حفظ القرآن أريد حِفظ القرآن، لكن في كلِّ مرّة أبدأ بقوّة ثم سرعان ما تفتر همَّتي.. فَبِمَ ...

حفظ القرآن

أريد حِفظ القرآن، لكن في كلِّ مرّة أبدأ بقوّة ثم سرعان ما تفتر همَّتي.. فَبِمَ تنصحني؟
• يجب أنْ تُدرك أنّ ساعات النشاط والفتور التي تمرُّ بها هي حالة طبيعية، يمرُّ بها جميع الناس، ولستَ في هذا الشأن حالة شاذَّة، كيْ تنظر إلى نفسك نظرة قُصور، ولأجل ذلك: استثمر في ساعات إقبالكَ، ولا تيأس بعد ساعات إدباركَ. فلو كان المراد منكَ أنْ تنشط في كلِّ حين لعبادةِ اللهِ لخُلقتَ مَلَكًا لا بشرًا.
• حفظ القرآن مشروع عمرٍ، لا مشروع سنة أو سنتين.. فاحذف مِن ذهنكَ فكرة أنْ تُلزِم نفسكَ بحفظه في مدّة محدَّدة، وافتح القوس لنفسكَ، وعشْ معه حفظًا وتلاوة ما بقيَ في حياتكَ مِن رَمق.
• مهما طالتْ مدَّة حفظكَ للقرآن فأنتَ لم تخسَر شيئًا، بل على العكس مِن ذلك، في كلِّ حرفٍ تقرؤُه تكسبُ حسنات، لذلك لا تتضايَق مِن فكرة طُول الوقت، وأَمِدَّ نفسكَ طمأنينة العيش مع القرآن، فما أكثر الذين حفظوا حروفه وهجروا تلاوته، وافرحْ بنفسكَ أنْ لم تكنْ منهم، وأنكَ برغم طُول حِفظه ما زلتَ تتلو آياته.
• إنْ أصبتَ بحالة فتور وإدبار.. حاول ألَّا تضغط على نفسكَ، وتلجأ للحفظ، بل أعطِ نفسكَ فرصة تلتقط فيها أنفاسكَ، وتُغيِّر فيها جوًّا.. وبعدها لك أنْ تعود إلى مشروعكَ بعد عودة نشاطكَ، واعلم علمَ يقينٍ أنّ فتوركَ حالة عارضة ومؤقّتة، سرعان ما تمضي، فعشها عيشةً صحّية، ولا تجعل مِن الحبّة قُبّة، فأشهر القرّاء كانوا مثلكَ، يقرؤون في ساعات، ويُروِّحون عن أنفسهم في أشياء أخرى عندما يروْا مِن أنفسهم حاجةً لذلك.
• لا تسمح للحظة فتور عابرة أنْ تَهدم الجسر الواصل بينكَ وبين مشروع عمركَ، القرآن ليس امتحان بكالوريا كي تُعطيه عامًا مِن وقتكَ، فإنِ اجتزتها انتقلتَ إلى ضروريات الجامعة، بل القرآن مشروع حياة، يَصْحبكَ ما بقيَ فيكَ مِن روح، ولو أنْ تحفظَ كلّ يومٍ آية فأنتَ في الطريق الصحيح.
• إنْ وجدتَ ثقلًا في نفسك عند حفظ آيات جديدة، فحاول أنْ تنتقل إلى مذاكَرة محفوظك القديم، واعلم أنّكَ في الطريق الصحيح، فمراجعة المحفوظ القديم ليست أقلّ قيمةً مِن حفظ الجديد.
• حِفظكَ للقرآن مشروع عظيم جدًّا، لذلك توقَّع مِن الآن أنّ إبليس سيقفَ حجرَ عثْرةٍ أمامكَ، فإنْ وجدتَ منه ذلك فكنْ أهلًا لمحاربته، ولا تجعله يكسب عنك المعركة، ففي النهاية إبليس لا يملك إلَّا الوسوسة، أمَّا القرار الأخير فهو بيدكَ أنتَ، إنْ شئتَ عصيته، وإنْ شئتَ أطعته.