. . . . . . . . . و عامة المسلمين -قال الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقال ...

.
.
.
.
.
.
.
.
.
و عامة المسلمين

-قال الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقال تعالى خذوا حذركم
وقد روى أن عمر رضي الله عنه حين كره طواعين الشأم أراد الرجوع إلى المدينة فقال له أبو عبيدة بن الجراح يا أمير المؤمنين أتفر من قدر الله قال نعم إلى قدر الله فقال له أيمنع الحذر القدر قال لست مما هناك في شيء إن الله لا يأمر بما لا ينفع ولا ينهى عما لا يضر فإنه يقول ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقال خذوا حذركم
.
وقالوا الشجاعة تغرير والتغرير مفتاح الهلكة
. .
ويقال أهوت إلى يزيد بن المهلب حية فلم يتوقها فقال له أبوه ضيعت الحزم من حيث حفظت الشجاعة الشريف الرضي
ا
.من أعرض عن الحذر والاحتراس وبنى أمره على غير أساس زال عنه العز واستولى عليه العجز فصار من يومه في نحس ومن غده في لبس
.
.
وقال أبو بكر الصديق يحذر خالد بن الوليد رضي الله عنهما إذا دخلت أرض العدو فكن بعيداً من الحملة فإني لا آمن عليك الجولة واستظر بالزاد وسر بالادلال ولا تقاتل مجروحاً فإن بعضه ليس منه واحترس من الثبات فإن في القرب غمرة واقلل الكلام فإن مالك إلا ما وعى عنك وأقبل من الناس علانيتهم وكلهم إلى الله في سريرتهم واستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه وقال الشاعر
.
وقيل لعنترة العبسي أأنت أشجع العرب وأشدها قال لا قيل فبم شاع هذا في الناس قال كنت أقدم إذا كان الاقدام عزماً وأحجم إذا كان الاحجام حزماً ولا أدخل موضعاً لا أرى لي فيه مخرجاً
لبعضهم صف لنعا الحرب فقال أولها شكوى وأوسطها نجوى وآخرها بلوى
تذاكروا الحروب عند معاوية فقال بدراً على واحد لطلحة والخندق للزبير حنين للعباس بن مرداس وأنا ذاكر من الحروب الواقعة في صدر الاسلام بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام أربعة وهي الجمل وصفين ويوم الحرة ويوم كربلا إذ هذه الحروب أشد الوقائع طعاناً وضراباً وأعظمها في الدين فجيعة ومصاباً لما قتل فيها من كبار آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وعظماء أهل بيته وقرابته الجمل مبتدؤها أن طلحة والزبير خرجا مغاضبين لعلي رضي الله عنه بعد أن بايعاه لما هجس في نفوسهما من أن علياً رضي الله عنه هو الذي ألب على قتل عثمان رضي الله عنه حتى قتل وإن قتله كان عن رضا منه فقد ما مكة على عائشة رضي الله عنها وكانت قد خرجت من المدينة قبل قتل عثمان فاجتمعا يوماً عند عائشة رضي الله عنها في رجال من بني أمية فتذاكروا قتل عثمان ورغبوا عائشة في طلب الثار فاعتذرت إليهم بقلة ذات يدها فقال يعلى بن منية ومنية اسم أمه وكان عاملاً لعثمان على اليمن عندي أربعمائة ألف درهم مساعدة لكم وخمسمائة فارس أجهزها وقال عبد الله بن عامر بن كريز وكان عاملاً لعثمان على البصرة عندي ألف ألف درهم ومائة من الابل وأشار عليهم بالبصرة ثم نادى مناد بالتحريض على طلب دم عثمان فاجتمع لهم ألف منهم ستمائه على النوق وسواهم على الخيل والبغال ووهب يعلى بن منية الجمل وكان يدعى عسكراً وعمل عليه هو دجا من حديد ثم إنهم دخلوا طالبين البصرة وكان علي رضي الله عنه قد بلغه خبرهم وهو في المدينة فخرج منها في تسعمائة فيهم سبعون بدرياً ووصلت عائشة البصرة بمن معها وكانوا زهاء ثلاثة آلاف فمنعهم عثمان بن حنيف عامل علي من دخولها فأخذوها منه بعد حرب وقعت بينهم قتل فيها كل من خرج يطلب قتل عثمان أو أعان عليه إلا رجل واحد يسمى حرقوص بن وهب فإن بني سعد منعته وأخذوا عثمان بن حنيف فنتفوا لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه فجاء علياً رضي الله عنه وقال يا أمير المؤمنين بعثتني بلحية وجئتك أمرد أو كان عثمان بن حنيف من كبار الصحابة وبايع أهل البصرة طلحة والزبير ووصل علي إلى الكوفة فاستنجدهم فأنجدوه باثني عشر ألف رجل وسار حتى وصل إلى جانب البصرة فنزل وأقام تلك الليلة ثم ناشدهم الله في الدماء فأبوا إلا القتال فخرج علي رضي الله عنه وهو راكب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقى الجمعان فكان أول من قتل طلحة وانهزم الزبير فلحقه ثلاثة نفر منهم عمرو بن جرموز السعدي بوادي السباع عدوا فقتله وهو ساجد وقيل نائم غيلة ووادي السباع برقة واسط بين البصرة والكوفة وفيه يقول جرير بن عطية بن الخطفي عاتباً على بني مجاشع قتل الزبير
اني تذكرني الزبير حمامة ... تدعو ببطن الواديين هديلا
قالت قريش ما أذل مجاشعا ... جارا وأكرم ذا القتيل قتيلا
لو كنت حرّا يا ابن قين مجاشع ... شيعت ضيفك فرسخاً أو ميلا
أفبعد قتلكم خليل محمد ... ترجو القيون مع الرسول سبيلا
أفتى الندى وفتى النزال غدرتم ... وفتى الرماح إذا تهب بليلا
لو كنت حين غدرت بين بيوتنا ... لسمعت من صوت الرماح صليلا
وحماك كل معاور يوم الوغى ... ولكان شلو عدوّك المأكولا
وقتل محمد بن الزبير وجرح عبد الله أخوه سبعاً وثلاثين جراحة وأطاف بنو ضبة والأزد بالجمل واقبلوا يرتجزون
نحن بني ضبة أصحاب الجمل ... ننزل بالموت إذا الموت نزل
والموت أحلى عندنا من العسل ... تبغي ابن عفان بأطراف الأسل
فقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ضبة فلما التحمت الحرب واستعرت نارها نادى علي رضي الله عنه اعقروا الجمل فانه إن عقر تفرقوا فعقره عمرو ابن دلجة وأخذته السيوف من كل جانب حتى وقع وقتل حوله خلق كثير ومال الهودج وسمع صارخ يقول راقبوا الله في حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي لابنه الحسن هلكت قال قد نهيتك عن مسيرك قال لم أكن أرى أن الأمر يصير إلى هذا وجاء أعين بن ضبيعة حتى اطلع في الهودج فقال ما أرى إلا خيراً قالت هتك الله سترك وأبدى عورتك فقتل بعد ذلك بالبصرة وصلب وقطعت يداه ورجلاه ورمى به عرياناً في خربة من خراب الأزد وقيل إن علياً لما وقف عليها ضرب الهودج بقضيب وقال يا حميراء ارسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بهذا ألم يأمرك أن تقري في بيتك والله ما انصفك الذين أخرجوك إذ صانوا حلائلهم وابرزوك فيقال إنها قالت له قد ملكت فأسحج ثم أمرها بالمسير وأذن لأصحابها أن يسافر معها من أراد السفر فسافر بعض وبقي بعض وقال البلادري في تاريخه إن علياً رضي الله عنه أعطاها حين أشخصها إلى مكة عشرة آلاف درهم ورجعت إلى مكة يوم السبت غرة رجب سنة ست وثلاثين وشيعها علي أمياً لا وقصدت مكة فأقامت بها إلى الحج ثم خرجت إلى المدينة وكانت الوقعة في الموضع المعروف بالحربية لعشر خلون من جمادي الآخرة وقيل في يوم الجمعة النصف من جمادي الأولى وعدة من قتل يوم الجمل ثمانية آلاف رجل من أصحاب عائشة وألف من أصحاب علي رضي الله عنهم أجمعين وفي وقعة الجمل يقول عثمان بن حنيف
شهدت الحروب فشيبنني ... ولم أر يوماً كيوم الجمل
أشدّ على مؤمن فتنة ... وأقتل منه لحرّ بطل
فليت الظعينة في بيتها ... وليتك عسكر لم ترتحل
يعني الجمل الذي كانت عليه عائشة