حكايات للسلف سلمة والحجاج ---نظر الحجّاج يوما على المائدة إلى رجل وجأ عنق رجل آخر، فدعا بهما، فقال ...

حكايات للسلف سلمة والحجاج
---نظر الحجّاج يوما على المائدة إلى رجل وجأ عنق رجل آخر، فدعا بهما، فقال للواجئ: علام صنعت؟ فقال: غصّ بعظم فخفت أن يقتله، فوجأت عنقه فألقاه، فسأل الآخر فقال: صدق، فدعا بالطبّاخ فقال له: أتدع العظام في طعامك حتى يغصّ بها؟ فقال: إنّ الطعام كثير، وربما وقع العظم في المرق فلا يزال. قال: تصب المرق على المناخل. فكان يفعل.
قال سلمة بن المحبّق: شهدت فتح الأبلّة، فوقع في سهمي قدر نحاس، فنظرت فإذا هي ذهب فيها ثمانون ألف مثقال، فكتبت في ذلك إلى عمر، فأجاب بأن يحلّف سلمة بأنه أخذها يوم أخذها وهي عنده، فإن حلف سلّمت إليه، وإلا قسمت بين المسلمين، قال: فحلفت فسلّمت إليّ، فأصول أموالنا اليوم منها.

---
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تبارك وتعالى: «يابن آدم أحدث لي سفراً أحدث لك رزقاً» ،
وفي بعض الحديث «سافروا تغنموا» .
وقال الكميت بن زيد الأسدي:
ولن يزيح هموم النفس إن حضرت ... حاجات مثلك إلا الرحل والجمل
وقال أبو تمام الطائي:
وطول مقام المرء في الحي مخلقٌ ... لديباجتيه، فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبةً ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
وقال بعض الحكماء: «لا تدع الحيلة في التماس الرزق بكل مكان، فإن الكريم محتال والدنيء عيال وأنشد يقول:
فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسارٍ أو تموت فتعذرا
ولا ترض من عيش بدون ولا تنم ... وكيف ينام الليل من كان معسرا
وتقول العامة: «كلب جوال خير من أسد رابض» ، وتقول: «من غلى دماغه صائفاً، غلت قدره شاتياً» .
ووقع عبد الله بن طاهر: «من سعى رعى، ومن لزم المنام رأى الأحلام» .




---سئل بعض الحكماء عن البرد، أيه أشد؟ فقال: «إذا أصبحت السماء نقية، والأرض ندية، والريح شاميّة» .



---ما كتب به أحمد بن إسماعيل بن الخطيب إلى آخر: الكبر- أعزّك الله- معرض يستوي فيه النّبيه ذكرا، والخامل قدرا، ليس أمامه حاجب يمنعه، ولا دونه حاجز يحظره، والناس أشدّ تحفّظا على الرئيس المحظوظ، وأكثر اجتلاء لأفعاله، وتتبّعا لمعايبه، وتصفّحا لأخلاقه، وتنقيرا عن خصاله منهم عن خامل لا يعبأ به، وساقط لا يكترث له، فيسير عيب الجليل يقدح فيه، وصغير الذنب يكبر منه، وقليل الذمّ يسرع إليه، ولابن هند وفي هذا المعنى:
العيب في الرجل المذكور مذكور ... والعيب في الخامل المستور مستور
كفوفة الظّفر تخفى من مهانتها ... ومثلها في سواد العين مشهور
وقال الزّهيري: قد نجم بأصبهان ابن لعبّاد في غاية الرقاعة والوقاحة والخلاعة وإن كان له يوم، فسيشقى به قوم. سمعته يقول هذا سنة اثنتين وخمسين في مجلس من الفقهاء.
وقال ابن حبيب: قال بعض الحكماء: إن للنفس أمراضا كأمراض البدن إلا أن فضل أمراض النفس على أمراض البدن في الشرّ والضرر كفضل النفس على البدن في الخير، وصاحبنا- يعني ابن عبّاد- مريض عندنا، صحيح عند نفسه، زيف بنقدنا، جيّد بنقده، ولو قامت السّوق على ساقها، وتناصف المتعاملون فيها، ولم يقع إكراه في أخذ ولا إعطاء، عرف البهرج «2» الذي ضرب خارج الدار والجيّد الذي ضرب داخل الدار.



---أن أخلاق أصناف الحيوان الكثيرة مؤتلفة في نوع الإنسان، وذلك أن الإنسان صفو الجنس الذي هو الحيوان، والحيوان كدر النوع الذي هو الإنسان والإنسان صفو الشخص الذي هو واحد من النوع، وما كان صفوا ومصاصا «1» بهذا النظر انتظم فيه من كلّ ضرب من الحيوان خلق وخلقان وأكثر، وظهر ذلك عليه وبطن أيضا بالأقل والأكثر والأغلب والأضعف، كالكمون الذي في طباع السبع والفأرة، والثبات الّذي في طباع الذئب، والتحرّز الذي في طباع الجاموس من بنات الليل، والحذر الذي في طباع الخنزير، والتقدم الذي في طباع الفيل أمام قطيعه تمثّلا بصاحب المقدّمة.
وكذلك ضد ذلك في الخنزير تمثّلا بصاحب الساقة، وكالحراسة التي في طباع الكلب، وكاوب الطير إلى أوكارها التي تراها كالمعاقل وغيرها بالدّغل والأشب والغياض.
ولهذا قال بعض الحكماء: خذ من الخنزير بكوره في الحوائج، ومن الكلب نصحه لأهله، ومن الهرّة لطف نفسها عند المسألة.
وقالت الترك: ينبغي للقائد العظيم أن يكون فيه عشر خصال من ضروب الحيوان: سخاء الديك، وتحنّن الدجاجة، ونجدة الأسد، وحملة الخنزير وروغان الثعلب، وصبر الكلب، وحراسة الكركيّ، وحذر الغراب، وغارة الذئب، وسمن بعروا، وهي دابة بخراسان تسمن على التعب والشقاء.




---وقال بعض الحكماء: إنّ المدن تبنى على الماء والمرعى والمحتطب والحصانة.
وقال الشاعر:
لاح سهيل في الظلام الدّامس ... كأنّه نار بكفّ القابس


---وحكى لنا أبو سليمان أنّ أرسطوطاليس كتب إلى رجل لم يشفّعه في رجل سأله الكلام له في حاجة: إن كنت أردت ولم تقدر فمعذور، وإن كنت قدرت ولم ترد فسوف يجيء وقت تريد ولا تقدر.