ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يصح بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى ...

ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يصح


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.



وبعد:

فيقول "أهْلُ التَّعْدِيلِ والتَّجْرِيحِ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِن شَعْبانَ حَدِيثٌ يَصِحُّ"[1]، ويقول ابن العربي - رحمه الله تعالى -: "لَيْسَ فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان حَدِيث يُسَاوِي سَمَاعه"[2].



هذا، ومما ينبغي التنبه له أن من أعظم أسباب انتشار البدع والخرافات: بَثُّ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والتساهل في اقتحام هذا المسلك الوخيم والوادي الذميم[3]؛ ومن الأحاديث الضعيفة المنتشرة المتعلقة بليلة النصف من شعبان ما يلي:



• ما أخرجه الترمذي في "سننه" أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: ما جاء في ليلة النصف من شعبان، (739) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ".



والحديث ضعفه الذهبي[4]، والزيلعي[5]، والألباني([6]، وابن حجر[7]، وصلاح الدين العلائي[8]، والحاكم[9]، والدارقطني[10]، وشعيب الأرنؤوط ومن حقق المسند معه[11].



• وما أخرجه ابن ماجه في "سننه" كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء في ليلة النصف من شعبان، (1390) قال: حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ".



والحديث ضعفه الدارقطني[12]، وابن الجوزي[13]، والهيثمي[14]، والذهبي[15]، وابن حجر[16].



وفيما ثبت عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم غنية، ومزيد كفاية؛ لمن يريد الخير، ويرجو ثواب الله عز وجل[17].



والله تعالى أعلم.



المراجع:

• ((الموسوعة الحديثية للدرر السنية)).

• ((ما صحة حديث إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟)) بموقع الإسلام سؤال وجواب، على الرابط التالي: https://islamqa.info/ar/answers/249623

• ((هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان؟)) بموقع الإسلام سؤال وجواب، على الرابط التالي: https://islamqa.info/ar/answers/49678

• ((لماذا لم نذكر تصحيح الشيخ الألباني لحديث فضل النصف من شعبان؟)) بموقع الإسلام سؤال وجواب، على الرابط التالي: https://islamqa.info/ar/answers/140084


[1] يُنظر: ((ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان)) لابن دحية (1/ 43).

[2] يُنظر: ((عارضة الأحوذي)) لأبي بكر بن العربي (2/ 201).

[3] عبارة "المسلك الوخيم والوادي الذميم" مقتبسة من تفسير السعدي رحمه الله تعالى (ص: 182) لقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ﴾ [سورة النساء 51 - 52]، حيث قال رحمه الله تعالى: "ما أسمجهم وأشد عنادهم وأقل عقولهم! كيف سلكوا هذا المسلك الوخيم والوادي الذميم؟ هل ظنوا أن هذا يروج على أحد من العقلاء، أو يدخل عقلَ أحد من الجهلاء، فهل يُفَضَّل دين قام على عبادة الأصنام والأوثان، واستقام على تحريم الطيبات، وإباحة الخبائث، وإحلال كثير من المحرمات، وإقامة الظلم بين الخلق، وتسوية الخالق بالمخلوقين، والكفر بالله ورسله وكتبه، على دين قام على عبادة الرحمن، والإخلاص لله في السر والإعلان، والكفر بما يعبد من دونه من الأوثان والأنداد والكاذبين، وعلى صلة الأرحام والإحسان إلى جميع الخلق، حتى البهائم، وإقامة العدل والقسط بين الناس، وتحريم كل خبيث وظلم، والصدق في جميع الأقوال والأعمال، فهل هذا إلا من الهذيان! وصاحب هذا القول إما من أجهل الناس وأضعفهم عقلا، وإما من أعظمهم عنادا وتمردا ومراغمة للحق، وهذا هو الواقع، ولهذا قال تعالى عنهم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾ أي: طردهم عن رحمته وأحل عليهم نقمته. {وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} أي: يتولاه ويقوم بمصالحه ويحفظه عن المكاره، وهذا غاية الخذلان".

يُنظر: ((الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم)) على الرابط التالي: https://www.alukah.net/sharia/0/142312

[4] ينظر: ((تلخيص العلل المتناهية)) للذهبي (ص: 183).

[5] يُنظر: ((تخريج الكشاف)) للزيلعي (3/ 263).

[6] يُنظر: ((ضعيف الجامع)) للألباني (654، 1761)، ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (3/ 138)، ((تخريج مشكاة المصابيح)) للألباني (1251)، ((ضعيف ابن ماجه)) للألباني (262).

[7] يُنظر: ((الكافي الشاف)) لابن حزم (252).

[8] يُنظر: ((فتاوى العلائي)) للعلائي (36).

[9] يُنظر: ((شعب الإيمان)) للبيهقي (5/ 355).

[10] يُنظر: ((العلل المتناهية)) لابن الجوزي (2/ 556).

[11] يُنظر: ((مسند أحمد)) لأحمد بن حنبل - طبعة الرسالة (26018).

[12] يُنظر: ((علل الدارقطني)) للدارقطني (6/ 50-51).

[13] يُنظر: ((العلل المتناهية)) لابن الجوزي (2/ 561، 557).

[14] يُنظر: ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (8/ 68).

[15] يُنظر: ((تلخيص العلل المتناهية)) للذهبي (ص: 183-184).

[16] يُنظر: ((الكافي الشاف)) لابن حجر (ص: 252)، ((الأمالي المطلقة)) لابن حجر (ص: 120).

[17] يُنظر: ((الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم)) على الرابط التالي: https://www.alukah.net/sharia/0/142312/