاحته ﷺ، كتابه ﷺ لهمدان، وكتابه ﷺ لوائل بن حجر، والأمثال النبوية، فهذا يصح الاستشهاد به في العربية ، وابن مالك لم يفصل هذا التفصيل الضروري الذي لابد منه، وبنى الحديث على الحديث مطلقاً، ولا أعرف هل يأتي بها أو بمثل هذا عن السلف إلا ابن حزوف، فإنه أتى بأحاديث في بعض المسائل، حتى قال ابن الضائع: لا أعرف هل يأتي بها مستدلاً بها أم هي لمجرد التمثيل.
والحق أن ابن مالك غير مصيب في هذا، فكأنه بناه على امتناع نقل الحديث بالمعنى وهو قول ضعيف (1)
هذه هي مجمل الأدلة التي استدل بها أصحاب الفريق الأول الجمهور والحقيقة أن الآيات لوحدها كافية لعدم الاستدلال بغير القطعي الثبوت القطعي الدلالة على العقيدة لأن الآيات قطعية الثبوت والدلالة في مفهومها ومنطوقها على حرمة الاستدلال بأي شيء لا يثبت أصله وفرعه بدليل قاطع








الهامش:
(1) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: المؤلف: عبد القادر بن عمر البغدادي، ت1093هـ ص5 وما بعدها، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة.
المطلب الثاني: مناقشة أصحاب الرأي الذين يجوزون أخذ العقيدة بحديث الآحاد.
لقد ذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الإجماع دليل على وجوب أخذ العقيدة عن طريق الظن فقالوا
1- إن الأمة قد أجمعت على العمل بخبر الواحد ولولا أنه مفيد للعلم غير مقتصر على الظن، لما وجب العمل به بل لم يجز، لأن الله سبحانه وتعالى نهى عن اتباع الظن
2- أن خبر الواحد لو لم يكن مفيداً للعلم لما أوجبه وإن كثر العدد في حد التواتر، لأن ما جاز على الأول جاز على الثاني.
3- لو لم يكن موجباً للعلم لما أبيح قتل المقر بالقتل على نفسه، ولا بشهادة إثنين عليه، ولما وجبت الحدود بأخبار الآحاد لكون ذلك قاضياً على دليل العقل من براءة الذمة.
4- ما ورد عن علي رضي الله عنه
(ما حدثني أحد بحديث إلا استحلفته سوى أبي بكر) فقد صدق أبا بكر وقطع بصدقه وهو واحد.
- هذا وقد رد أصحاب الفريق الأول أي الذي لا يجيزون الاستدلال بخبر الواحد في العقيدة بما يلي:
1- لو حصل العلم بخبر الواحد لأدى إلى تناقض المعلومين إذا أخبر عدلين بأمرين متناقضين.
2- لو حصل العلم بخبر الواحد لكان عادياً ولو كان عادياً لطرد كخبر المتواتر وللازم منتف، إذا كثيراً ما يسمع خبر العدل ولا يحصل العلم القطعي
3- لو حصل العلم به لوجب القطع بتخطئة من يخالفه بالاجتهاد وهو خلاف الإجماع.
4- أن الإنسان يجد من نفسه تزايد الاعتقاد بالخبر كلما زاد المخبرون، ولو كان الخبر الأول مفيداً للعلم لما حصلت الزيادة لأن العلم لا يقبل الزيادة والنقصان.
5- أن خبر الواحد لو كان مفيداً للعلم لكان العلم حاصلاً بثبوت من أخبر بكونه نبياً دون حاجة إلى معجزة تدل على صدقه ولوجب أن يحصل للحاكم العلم بشهادة الواحد ولا احتاج إلى شاهد آخر ولا تزكيه.
5- لو أن خبر الوحد جائز الاحتجاج به في العقيدة لكان الصحابة عندما جمعوا القرآن الكريم لكانوا اكتفوا بخبر الواحد ولما شرطوا التواتر في جمع القرآن، ولمن أراد الاستزادة في كيفية جمع القرآن وكيف أن الصحابة ردوا العديد من روايات الآحاد الشاذة التي إدعى أصحابها أنها من القرآن بسبب عدم التواتر فليرجع إلى كتب السنة فإن فيها الجواب الشافي الكافي.
- الرد على الإجماع في مسألة خبر الواحد يفيد القطع
لقد إدعى القائلون بجواز أخذ العقيدة عن رواية الآحاد أن الأمة تلقت هذه الأحاديث وقبلتها وعملت بها، مقبول الأمة لها يفيد القطع، لذا إذ إجماع الأمة يفيد العصمة والمعصوم لا يخطئ.
- الجواب: أن هذا القول لا دليل عليها لأسباب نذكر منها:
1- إن مسألة الإجماع مختلف فيها بين الأصوليين والإجماع الوحيد المتفق عليه حسب علمي هو إجماع الصحابة، أما باقي الاجماعات مختلف في أصل ثبوتها وأيضاً في تطبيقاتها، أما في أصلها، مثلاً : إن الإمام مالك لا يأخذ إلا بأجماع أهل المدينة، فيكفي هذا لوحده بنقض ادعاء أن الأمة تلقتها، أي الأحاديث بالقبول. إذ أن الإمام مالك رد كثيراً من الأحاديث دراية والسبب أن هذه الأحاديث لا يعرفها أهل المدينة ولم يعملوا بها، ولقد مر معنا أنفاً أن الإمام النووي كما جاء في شرحه أي البخاري ومسلم يفيدان القطع وخصوصاً الأحاديث الغيرمختلف فيها بين أهل الصنعة، فقال رحمه اللَّه ، إن الأمة تلقتهما عملاً وليس اعتقاداً ، أي أن الأمة اجتمعت على وجوب العمل بها فقط ولم تجتمع أن ما في الصحيحين يفيدان القطع واليقين.
ثم إن الإمام النووي وغيره من العلماء قالوا إن خبر الواحد يفيد الظن والعمل ولا يفيد القطع وقد ادعوا أن هذا رأي الصحابة والتابعين والفقهاء والمحدثين فكيف بعد هذا الكلام يأتي من يدعي الإجماع.
- الرد فيمن زعم أن النبي ﷺ كان يبعث الرسل وهم آحاد لتبليغ العقيدة.
- الرد من عدة وجوه:
1- إن التبليغ هو حكم شرعي ، وهذا الحكم لا يحتاج لأكثر من خبر واحد لكي يعمل به ، والنبي ﷺ كان يبعث رسله ليبلغوا الناس الإسلام، تماماً كما يخرج الرجل فيدعوا إلى دين الله وهو واحد فإن قوله لا يفيد القطع وهذا من البديهيات، فعلى المسلم بعد أن يبلغ أمر ما في العقيدة ، أن يفتش عنه لكيلا يدخل في الأثم في اتباعه للظن.
2- على فرض إن النبي ﷺ كان يرسل رسله لتبليغ العقيدة فهل يعقل أن يذهب رسول الرسول لوحده ليس معه أحد ، ورسول الله كان حاكما ، باعتبار أن رسول الله كان رسولا وحاكما ،فهل يعقل أن يرسل رسول الله رسوله لوحده إلى الصحراء و فيها من المخاطر ما فيها، إذا لابد من إرسال عشرات الأشخاص مع هذا الرسول لكي يبلغوا تلك العقيدة.

الرأي الراجح.
إن الرأي الراجح في مسألة الاستدلال في خبر الآحاد في العقيدة هو من وجهة نظري هو رأي الجمهور لقوة أدلتهم وقطعيتها ورجحان أدلة الرأي المخالف وظنية ادلتهم، والله أعلم
المطلب الثالث: أراء العلماء في هذه المسألة
هذه بعض النقولات نن أقوال العلماء ممن قالوا بعدم أخذ العقيدة عن طريق الظن والٱحاد للإستزادة ،كي لا يقول قائل أن هذا القول هو من قول المبتدعة وأهل الكلام .
علماء مصطلح الحديث
المقترب في بيان المضطرب، المؤلف: أحمد بن عمر بن سالم بازمول: قال العلائي: “إن مدار قبول خبر الواحد على غلبة الظن. وعند الاختلاف فيما هو مقتضٍ لصحة الحديث أو لتعليله، يرجع إلى قول الأكثر عددًا؛ لبعدهم عن الغلط والسهو. وذلك عند التساوي في الحفظ والإتقان. فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قول الأحفظ والأكثر إتقانًا. وهذه قاعدة متفق على العمل بها عند أهل الحديث” (ونسبه الى نظم الفرائد)
المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي، المؤلف: محمـد بن إبراهيم بن جماعة: “وأما أخبار الآحاد، فخبر الواحد كل ما لم ينتهِ إلى التواتر، وقيل هو ما يفيد الظن”.
اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر، عبد الرؤوف المناوي: “الذي ذهب إليه الإمامان والغزالي والآمدي وابن الحاجب والبيضاوي؛ حيث قالوا خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرينة”.
تحقيق الرغبة في توضيح النخبة، فضيلة الشيخ / عبد الكريم بن عبد الله الخضير: “وقد اختلف العلماء فيما يفيده خبر الواحد على أقوال: أولًا: إن خبر الواحد لا يفيد العلم وإنما يفيد الظن مطلقًا، ونسبه النووي إلى المحققين والأكثرين، وحجة هؤلاء أن الراوي وإن كان ثقة حافظًا ضابطًا غير معصوم من الخطأ والسهو، وإذا وجد هذا الاحتمال فإن النفس لا تجزم بصحة الخبر. ثانيًا: وذهب حسين الكرابيسي وداود الظاهري والحارث المحاسبي إلى أن خبر الواحد إذا صح يوجب العلم، وهو مروي عن الإمام أحمد. ولعل مما يحتج لهؤلاء وجوب العمل به والعمل ملازم للعلم؛ لأن الظن لا يغني من الحق شيئًا. ثالثًا: إنه يوجب العلم ويقطع به إذا احتفت به قرينة، مثل: أ – كون الحديث مشهورًا بحيث تكون له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل. ب – كون الحديث مسلسلًا بالأئمة الحفاظ المتقنين، وذلك بأن يكون رجال إسناده الأئمة كأحمد عن الشافعي عن مالك. ج- أن يكون الحديث مما أخرجه الشيخان في صحيحيهما لجلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، ولتلقي الأمة لكتابيهما بالقبول. الراجح: لعلّ أرجح هذه الأقوال ما اختاره الحافظ ابن حجر من أن خبر الواحد إذا احتفت به قرينة أفاد العلم وإلا فلا، ورجّحه ابن القيم أيضًا وأطال في تقريره في الصواعق. وممن صرَّح بذلك الغزالي في المنخول، والرازي في المحصول، والآمدي وابن الحاجب، ونقله السفاريني في لوامع الأنوار عن الإمام الموفق وابن حمدان والطوفي، وقال المرداوي في شرح التحرير: وهذا أظهر وأصح. اهـ. وسبب ترجيحه أن القرينة التي احتفت بالخبر تكون في مقابل الاحتمال الذي أبداه أصحاب القول الأول”.
جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص: 73) أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي أبو سعيد العلائي المحقق: حمدي عبد المجيد السلفي: “لا سبيل إلى القطع إلا في الخبر المتواتر، وأما خبر الواحد فلا يفيد إلا الظن”.
شرح التبصرة والتذكرة (ص: 38) الحافظ العراقي: “حيثُ قال أهلُ الحديثِ: هذا حديثٌ صحيحٌ، فمرادُهُم فيما ظهرَ لنا عملًا بظاهر الإسنادِ، لا أَنَّهُ مقطوعٌ بصحتِهِ في نفسِ الأمرِ، لجوازِ الخطأ والنسيانِ على الثقةِ، هذا هو الصحيحُ الذي عليه أكثرُ أهلِ العلمِ، خلافًا لِمَنْ قالَ: إنَّ خبرَ الواحدِ يوجبُ العلمَ الظاهرَ كحسين بن علي الكرابيسيِّ وغيرِهِ”.
شرح نخبة الفكر للقاري (ص: 215): “وقد يقع فيها، أي في أخبار الآحاد، أي المفيدة للظنّ. (المنقسمة إلى مشهور، وعزيز، وغريب ما يفيد العلم) قال القاضي في شرح مختصر ابن الحَاجِب: اختلف في خبر الواحد العدل، والمختار أنه يفيد العلم بانضمام القرائن. وقال قوم: يحصل بالقرائن وبغيرها أيضًا، ويطّرد أي كلما حصل خبر الواحد حصل العلم. وقال قوم: لا يطَّرِد، أي قد يحصل العلم به لكن ليس كلما حصل، حصل العلم به. وقال الأكثر: لا يحصل العلم به لا بقرينة، ولا بغير قرينة”. كما جاء في شرح نخبة الفكر للقاري (ص: 217): “الاتفاق حاصل على أنّ الآحاد إنما يفيد الظن لا اليقين” كما جاء في شرح نخبة الفكر للقاري (ص: 218): “مَن قال بأن خبر الواحد يفيد العلم، أراد أنه يفيد العلم النظري المستفادَ بالنظر في القرائن، لا بنفس خبر الآحاد بدون النظر في القرائن. ومَن قال: بأنه لا يفيد العلم إلا المتواتر، وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن أراد، أنه بدون القرائن لا يفيد إلا الظن. ولا ينفي أن ما احتفَّ بالقرائن أرجح مما عداه؛ بحيث يترقى عن مرتبة إفادة الظن إلى إفادة العلم، فيكون الخلاف لفظيًا”.
الشيخ محـمد جمال الدين القاسمي كتابه (قواعد التحديث) الطبعة الثانية، دار إحياء الكتب العربية، (ص 147 و148): “الذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من الفقهاء والمحدثين وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم. وهذا كله لا شك في شيء منه، والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد، وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب المصير إليه. وأما من قال يوجب العلم فهو مكابر للحس، وكيف يحصل العلم واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه”.
الكفاية في علم الرواية، الخطيب البغدادي (ص: 25): “ذكر شبهة من زعم أن خبر الواحد يوجب العلم وإبطالها” هذا عنوان لفصل كامل عقده البغدادي، وجاء فيه (ص: 432): “خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها والقطع عليها” وجاء فيه (ص: 432): “ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم القرآن الثابت المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة كل دليل مقطوع به”. كما قال الإمام الخطيب البغدادي في كتابه (الفقيه والمتفقه) (ج:1، ص: 96) ما نصه:” إن أخبار الآحاد المروية في كتب السنن الصحاح فإنها توجب العمل ولا توجب العلم”.
المختصر في علم الأثر (ص: 167): “إن ما اتفق عليه الشيخان من الصحيح يفيد الظن بصحته وبمضمونه ما لم يتواتر خلافًا للبعض؛ لكونه من قبيل غير المتواتر؛ فظهر ضعف قول من قال إنه يفيد القطع بصحته لاجتماع الأمة على تلقيه بالقبول بناءً على أن الكلام ههنا في الخبر نفسه مع قطع النظر عما عداه لا في الخبر مع انضمام إجماع الأمة إليه. ألا ترى أنهم يقولون خبر الواحد لا يفيد إلا الظن وإن كان يفيد العلم في بعض المواضع بانضمام القرائن إليه، فإذًا القول ههنا قول الجمهور لا غير”.
تحرير علوم الحديث لعبد الله الجديع (1/ 34): “والأكثرون من أهل العلم على أن خبر الواحد الثابت يوجب العمل بمقتضاه، ولا يوجب القطع خلافًا لابن حزم وطائفة”.
علم مصطلح الحديث (ص: 5) لابن عثيمين: “وتفيد أخبار الآحاد سوى الضعيف: أولًا: الظن وهو: رجحان صحة نسبتها إلى من نقلت عنه، ويختلف ذلك بحسب مراتبها السابقة، وربما تفيد العلم إذا احتفت بها القرائن، وشهدت بها الأصول”.
روضة الناظر وجنة المناظر (1/ 341) ابن قدامة المقدسي: “اختلفت الرواية عن إمامنا -رحمه الله- في حصول العلم بخبر الواحد: فروى: أنه لا يحصل به. وهو قول الأكثرين والمتأخرين من أصحابنا؛ لأنَّا نعلم -ضرورة- أنَّا لا نصدق كل خبر نسمعه. ولو كان مفيدًا للعلم: لما صح ورود خبرين متعارضين؛ لاستحالة اجتماع الضدين. ولجاز نسخ القرآن والأخبار المتواترة به، لكونه بمنزلتهما في إفادة العلم، ولوجب الحكم بالشاهد الواحد، ولاستوى في ذلك العدل والفاسق كما في المتواتر. وروي عن أحمد أنه قال في أخبار الرؤية (يقطع على العلم بها) وهذا يحتمل أن يكون في أخبار الرؤية وما أشبهها، مما كثرت رواته، وتلقته الآمة بالقبول، ودلت القرائن على صدق ناقله، فيكون إذًا من المتواتر؛ إذ ليس للمتواتر عدد محصور. ويحتمل أن يكون خبر الواحد عنده مفيدًا للعلم. وهو قول جماعة من أصحاب الحديث وأهل الظاهر. قال بعض العلماء: إنما يقول أحمد بحصول العلم بخبر الواحد فيما نقله الأئمة الذين حصل الاتفاق على عدالتهم وثقتهم وإتقانهم، ونقل من طرق متساوية، وتلقته الأمة بالقبول، ولم ينكره منهم منكر؛ فإن الصِّدِّيق والفاروق -رضي الله عنهما- لو رويا شيئًا سمعاه أو رأياه، لم يتطرق إلى سامعهما شك ولا ريب، مع ما تقرر في نفسه لهما، وثبت عنده من ثقتهما وأمانتهما؛ ولذلك اتفق السلف في نقل أخبار الصفات، وليس فيها عمل، وإنما فائدتها: وجوب تصديقها، واعتقاد ما فيها؛ لأن اتفاق الأمة على قبولها إجماع منهم على صحتها، والإجماع حجة قاطعة”.
علماء أصول الفقه
1 – الدكتور محـمد الزحيلي أستاذ كلية الشريعة الإسلامية جامعة دمشق في كتابه (أصول الفقه الإسلامي) (طبعة 1975 ص 163 ـ 164) تحت باب حجية خبر الآحاد ما نصه: “خبر الآحاد يفيد غالبية الظن من حيث وروده عن رسول الله حتى توافرت فيه شروط الراوي التي وضعها علماء الحديث كالثقة والعدالة والضبط وغير ذلك، ولكنه يجب العمل به مع الشك في ثبوته. والآحاد حجة يجب العمل بها واتباع ما ورد فيها، ولكن لا يؤخذ بحديث الآحاد في الاعتقاد؛ لأن الأمور الاعتقادية تبنى على الجزم واليقين، ولا تبنى على الظن ولو كان راجحًا؛ لأن الظن في الاعتقاد لا يغني عن الحق شيئًا”.
2 – أصول السرخسي (1/ 321): “باب: الكلام في قبول أخبار الآحاد والعمل بها، قال فقهاء الأمصار رحمهم الله: خبر الواحد العدل حجة للعمل به في أمر الدين، ولا يثبت به علم اليقين”.
3 – إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (1/ 133) الشوكاني: “الآحاد وهو خبر لا يفيد بنفسه العلم سواء كان لا يفيد أصلًا، أو يفيده بالقرائن الخارجة عنه، فلا واسطة بين المتواتر والآحاد، وهذا قول الجمهور”.
4- الأنجم الزاهرات على حل ألفاظ الورقات (ص: 46) المؤلف / شمس الدين محـمد بن عثمان بن علي المارديني الشافعي (والورقات أصلها لإمام الحرمين الجويني) قال: “والآحاد الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم) أقول (المارديني) لما فرغ من أخبار التواتر شرع في أخبار الآحاد، ورسم الآحاد بالذي يوجب العمل ولا يوجب العلم؛ لأن خبر الآحاد ظني لتطرق الوهم إلى الآحاد”.
5- الضروري في أصول الفقه (ص: 29) ابن رشد الحفيد: “فأما خبر الآحاد بحسب ما حد في هذه الصناعة فهو مما لم ينتهِ أن يفيد اليقين في موضع ما بخبر الواحد بحسب ما يقترن بذلك من قرائن، قلنا هذا وإن كان غير ممتنع فهو مما يقل وجوده، ولعل ذلك يقع في حق شخص ما ونازلة ما. ولتفاوت هذا الظن الواقع في النفس عند اقتران القرائن بأخبار الآحاد رأى بعضهم أن خبر الواحد قد يفيد اليقين”.
6- مهيع الوصول إلى علم الأصول، نَظمُ الإمَامِ أبِي بَكر مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمِ الأندَلُسِيِّ الغَرنَاطِيِّ المـُتَوفَّى سَنَةَ 829هـ، وَهُوَ نظمٌ لكِتَابِ «تَقْرِيبِ الوُصُولِ إلى عِلمِ الأُصُولِ» لجَدِّ النَّاظِمِ الإمَامِ أبِي القَاسِمِ مُحمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ جُزَي الكَلْبيِّ الغَرنَاطيِّ المُتوفَّى سَنَةَ 741هـ
“وأما خبر الآحاد فالعلم منه غير مستفاد لكن يفيد الظن في الأمور وهو بنقل واحد مشهور”
7- الجامع لمسائل أصول الفقه (ص: 297) تَأليفُ الأُستاذِ الدّكتورِ عَبدِ الكَريمِ بنِ عَلِيٍّ النَّملة الأستاذ في قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض جامعة الإمام محـمد بن سعود الإسلامية: “يرجح خبر المتواتر على الآحاد والمشهور؛ لأن المتواتر يفيد القطع بخلاف خبر الآحاد والمشهور فإنه لا يفيد إلا في الظن، والقطع مقدم على الظن”.
8- الشرح على شرح جلال الدين المحلي للورقات (ص: 182) شرح أحمد بن عبد الله بن حميد: “خبر الآحاد، والآحاد وهو مقابل التواتر، هو الذي يوجب العمل، ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه”. وقال أيضًا في الشرح على شرح جلال الدين المحلي للورقات (ص: 183): “لكن ما الذي يفيده خبر الآحاد؟ هل يفيد الظن أو يفيد اليقين؟ الجمهور على أنه يفيد الظن، قالوا: لأن احتمال الخطأ فيه وارد؛ فلهذا يفيد الظن، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: إنه يفيد العلم أي اليقين إذا احتفت به القرائن، فإنه يفيد كعمل الأمة، أو كونه من رواية الشيخين أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – ففي هذه الحال إنه يفيد اليقين”.
9- الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معرفة الدليل، تصنيف الإمام القاضي الفقيه الحافظ أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت: 474 هـ): “وأما خبر الآحاد فما قصر عن التواتر، وذلك لا يقع به العلم، وإنما يغلب على ظن السامع له صحته؛ لثقة المخبر به؛ لأن المخبر وإن كان ثقة يجوز عليه الغلط والسهو، كالشاهد”.
10- شرح الورقات في أصول الفقه/المحلي (ص: 145): “والآحاد، وهو مقابل المتواتر، هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه”.
11- شرح الورقات للشيخ محـمد الحسن الدد (ص: 63) شرح متن الورقات للجويني للشيخ محـمد الحسن الددو الشنقيطي قوله: “ولا يوجب العلم” أي: ما لم يحتفَّ بالقرائن، فقد يحتف خبر الآحاد بالقرائن، فيقتضي العلمَ الضروري كذلك.
12- الإمام الجويني: “وأما الأخبار، فالخبر ما يدخله الصدق والكذب، والخبر ينقسم إلى قسمين: آحاد ومتواتر، فالمتواتر ما يوجب العلم، وهو أن يروي جماعة لا يقع التواطؤ على الكذب من مثلهم إلى أن ينتهي إلى المخبَر عنه، ويكون في الأصل عن مشاهدة أو سماع لا عن اجتهاد، والآحاد هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم”.
13- الإمام الغزالي (المستصفى من علم الأصول): “اعلم أنَّا نريد بخبر الواحد في هذا المقام ما لا ينتهي من الأخبار إلى حد التواتر المفيد للعلم، فما نقله جماعة من خمسة أو ستة مثلًا فهو خبر الواحد. وأما قول الرسول عليه السلام مما علم صحته فلا يسمى خبر الواحد. وإذا عرفت هذا فنقول خبر الواحد لا يفيد العلم، وهو معلوم بالضرورة أنَّا لا نصدق بكل ما نسمع، ولو صدقنا وقدَّرنا تعارض خبرين فكيف نصدق بالضدين، وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل؛ إذ يسمى الظن علمًا؛ ولهذا قال بعضهم يورث العلم الظاهر، والعلم ليس له ظاهر وباطن، وإنما هو الظن”.
14- الإمام سعد الدين مسعود ابن عمر التفتازاني الشافعي المذهب، المتوفى عام 792ﻫ في كتابه (شرح التلويح على التوضيح لمتن كتاب التنقيح في أصول الفقه) الجزء 2: “خبر الواحد وإن كان ظنيًا يوجب العمل دون علم اليقين، وقيل لا يوجب شيئًا منهما، وقيل بوجوبهما جميعًا. ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه يوجب العمل دون العلم، وقد دل على ذلك ظاهر قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ﴾، ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ ﴾ [النجم: 23]… والعقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب اليقين، وإن احتمال الكذب قائم”. وأضاف الإمام التفتازاني في نفس المصدر (ص432) ما نصه: “والأخبار في أحكام الآخرة مثل عذاب القبر وتفاصيل الحشر والصراط والحساب والعقاب إلى غير ذلك والتي لا توجب إلا الاعتقاد، أي التي لا تتطلب منا إلا التصديق الجازم. قد يقول قائل فيها، أي في هذه الأخبار، أن خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب. وبالعدالة، أي عدالة الراوي، يترجح الصدق بحيث لا يبقى احتمال الكذب، وهو معنى العلم. وجوابه أنَّا لا نسلم ترجح جانب الصدق إلى حيث لا يحتمل الكذب أصلًا بل العقل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب علم اليقين، وأن احتمال الكذب قائم وإن كان مرجوحًا. والإلزام القطع بالنقيضين عند أخبار العدلين بهما، وجواب الأول وجهان: أحدها أن الأحاديث في باب الآخرة فيها ما اشتهر فيوجب علم الطمأنينة، وفيها ما هو خبر الواحد فيفيد الظن وذلك في التفاصيل والفروع، ومنها ما تواتر فيفيد القطع واليقين”.
أقوال متناثرة للعلماء
الشيخ الألباني (وهذا من تناقضاته العجيبة)
سؤالات أبي الحسن المأربي للعلامة المحدث الألباني (ص: 9) المكتبة الشاملة (س: 29): “ما القول في خبر الآحاد؟ ج/ خبر الآحاد يفيد الظن الراجح إلا إذا احتفت به القرائن. والشيخ رحمه الله يتعجب من بعض الأفاضل من العلماء الذين يقولون بأن خبر الآحاد يفيد العلم القطعي (ولعله يقصد ابن حزم رحمه الله) وذلك لأن احتمال الخطأ وارد في رواية الواحد” اهـ. (ملاحظة: إن هذه الأسئلة مسجلة في سلسلة من الشرائط تحت عنوان: “الدرر في مسائل المصطلح والأثر” من 8 شرائط ويمكن تحميلها من موقع طريق الإسلام من مكتبة الشيخ الألباني رحمه الله) وفي موسوعة الألباني في العقيدة (1/ 335) المكتبة الشاملة: “ينبغي أن يعلم أن القول بأن خبر الآحاد لا يفيد إلا الظن الراجح ليس مسلمًا على إطلاقه، بل فيه تفصيل مذكور في موضعه. والذي يهمنا ذكره الآن هو أن خبر الآحاد يفيد العلم واليقين في كثير من الأحيان، من ذلك الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول، ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما مما لم ينتقد عليهما، فإنه مقطوع بصحته”. وفي موسوعة الألباني في العقيدة (1/ 346) المكتبة الشاملة: “حديث الآحاد في واقع الأمر يفيد الظن الغالب، هذا هو الأصل في خبر الآحاد، لكن كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: خبر الآحاد إذا اقترنت به قرينة من قرائن أفاد بسبب انضمام هذه القرائن إليه العلم واليقين”.
2- شيخ الإسلام ابن تيمية، الفتاوى الكبرى (5/ 81): “وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ إذَا احْتَفَتْ بِهِ قَرَائِنُ تُفِيدُ الْعِلْمَ. وَعَلَى هَذَا فَكَثِيرٌ مِنْ مُتُونِ الصَّحِيحَيْنِ مُتَوَاتِرُ اللَّفْظِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ مُتُونِ الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا يَعْلَمُ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ عِلْمًا قَطْعِيًّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ: تَارَةً لِتَوَاتُرِهِ عِنْدَهُمْ، وَتَارَةً لِتَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهُ بِالْقَبُولِ. وَخَبَرُ الْوَاحِدِ الْمُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ يُوجِبُ الْعِلْمَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ كَالإسْفَرايِينِيّ وَابْنِ فُورَكٍ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ، لَكِنْ لَمَّا اقْتَرَنَ بِهِ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى تَلَقِّيه بِالتَّصْدِيقِ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ إجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ عَلَى حُكْمٍ، مُسْتَنِدِينَ فِي ذَلِكَ إلَى ظَاهِرٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ خَبَرِ وَاحِدٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَصِيرُ قَطْعِيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ كَانَ بِدُونِ الْإِجْمَاعِ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مَعْصُومٌ”.
الفتاوى الكبرى (5/ 575): “ذَلِكَ أَنَّ خَبَرَ الِاثْنَيْنِ يُوجِبُ مِنْ الِاعْتِقَادِ مَا لَا يُوجِبُهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ”.
المستدرك على مجموع الفتاوى (2/ 68) مسألة: “خبر الواحد يوجب العمل وغلبة الظن دون القطع في قول الجمهور؛ وارتضى الجويني من العبارة أن يقال: لا يفيد العلم ولكن يجب العمل عنده؛ لا به، بل بالأدلة القطعية على وجوب العمل بمقتضاه؛ ثم قال: هذه مناقشة في اللفظ، ونقل عن أحمد ما يدل على أنه قد يفيد القطع إذا صح واختاره جماعة من أصحابنا”.
المستدرك على مجموع الفتاوى (2/ 73): فصل: “أخبار الآحاد تصلح لإثبات الديانات… مذهب أصحابنا أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات. قال القاضي في مقدمة المجرد: وخبر الواحد يوجب العلم إذا صح ولم تختلف الرواة فيه وتلقته الأمة بالقبول. وأصحابنا يطلقون القول به، وأنه يوجب العلم وإن لم تتلقه بالقبول، والمذهب على ما حكيت لا غير”
المستدرك على مجموع الفتاوى (2/ 128): “هل يجوز إثبات الإجماع بخبر الواحد… مسألة: يجوز إثبات الإجماع بخبر الواحد، قال ابن عقيل: وهو قول أكثر الفقهاء، ذكرها في أواخر كتابه، قال أبو سفيان: وهو مذهب شيوخنا: قال: وقال بعض شيوخنا: لا يجوز. قال شيخنا: تكلم على ذلك ابن عقيل بكلام ذكره، فقال: هذا [على] ما يقع لي خلاف في عبارة وتحتها اتفاق، فإن خبر الواحد لا يعطي علمًا، ولكن يفيد ظنًا، ونحن إذا قلنا إنه يثبت به الإجماع فلسنا قاطعين بالإجماع ولا بحصوله بخبر الواحد بل هو بمنزلة ثبوت قول النبي صلى الله عليه وسلم والمنازع قال: «الإجماع دليل قطعي» وخبر الواحد دليل ظني، فلا يثبت قطعيًا”.
منهاج السنة النبوية (7/ 379) لابن تيمية: “وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة، وإذا قالوا ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره، قيل لهم: فلا بد من العلم بعصمته أولًا، وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن يعلم عصمته، فإنه دور ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فيها”.
3– الإمام عبد القاهر البغدادي. قال الإمام عبد القاهر بن طاهر بن محـمد البغدادي الإسفرائيني التميمي المتوفى عام 429ﻫ في كتابه (أصول الدين) الطبعة الأولى 1928 الصادرة في إسطنبول ص 12 ما نصه: “وأخبار الآحاد متى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم”. وقال الإمام عبد القاهر البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق) طبعة دار المعرفة (ص 325 ـ 326) ما نصه: “وأما أخبار الآحاد، فمتى صح إسنادها وكانت متونها غير مستحيلة في العقل كانت موجبة للعمل بها دون العلم، وكانت بمنزلة شهادة العدول عند الحاكم في أن يلزم الحكم بها في الظاهر وإن لم يعلم صدقهم في الشهادة. وبهذا النوع من الخبر أثبت الفقهاء أكثر فروع الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات وسائر أبواب الحلال والحرام، وضللوا من أسقط وجوب العمل بأخبار الآحاد في الجملة”.
4- الإمام عبد الرحمن الجزيري (الفقه على المذاهب الأربعة) ج5 ص 391 و392 في معرض حديثه عن حقيقة السحر، وعما قيل في سحر النبي ما نصه: “ولم يبقَ للقائلين بأن السحر له أثر حقيقي إلا الاستدلال بحديث البخاري الذي رواه عن عائشة رضي الله عنها من أن النبي قد سحر، وأنه كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله، وهذا حديث صحيح لم يتعرض أحد للقدح في أحد من رواته، ومن الحسن أن يقال: إن مثل هذه الأحاديث تجزئ في المسائل الفرعية لا في المسائل الاعتقادية، فإن العقائد لا تبنى إلا على الأدلة اليقينية. وهذه الأحاديث مهما كانت صحيحة فهي أحاديث آحاد لا تفيد إلا الظن، لأن الأحاديث الصحيحة يجب أن يكون لها قيمتها في الإثبات. فهي معضده للبراهين العقلية”.
5- الأمير الصنعاني كتابه (توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار) ج1، ص 24 – 25 ما نصه: “إن الصحيح الذي عليه أكثر العلم أن خبر الآحاد وهو حديث صحيح ولكنه ليس مقطوعًا به في نفس الأمر؛ لذلك فهو لا يكلف أحدًا إلا بالعمل دون العلم؛ هذا هو الصحيح الذي عليه أكثر العلم خلافًا لمن قال أن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر كحسين بن علي الكرابيسي”.
6- الكفوي كتاب الكليات (ص: 44) المؤلف: أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي: “ونقل الإجماع إلينا قد يكون بالتواتر فيفيد القطع، وقد يكون بالشهرة فيقرب منه، وقد يكون بخبر الواحد فيفيد الظن ويوجب العمل”. وفي كتاب الكليات (ص: 416): “وحكم الخبر الواحد أنه يوجب العمل دون العلم، ولهذا لا يكون حجة في المسائل الاعتقادية لأنها تبنى على الاعتقاد، وهو العلم القطعي. وخبر الواحد يوجب علم غالب الرأي وأكبر الظن لا علمًا قطعيا
وبعد أخي المسلم هذا قليل من كثير مما هو موجود في كتب العلماء حول هذه المسألة. ولعلي أنصح من ذم تقليد العلماء أن يلتزموا بقولهم هذا ولا يقلدوا الألباني ولا ابن حزم، وانما يعودوا بأنفسهم إلى كتب أهل السنة القدامى، وليس إلى كتب من نسب نفسه من المعاصرين إلى أهل السنة وهو في الحقيقة يخالفهم في أهم بحث، ألا وهو العقيدة الإسلامية. والله ولي التوفيق













الخاتمة.
إن الرأي الذي ذهب إليه الجمهور في حرمة أخذ العقيدة عن طريق الظن والآحاد والاجتهاد، هو رأي لو أن الأمة عملت به وتمسكت به لضاقت شعبة الخلاف في العقائد بين أبناء المسلمين، ولكن مع الأسف على الرغم من أن أكثر علماء الأمة يحرمون أخذ العقيدة عن طريق الآحاد، ومن المعلوم أن أي شيء ظني سواء أكان حديث أم فهم مسألة، فإن الاجتهاد فيه سيكون له دور كبير والاجتهاد كما معلوم غلبة ظن وقابل للخطأ سواء أكان في تصحيح حديث أو فهم مسألة ، فإن ما عدا الأحاديث المتواتر لم تثبت إلا عن طريق الاجتهاد مثله كأي مسألة فقهية، وسأضرب مثلاً لكي يتضح المقال،
إن القرآن الكريم نقل إلينا عن طريق التواتر ولم يقبل الصحابة أي رواية آحاد في مسألة القرآن وأيضاً العلماء قسموا القراءات إلى متواتر وآحاد وشاذ، ولم يعلموا أي الجمهور إلا في القراءة المتواتر أما الآحاد والشاذة فقد تركوها كمصحف ابن مسعود وغيره وهذا ما ذهب إليه الشافعي، فالشافعي رحمه اللَّه لم يقبل أي رواية آحاد بخلاف أبي حنيفة رحمهم الله، ودليل الشافعي رحمه الله أن النبي ﷺ كان مكلفاً بإلقاء القرآن على طائفة من الناس تقوم بهم الحجة القاطعة، فلا يتصور عليهم التوافق على عدم فعل ما سمعوه منه، فالراوي الواحد للقرآن إن ذكره على أنه من القرآن فلا يكفي لأنه واحد، وإن لم يذكره على أنه قرآن، فقد تردد بين أن يكون خبراً عن النبي ﷺ وبين أن كون ذلك مذهباً له فلا يكون حجة، وعلى هذا لو قلنا للإمام ابي حنيفة رحمه الله هل تقبل أن تضع رواية إبن مسعود مثلاً "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" في القرآن، فإن جوابه بالتأكيد لا، لأنه موافق تماماً أن القرآن الذي جمعه أبو بكر الصديق وقام عثمان بكتابته ورسمه هو كامل لا زيادة فيه ولا نقصان، فأي زيادة فيه وأي نقصان هو كفرٌ صراح، وإن قال نعم فقد خالف إجماع الصحابة في نقل القرآن، فأنظر رعاك الله، كيف أن الصحابة بتلك الطريقة القطعية قطعت الطريق عن أي عابث أن يعبث بالقرآن، ولو أن نفس الطريقة اتبعها المسلمون في عقيدتهم لما ظهرت كل هذه الفروق في عقيدتهم ولبقوا كما تركهم النبي ﷺ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ولكانوا مثل الصحابة، ألم يوصنا النبي ﷺ أن نتمسك بسنة الخلفاء الراشدين وقال لنا "عضو عليها بالنواجذ".
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



الفهارس
1 – فهرس الآيات القرآنية
الآية اسم السورة رقم الآية
وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ سورة الشورى الآية 14
كانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ سورة البقرة الآية 213
أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ سورة أبراهيم الآية رقم 10
{إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} سورة النجم الآية رقم 28
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} سورة النساء الآية رقم 23
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} سورة المائدة الآية رقم 38
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ سورة النور الآية رقم 2
{فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} سورة الاسراء الآية رقم 23
{وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا} سورة المائدة الآية رقم 95
{وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} سورة الجاثية الآية رقم 24
{قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} سورة الأنعام الآية رقم 148
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} سورة الجاثمة الآية رقم 32
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} سورة النحل الآية رقم 43
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} سورة البقرة الآية رقم 170
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ} سورة محمد الآية رقم 19
{غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} سورة الروم الآية رقم (2-3)
{ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} سورة الأعراف الآية رقم 38
{فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} سورة القصص الآية رقم 79
{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} سورة طه الآية رقم 71
{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} سورة الملك الآية رقم 16
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ } سورة الانعام الآية رقم 18
{اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ} سورة الأعراف الآية رقم 54
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ } سورة الشورى الآية 11
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} سورة الاسراء الآية رقم 36
{وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} سورة الفلق الآية رقم 4
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر الآية رقم 9
{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ} سورة النجم الآية رقم 23
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ (27) وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)} سورة النجم الآية رقم 27-28
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} سورة يونس الآية رقم 36
{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} سورة النساء الآية رقم 157
{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} سورة الأنعام الآية رقم 116
{كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} سورة الأنعام الآية رقم 148
{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ ۗ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} سورة يونس الآية رقم 66
{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ ۖ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا ۚ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} سورة يونس الآية رقم 68
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} سورة ص الآية رقم 27
{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} سورة الجاثية الآية رقم 32
{وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ (23)} سورة فصلت الآية رقم 22-23
{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} سورة الجن الآية رقم 7
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} سورة البقرة الآية رقم 78
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} سورة الحجر الآية رقم 9











2 – فهرس الأحاديث
الحديث المرجع رقم الحديث
"تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، ُثمَّ سَكَتَ" مسند الإمام أحمد بن حنبل رقم 18406
"لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" سنن الترمذي أبواب الصوم عن رسول الله ﷺ باب الصيام لمن لم يعزم من الليل، حكم الحديث صحيح
عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله ﷺ في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: "يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار" فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل" قلن: بلى، قال: "فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، قلن: بلى، قال: "فذلك من نقصان دينها" صحيح البخاري (1/68)
"من كان سامعاً فطناً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة" صحيح البخاري باب لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة؛ رقم 946
روي عن جابر رضي الله عنه أن رجلًا أصابه حجراً، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم، قالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فقال النبي ﷺ إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على رأسه خرقة فيمسح عليها ويغسل سائر جسده، وقال: -أي النبي ﷺ- ألا سألوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال. سنن ابو داود كتاب الطهارة؛ باب المجروح تيمم
"عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً" صحيح البخاري فضل سقي الماء؛ حديث رقم 2365
"... قالَ: وكَانَتْ لي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لي قِبَلَ أُحُدٍ والْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَومٍ فَإِذَا الذِّيبُ قدْ ذَهَبَ بشَاةٍ مِن غَنَمِهَا، وأَنَا رَجُلٌ مِن بَنِي آدَمَ، آسَفُ كما يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فأتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَعَظَّمَ ذلكَ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفلا أُعْتِقُهَا؟ قالَ: ائْتِنِي بهَا فأتَيْتُهُ بهَا، فَقالَ لَهَا: أيْنَ اللَّهُ؟ قالَتْ: في السَّمَاءِ، قالَ: مَن أنَا؟ قالَتْ: أنْتَ رَسولُ اللهِ، قالَ: أعْتِقْهَا، فإنَّهَا مُؤْمِنَةٌ." صحيح البخاري باب: فضل سقي الماء؛ حديث رقم 2365









3 – فهرس المصادر والمراجع
- مسند الإمام أحمد بن حنبل: رقم 18406 المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني. توفي سنة: 241هـ. المحقق: شعيب الأرناؤوط - عادل مرشد، وآخرون. إشراف: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي. الناشر: مؤسسة الرسالة. الطبعة: الأولى 1421هـ. 2001 م. حكم المحدث: إسناده حسن.

- مفردات القرآن: أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني ت 502 هـ ص 327 تحقيق نديم مرعش لي دار الكتاب العربي

- البخاري: باب لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة؛ رقم 946؛ المؤلف: محمد بن اسماعيل البخاري ابو عبد الله ت 256هـ

- سنن ابو داود: كتاب الطهارة؛ باب المجروح تيمم؛ وقال المحقق شعيب الأرناؤوط حسن؛ أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الهازوي السجستاني المشهور بأبي داود صاحب كتاب السنن

- صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته. المؤلف مسلم بن الحجاج القشيري ت291هـ من أهم كتبه صحيح مسلم

- صحيح البخاري؛ باب: فضل سقي الماء؛ حديث رقم 2365؛ المؤلف: محمد بن اسماعيل البخاري ت 256هـ

- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب؛ ص224؛ المؤلف: عبد الله بن يوسف بن احمد بن عبد الله بن يوسف، ابو محمد جمال الدين؛ ت 761؛ المحقق: د. مازن المبارك، محمد علي حمد الله؛ الناشر: دار الفكر، دمشق، الطبعة السادسة سنة 1985

- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج؛ المؤلف: أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي؛ ت 676 هـ الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت الطبعة الثانية 1392 عدد الأجزاء: 18 في 9 مجلدات.

- الفتاوى الكبرى: المؤلف: أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية أبو العباس تقي الدين؛ ت 728 ج1 ص484و487؛ الناشر: دار المعرفة بيروت لبنان

- شرح التلويح على التوضيح: المؤلف: مسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني؛ ت 793؛ ج2؛ ص4 و5 وما بعدها؛ الطبعة بدون طبعة وبدون تاريخ عدد الأجزاء 2

- أصول الدين: المؤلف عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن البغدادي الاسفرايني التعيي: ت429هـ ص2 الطبع الأولى 1928 الصادرة في اسطنبول

- الفرق بين الفرق: المؤلف عبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفرايني ص325-326 طبعة دار المعرفة.

- الشيخ حسن العطار في شرحه على المحلي ج2 ص157

- حاشية الشربيني في هامش على حاشية العطار ج2 ص157
شرح صحيح مسلم للإمام النووي ج1 ص20 المطبعة المصرية القاهرة
شرح صحيح مسلم للإمام النووي ج1 ص130-132 طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان

- الإغراب في جدل الإعراب: المؤلف: أبو البركات عبد الرحمن كمال الدين بن محمد الأنباري: ت577هـ ص83 وما بعدها، تحقيق: سعيد الأفغاني، دار الفكر.

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: المؤلف: عبد القادر بن عمر البغدادي، ت1093هـ ص5 وما بعدها، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة.


















4- فهرس المحتويات
الموضوع رقم الصفحة
شكر 2
المقدمة: 3
أهمية البحث: 5
أهداف البحث: 6
السبب في اختيار البحث: 7
مشكلة البحث: 8
الدراسات السابقة 9
الصعوبات التي واجهتني 10
منهج البحث 11
خطة البحث: 12
المبحث الأول المطلب الأول: - تمهيد 13
المبحث الأول المطلب الأول تعاريف 14
المبحث الأول المطلب الثاني: الدلالات وأنواعها 16
المبحث الأول المطلب الثالث: إضافة الألفاظ إلى المسميات 18
المبحث الثاني. المطلب الأول: المطلب الأول: تحرير محل النزاع بين كلمة الظن واليقين. 19
المبحث الثاني. المطلب الثاني: أقسام النصوص الشرعية معنى الثبوت والدلالة: 21
المبحث الثاني. المطلب الثالث: الاجتهاد ومحله: 22
المبحث الثاني. المطلب الرابع: التقليد ومحله: 23
المبحث الثالث. المطلب الأول: الفريق الذي قال بحرمة الاعتقاد بالظن أو بحديث الآحاد. 27
المبحث الثالث المطلب الثاني: رأي من قال بجواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة 35
المبحث الثالث المطلب الثالث: أدلة الجمهور الذين قالوا بحرمة أخذ العقيدة عن طريق الظن ورواية حديث الآحاد. 38
المبحث الثالث المطلب الرابع: أدلة من قال بجواز الاستدلال بالآحاد في العقيدة. 39
المبحث الرابع المطلب الأول: مناقشة الرأي الذي يقول إن حديث الآحاد لا يفيد العلم. 40
المبحث الرابع المطلب الثاني: مناقشة أصحاب الرأي الذين يجوزون أخذ العقيدة بحديث الآحاد. 46
المبحث الرابع المطلب الثالث: أراء العلماء في هذه المسألة 48
المبحث الرابع الخاتمة 57
الفهارس 1 – فهرس الآيات القرآنية 58
الفهارس 2 – فهرس الأحاديث 62
الفهارس 3 – فهرس المصادر والمراجع 64
الفهارس 4– فهرس المحتويات 67