. . . . . .ذو النون رضي الله عنه يلتقي المريدين في اسفاره وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينما ...

.
.
.
.
.
.ذو النون رضي الله عنه يلتقي المريدين في اسفاره
وعن ذى النون رضى الله عنه قال بينما انا فى بعض جبال لكان إذا برجل قائم يصلى والسباع حوله ترتبض فلما أقبلت نحوه نفرت عنه السباع فاوجز فى صلاته وقال يا أبا الفيض لو صفوت لطلبتك السباع وحنت إليك الجبال فقلت ما معنى قولك لو صفوت قال تكون لله خالصا حتى يكون لك مريدا قال فقلت فبم الوصول الى ذلك قال لا تصل الى ذلك حتى تخرج حب الخلق من قلبك كما خرج الشرك منه فقلت هذا والله شديد على فقال هذا أيسر الأعمال على العارفين فولاية الخلق مطلقا إذا كانت سبيلا للضلالة فما ظنك بولاية الشياطين سواء كانوا شياطين الانس او شياطين الجن فلا بد من محبة الله تعالى فويل لمن جاوز محبة الله تعالى الى محبة ما سواه وقد ذمه الله بقوله من دون الله نسأل الله تعالى ان لا يزيغ قلوبنا بعد ما هدانا الى محبته وأرشدنا الى طريق طاعته وعبادته
.
وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها -كما صح عند البخاري وغيره- تستمع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (يبعث الله عز وجل الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً، فقالت أم المؤمنين: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض؟ -فطرة الحياء والإيمان أنطقتها- فقال صلى الله عليه وسلم: إن الأمر أشد من أن يهمهم ذلك) إنه أمر لا يبقى فيه للعقل انصراف إلى شهوة، ولا تفكير في لذة، إنه هول صوره حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أمامه فإذا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).
وهاهو صلى الله عليه وسلم يقول: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، ولخرجتم إلى الصعدات تجئرون إلى الله تعالى).
ألسنا نقرأ هذه الآيات؟! ألسنا نعرف المعاني والدلالات؟! فأين التذكر والاتعاظ والاعتبار؟! أين الإيمان الذي ضعف في القلوب؟ أين اليقين الذي تزعزع وتضعضع في النفوس؟ أين استحضار ذلك كما كان حاله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه، وأحنى جبهته ينتظر الأمر بالنفخ في الصور) الأمر أعجل من أن تبنى الدور وأن تؤثث القصور، وأن يتزاحم على الدنيا أهل الدثور.
وقديماً قال بعض الحكماء: لو تأمل الإنسان في حاله لبنى داره على شفير قبره.
تلك صورة من الهول الدنيوي الأرضي العابر تذكر المؤمنين بالهول الأخروي الذي ينبغي أن يهيئوا أنفسهم له، وأن يستحضروا دائماً هوله ليزجرهم عن المعاصي والسيئات، وليدفعهم إلى الطاعات والقربات، وليجعلهم دائماً في خوف من سخط جبار الأرض والسماوات، فإذا كان حدث واحد زلزل العالم كله، وقضى على الآلاف المؤلفة من الأرواح، وشرد الملايين من البشر، فأي هول يمكن أن يقارن بعد ذلك بالهول الذي جاءت به الآيات، وذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنه لحري بنا أن نجعل هذه الحقائق في قلوبنا، وأن نتلو الآيات، وهي بالمناسبة من السور التي يكثر تلاوتها في الصلوات: {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ} [الانفطار:1]، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير:1] فإننا قد نسمعها في كل يوم، أو على أقل تقدير في الأسبوع مرة أو أكثر، فأين القلوب المتعظة؟ وأين العقول المتدبرة؟ وأين الأحوال المتغيرة؟ وأين الاستقامة والإنابة التي ينبغي أن نلتفت إليها وننتبه إلى حقائقها؟!