وهكذا المزاج الشهواني الفارسي الزائد عن مجاوريهم، ظاهرة ملاحظة قديمة، ففي "المقابسات" نقل عن أحد ...

وهكذا المزاج الشهواني الفارسي الزائد عن مجاوريهم، ظاهرة ملاحظة قديمة، ففي "المقابسات" نقل عن أحد الحكماء: قال: "نزلت الحكمة على عقول الروم، وعلى ألسنة العرب، وعلى قلوب الفرس .. " فمزاج العاطفة من الحب والكره والحزن والشعر والولاء والعزاء تكون عند شعب أكبر منها في شعب آخر. وبرودة الرأس والتفكير النفعي يغلب على شعب، ورب كلام يذهب بحق أمة، والبراعة في المهنة، أو السحر والحيلة تزيد في مكان عن آخر.
11 - أما في موضوع التقية فلها جانبان ثقافي وسياسي، فالشخصية التي عاشت تحت ما تراه قمعا ملوكيا منذ الأكاسرة القدماء، ثم ما رأوه من قمع الخلفاء الذين ألبسوهم اللباس الكسروي نفسه، فقد أكد هذا سلوكا متوارثا ينصح دائما الفارسي بـ: "أخف ذهبك ومذهبك" وقد عالج كثيرون هذه الظاهرة، عرب وفرس وأجانب منهم جراهام فولر في كتابه المهم: "إيران مركز الكون". أما اليوم فقد أصبح الإمامية يحكمون بلدا بهذا الحجم والقوة، ويطبقون فهمهم على أنفسهم وغيرهم، ولم يعودوا يرهبون حاكما عليهم من سواهم، يتقونه، وهؤلاء أئمتهم يحكمونهم، فعقيدتهم أظهروها، أما طموحاتهم فلا شك أنها أوسع مما يملكون اليوم، ولهم طموح إمبراطوري واسع جدا، ولكن هل هذا يعاب على أحد؟ ولم لا يكون لخصومهم طموحات أكثر منهم، إن لواذ بعض المسلمين تحت القوة النصرانية أصبح يصوغ عقولهم صياغة يائسة جبرية خائرة، ويجعل الحقائق مقلوبة تماما.
فكيف يفترض عاقل أن التوسع واحتلال البلدان حق فقط للنصارى، وللصهاينة، ولا يجوز لغيرهم تحرير أرضه، ولا الدفاع عن عرضه، ولا التوسع في سواها، فنتهم الشيعة بالطموح في إمبراطورية، ونطالبهم أن يخنعوا مثلنا للمستعمرين؟ ونتهمهم أنهم يدافعون عن أمنهم الوطني خارج حدودهم، وما الذي لا يجعل لغيرهم أمنا في الخارج إلا الهوان، إن لم تكن صاحب همة ولا أمل ولا طموح، فلماذا تتصور أن الآخرين خلو منها؟ نقل عن الملك حسين ملك الأردن السابق قال: جاء إلى جونسون وحدثه عن المظالم الصهيونية للعرب وأخذهم لأرضهم بالقوة أو بالشراء، وتجريدهم منها، فانحنى عليه جونسون وقال: سيدي، وهل تؤخذ الأرض إلا بالقوة أو الشراء؟
دولة قوية طامحة متماسكة وترى نفسها دينية وديمقراطية ترنو للمزيد، وبجوارها مستعمرات أو شبه مستعمرات خائفة وممزقة، فهل تلام على ضعفهم؟
12 - كما أن إغراق الجميع في معضلات التاريخ نوع من الهروب من التحديات الواقعية التي تستحق المواجهة والوعي والتصرف، لا إلى حمل التاريخ على الظهور، منقذا من مشكلات العصر، والتاريخ لن ينفع اجتراره طرفا، بل قد يستعمل كأهم ضمانات التفرق والضياع وغياب الوعي بالذات وبالآخرين. أذكر مما قرأت لأحد الكتاب العرب أنه كان مع صديق له أمريكي في مدينة ديترويت، وشب خلاف بين شيعي وسني وكان الخصام بالعربية، فسأله الأعجمي عن السبب؟ قال صراع بين حزبين، قال: حزبان قائمان هنا أم في بلادهم؟ قال: لا، بل حزبان وجدا قبل أربعة عشر قرناً؟
إن الفقر الثقافي، وضعف الفكرة، وغياب التجديد، يجعل الناس يهجرون زمانهم المعوز إلى زمن أغنى، ولحظتهم الفارغة إلى لحظة تاريخية أرحب، وحينما يعانون قمعا وذلة فإن ذكرياتهم تعبر القرون إلى زمن عزة كزمن هارون: "أمطري فسوف يأتيني خراجك" ولهذا فنحن مسئولون عن صناعة الفكرة، وتجديد الموقف، والتأمل في حل، وليس أن تفرض علينا مواقف غيرنا.
وهنا اليوم من يتسامح مع النازية والإرهاب الصهيوني والاحتلال الأسوأ والفصل العنصري ليوجه التحدي مع الإيرانيين بأسباب ليست من نتاج عقله، ولا تأمله ولا تفسيره بل مفاهيم تدخل لرؤوسنا قسرا ليغيب الوعي بالشر الأقرب، وبالقتل اليومي فنترك الشر المتحقق ونطارد المحتمل، و لنذهب بعيدا هناك في محاربة التاريخ أو مصارعة من له تفسير يخالفنا للتاريخ.(يُتْبَعُ)
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

(الرجل والثوب الضيّق) علاج التغريبيين لعمل المرأة (الإمارات أنموذجا)

ـ[سليمان الخراشي]•---------------------------------•[24 - Feb-2008, مساء 05:55]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم

تقول الحكاية الرمزية

اشترى رجلٌ ثوبًا جديدًا، فلما لبسه وجده ضيقًا عليه، ففكر في حلٍ لهذه (المشكلة)، فهداه (عقله) إلى أن يقوم برياضة شاقة يُخفف بها وزنه حتى يستطيع لبس الثوب بحرية!، فرآه (أحد الحكماء)، وقد أجهد نفسه، وأربك من حوله، فاستعلم منه، فأخبره بالمشكلة، فسخر الحكيم من حله المتكلف والغريب لهذه المشكلة، ودله على خيرٍ منه، وأيسر، وهو أن يعيد الثوب، ويشتري أو يُفصل ثوبًا مناسبًا لجسمه!

تعليق

مافعله الرجل في الحكاية الرمزية السابقة، هو نفس ماتفعله الحكومات في عالمنا الإسلامي، إلا من رحم الله، وهو نفس مايفعله التغريبيون من دعاة (الإصلاح) الكاذب. فهم بدلاً من جعل حلولهم تتوافق مع شريعة الإسلام، عكسوا الأمر، فأرادوا تطويع أحكام الشرع لتُناسب حلولهم التغريبية التي قلدوا فيها أسيادهم، دون تفكيرٍ أو روية. ولهذا أدخلوا - بحماقاتهم وتقليدهم للغرب - الأمة في منازعات، صرفتهم عن اللحاق بالأمم الأخرى، واستنفذت الجهود في صراعات مكرورة لا ثمرة منها، لو كانوا يعقلون.

مثال ذلك

ما فعله مؤلفا دراسة " الأدوار المتغيرة للمرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة - دراسة تحليلية نقدية " - هداهما الله -.
- حيث قالا معترفَين (ص 155): (إن تفضيل المرأة الإماراتية للتخصص في المجال التربوي، يرجع على الأرجح إلى رغبتها في الالتحاق بعد التخرج بمجالات تتفق مع طبيعة المرأة، والنظرة المجتمعية السائدة حول عمل المرأة).
- ثم للأسف - قالا (ص 156): (ورغم هذه التحولات، إلا أننا ما نزال نجد أن القيم الثقافية والعادات، وأنماط التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً كبيراً في مدى إقبالها على العمل، وتوجهاتها نحو مهن معينة دون غيرها، كما نلمس تأثير الأسرة والعادات والتقاليد في تركز نسبة الإناث المواطنات في قطاع الخدمات الحكومية، التي يرى المجتمع بأنها أعمال مناسبة للمرأة، ولا تُعرضها للاختلاط بالرجال، ولذا يمكن القول بأن المرأة الإماراتية ما تزال تواجه بعض العقبات عند اقتحامها للعمل في مهن مختلفة، خلاف المهن المعهودة، حيث تواجه بقيم ومفاهيم ثابتة سائدة تحدد للمرأة مساهمتها، وأنواع المهن التي يحق لها أن تعمل بها. ولذا، فإن بعض النساء يعشن في صراع متعدد الجوانب، صراع قيمي بين المفاهيم الموروثة التقليدية، والمفاهيم الحديثة، التي تعلي من قدر المرأة باعتبارها مؤهلة للعمل كالرجل .. )!!

تعليق