ننازع أبو الأسود الدؤلى وامرأته إلى زياد فى ابنهما، وأراد أبو الأسود أخذه منها فأبت، وقالت ...


ننازع أبو الأسود الدؤلى وامرأته إلى زياد فى ابنهما، وأراد أبو الأسود أخذه
منها فأبت، وقالت المرأة: أصلح الله الأمير، هذا ابنى، كان بطنى وعاؤه، وحجرى فناؤه، وثديى سقاؤه، أكلؤه إذا نام، وأحفظه إذا قام؛ فلم أزل بذلك سبعة أعوام، فلما استوفى فصاله، وكملت خصاله، واستوكعت أوصاله «1» ، وأمّلت نفعه، ورجوت عطفه، أراد أن يأخذه منى كرها، فآدنى أيها الأمير؛ فقد أراد قهرى، وحاول قسرى.
فقال أبو الأسود: هذا ابنى حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه، وأنا أقوم عليه فى أدبه، وأنظر فى تقويم أوده «2» ، وأمنحه علمى، وألهمه حلمى، حتى يكمل عقله، ويستكمل فتله.
فقالت المرأة: صدق أصلحك الله؛ حمله خفّا، وحملته ثقلا، ووضعه شهوة، ووضعته كرها.
فقال زياد: اردد على المرأة ولدها؛ فهى أحقّ به منك، ودعنى من سجعك.



الامراء[تأميل ورجاء]
ولما ولّى المهتدى «1» سليمان بن وهب وزارته قام إليه رجل من ذوى حرمته، فقال: أعزّ الله الوزير؛ أنا خادمك المؤمّل لدولتك، السعيد بأيامك، المنطوى القلب على ودّك، المنشور اللسان بمدحك، المرتهن بشكر نعمتك، وقد قال الشاعر:
وفيت كل صديق ودّنى ثمنا ... إلا المؤمل دولاتى وأيّامى
فإننى ضامن ألّا أكافئه ... إلا بتسويغه فضلى وإنعامى
وإنى لكما قال القيسى: ما زلت أمتطى النهار إليك، وأستدلّ بفضلك عليك، حق إذا جنّنى الليل فغضّ البصر، ومحا الأثر، أقام بدنى، وسافر أملى، والاجتهاد عذر، فإذا بلغتك فقد «2» . قال سليمان: لا عليك؛ فإنى عارف بوسيلتك، محتاج إلى كفايتك واصطناعك، ولست أؤخر عن يومى هذا تولينك ما يحسن عليك أثره، ويطيب لك خبره، إن شاء الله.
.
وكتب محمد بن عباد إلى أبى الفضل جعفر بن محمود الإسكافى وزير المعتز بالله وكان المعتز يختصّ به، ويتقرّب إليه قبل الوزارة: ما زلت- أيدك الله تعالى- أذم الدهر بذمّك إياه، وأنتظر لنفسى ولك عقباه، وأتمنى زوال حال من لا ذنب له