الجمع بين النصوص ودفع التعارضات الموهومة بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ...
الجمع بين النصوص ودفع التعارضات الموهومة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فمن المعلوم قطعًا عدم وجود أي حديث في "صحيح البخاري" يتناقض مع القرآن الكريم، بل لا يوجد أي حديث ثابت عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في "صحيح البخاري" أو غيره يتناقض مع شيءٍ من كتاب الله عز وجل.
فالقرآن الكريم والسنة النبوية كلاهما وحيٌ من الله تعالى، ويصدق بعضهما بعضًا، ويفسر بعضهما بعضًا، « وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره ». [إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية (2 /294)].
قال الله تعالى: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41-42]، وقال عزَّ وجلَّ عن نبيه صلى الله عليه وسلم وعن القرآن والسنة: ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلهَوَىٰۤ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴾ [النجم 3 - 4].
وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، ولا يختلف فيه اثنان من المسلمين، وقد حكى الباقلاني الإجماع على منع التعارض بين الأدلة الشرعية في نفس الأمر مطلقًا، كما روى الخطيب البغدادي عنه ذلك فقال: « يقول الباقلاني: وكل خبرين عُلم أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين؛ لأن معنى التعارض بين الخبرين والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك، أن يكون موجب أحدهما منافيًا لموجب الآخر، وذلك يبطل التكليف إن كان أمرًا ونهيًا، وإباحة وحظرًا، أو يوجب كون أحدهما صدقًا والآخر كذبًا إن كانا خبرين، والنبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك أجمع، ومعصوم منه باتفاق الأمة وكل مثبت للنبوة ». [الكفاية للخطيب البغدادي ص433].
ومن وهم وجود تعارض بين الوحيين، فإنما ذلك لعلة في فهمه وعقله، ولو أعطى نفسه فرصة بالرجوع إلى كلام أهل العلم وتفاسيرهم وشروحهم لزالت أوهامه، وذهبت إشكالاته، وتعلم الجمع بين النصوص الذي هو معقد السلامة من الانحراف، فبالعلم تزول الشبهات والإيرادات، ويزداد الإيمان واليقين، وتصلح القلوب والأعمال.
« وقد استعمل هذه القاعدة - قاعدة الجمع بين النصوص، ودفع التعارضات الموهومة - كثير من أئمة العلم والدين في كسر المبتدعة وتفنيد شبهاتهم، كصنيع الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب "الرسالة"، وفي كتاب "مختلف الحديث"، وكذلك الإمام أحمد رحمه الله في "الرد على الجهمية"، والإمام ابن قتيبة رحمه الله في كتاب "مختلف الحديث"، والطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار"، وغير هؤلاء كثير من أئمة السنة ». ["منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد" لعثمان بن علي بن حسن (1 /348)].
ولذا، فإنه ينبغي على كل من وهم تعارضًا أو أشكل عليه فهم نص سؤال أهل العلم عملًا بقول الله عز وجل: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].
والله تعالى أعلم.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فمن المعلوم قطعًا عدم وجود أي حديث في "صحيح البخاري" يتناقض مع القرآن الكريم، بل لا يوجد أي حديث ثابت عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في "صحيح البخاري" أو غيره يتناقض مع شيءٍ من كتاب الله عز وجل.
فالقرآن الكريم والسنة النبوية كلاهما وحيٌ من الله تعالى، ويصدق بعضهما بعضًا، ويفسر بعضهما بعضًا، « وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره ». [إعلام الموقعين لابن قيم الجوزية (2 /294)].
قال الله تعالى: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41-42]، وقال عزَّ وجلَّ عن نبيه صلى الله عليه وسلم وعن القرآن والسنة: ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلهَوَىٰۤ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴾ [النجم 3 - 4].
وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، ولا يختلف فيه اثنان من المسلمين، وقد حكى الباقلاني الإجماع على منع التعارض بين الأدلة الشرعية في نفس الأمر مطلقًا، كما روى الخطيب البغدادي عنه ذلك فقال: « يقول الباقلاني: وكل خبرين عُلم أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين؛ لأن معنى التعارض بين الخبرين والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك، أن يكون موجب أحدهما منافيًا لموجب الآخر، وذلك يبطل التكليف إن كان أمرًا ونهيًا، وإباحة وحظرًا، أو يوجب كون أحدهما صدقًا والآخر كذبًا إن كانا خبرين، والنبي صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك أجمع، ومعصوم منه باتفاق الأمة وكل مثبت للنبوة ». [الكفاية للخطيب البغدادي ص433].
ومن وهم وجود تعارض بين الوحيين، فإنما ذلك لعلة في فهمه وعقله، ولو أعطى نفسه فرصة بالرجوع إلى كلام أهل العلم وتفاسيرهم وشروحهم لزالت أوهامه، وذهبت إشكالاته، وتعلم الجمع بين النصوص الذي هو معقد السلامة من الانحراف، فبالعلم تزول الشبهات والإيرادات، ويزداد الإيمان واليقين، وتصلح القلوب والأعمال.
« وقد استعمل هذه القاعدة - قاعدة الجمع بين النصوص، ودفع التعارضات الموهومة - كثير من أئمة العلم والدين في كسر المبتدعة وتفنيد شبهاتهم، كصنيع الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب "الرسالة"، وفي كتاب "مختلف الحديث"، وكذلك الإمام أحمد رحمه الله في "الرد على الجهمية"، والإمام ابن قتيبة رحمه الله في كتاب "مختلف الحديث"، والطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار"، وغير هؤلاء كثير من أئمة السنة ». ["منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد" لعثمان بن علي بن حسن (1 /348)].
ولذا، فإنه ينبغي على كل من وهم تعارضًا أو أشكل عليه فهم نص سؤال أهل العلم عملًا بقول الله عز وجل: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].
والله تعالى أعلم.