-قال بعض حكمائهم: الصبرُ يناضل الحدثان. وقال آخر: الحلم فدام السفيه. وقال آخر: خاطر من استغنى ...

-قال بعض حكمائهم: الصبرُ يناضل الحدثان.
وقال آخر: الحلم فدام السفيه.
وقال آخر: خاطر من استغنى برأيه.
وقال غيره: الجزع من أعوان الزمان والمودة قرابة مستفادة.
وفضل بعضهم المودة والمودة على القرابة فقال: القرابة محتاجةٌ إلى المودةُ مستغنيةٌ عن القرابة.
وقال غيره وسوى بين المودة والقرابة: الصاحب مناسبٌ.
وقالوا عجبُ المرء بنفسه أحد حساد عقله.
ومن موجز الكلام قول بعضهم: من نال استطال والفاحشة كاسمها.
وقولهم أصاب متأملٌ أو كاد.
وقولهم العفوُ زكاة الجاهِ. وقولهم راحي البخيل مُكد.
وقول بعضهم قلما تصدقك الأمنية. وقيل الصيانة مألف المروءة.
وقال بعض الحكماء البلاء رديف الرخاء. وقيل خمول الذكر أسنى من الذكر الذميم.
.
وقيل للأحنف إن حارثة بن بدر يقع فيك فقال:
(عثيثةٌ تقرم جلداً أملساً ... )
وقال بعض الحكماء حصادُ المنى الأسف وعاقبتها الندامة وليس لذي لب بها مستمتعٌ.
ومن فصيح أمثال العرب قولهم: الفرار بقرابٍ أكيس.
وعزى أعرابيٌّ رجلاً فقال لا أراك الله بعد هذه المصيبة ما ينسيكها.
وعزى شبيبُ بن شيبة ذمياً فقال أعطاك الله عن مصيبتك أفضل ما أعطى أهل ملتك.
وقال عبد العزيز بن زرارة أول المعرفة الاختبار.
وقال رجلٌ للأحنف ممن أنت قال ممن ودني.
وقال البلاغةُ البلوغُ عند الكفاية.
وقيل للأحنف ما أحسن المجالس قال ما سافر فيه البصرُ واتدع فيه البدن وأمن فيه الثقل وكترت فيه الفائدة.
وكتب المهلب إلى عبد الملك حين هزم الأزارقة أما بعد فإنا لقينا المارقة ببلاد الأهواز وكانت في الناس جولة ثم ثاب أهل الدينُ والمروءة ونصرنا اللهُ عليهم فنزل القضاء بأمرٍ جاوزت النعمة فيه الأمل فصاروا درئية رماحنا وضرائب سيوفنا وقتل رئيسهم في جماعة من حماتهم وذوي الثبات منهم وأجلى الباقون ليلاً عن معسكرتهم وأرجو أن يكون آخر هذه النعمة كأولها إن شاء الله تعالى. كتب إلى الحجاج: الحمد لله الكافي بالاسلام ما وراءه الذي لا تنقطع وموادٌ نعمه حتى تنقطع من خلقه مواد الشكر عليها وإنا كنا وعدونا على حاليتن يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا ويسوءهم منا أكثر مما يسرهم فلم يزل الله تعالى يزيدنا وينقصهم ويمحضنا ويمحقهم حتى بلغ الكتابُ أجلهُ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
.
وقالت العرب: أكرم الخيل أشدها خوفا من السوط وأكيس الصبيان أشدهم بغضاً للمكتب وأكرم الصفايا أشدها حنيناً إلى أوطانها وأكرم المهارة أشدها ملازمة لأمهاتها وأكرم الناس آلفهم للناس.
وقد بين الله تعالى فضل الوطن وكلف النفوس به في قوله تعالى {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلٌ منهم} فجعل خروجهم من ديارهم كفؤ قتلهم لأتفسهم ومنه قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم} وقول تعالى: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا} فجعل إخراجه إياهم من ديارهم بدلاً من العذاب المستأصل لهم لشبهه به عندهم.
وقال بعض الحكماء: الخروج من الوطن أحد السبابين والجلاء أحد القتلين. وقال يحيى بن طالب:
(إذا إرتجلت نحو اليمامة رفقةٌ ... دعاني الهوى وارتاح قلبي إلى الذكرِ)
(يقولونَ إنَّ الهجرَ يشفي من الهوى ... وما ازددتُ إلا ضعف ما بي على الهجرِ)
وكان كثيرٌ من العرب ممن يعتزي إلى فضل كرم لا ينتجعون وكذلك كانت قريش. وقال الحارث بن ظالم:
(رفعتُ الرُّمح إذ قالوا قُريشٌ ... وشبهت الشمائل والقبابا)