الخلط بين الأديان والدين الإبراهيمي "الجديد" "الخلط بين الأديان يُقصَد به الخلط الذي تفقد معه ...
الخلط بين الأديان والدين الإبراهيمي "الجديد"
"الخلط بين الأديان يُقصَد به الخلط الذي تفقد معه العقيدة الإسلامية جوهرَها القائم على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لتصبح الفكرة الرئيسة هي الوصول إلى الله تعالى؛ سواء عن طريق اليهودية أو النصرانية أو الإسلام، فلا فرقَ عند أصحاب هذه الدعوة بين تلك الأديان، فإنما هي طرق متعددة ومتكافئة تدل على الله عز وجل"؛ [الإسلام سؤال وجواب].
وهذا الخلط فكرة ضالة قديمة تظهر اليوم بثوب جديد؛ اسمه "الدين الإبراهيمي الجديد"، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام إمامُ الحنفاء كان مسلمًا، وهو بَرَاء من هذا الدين المختلط المشوَّهِ؛ قال الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67].
فإياك أن يغرَّك هذا الخلط، الذي سماه القرآن الكريم "تلبيسًا"؛ وذلك في قوله جل وعلا: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42]؛ قال قتادة رحمه الله: "لا تُلبِسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام، إن دين الله الإسلام، واليهودية والنصرانية بِدْعَةٌ ليست من الله"؛ [تفسير ابن أبي حاتم].
وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تقرأ في سورة الفاتحة في كل ركعة من ركعات صلواتك قول الله عز وجل: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]، ولا يخفى عليك أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى؛ كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن اليهود والنصارى يشركون بالله عز وجل، ويزعمون له الزوجة والولد، وينسبون له صفة البخل، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، ويكذِّبون رُسُلَهُ، ويقتلون أنبياءه، ويسيئون معه الأدب سبحانه، ويخادعونه وهو جل وعلا خَادِعُهُم، ويفضِّلون المشركين على المسلمين، وغير ذلك من كُفْرِيَّاتِهم وشركهم، وظلمهم وعدوانهم، وكَذِبهم وبُهْتانهم؟.
وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن الله عز وجل لا يقبل دينَ مَن يفرِّق بين الرسل عليهم الصلاة والسلام في الإيمان؟ وأنَّ مَن كفر بأيٍّ منهم، فأولئك ﴿ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ﴾؟ قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].
فعقيدة المسلم لا تُوجِبُ عليه الإيمان بجميع الأنبياء فحسب، بل توجب عليه إجلالهم وتقديرهم، وتوقيرهم وتعظيمهم التعظيم اللائق بهم؛ لأنهم خير البشر، وصفوةُ الله من خلقه، وهم نور الهداية الذي أضاء الأرض بعد ظُلْمَتِها، وآنسَ القلوبَ مِن وَحْشَتِها، ولا سبيلَ إلى السعادة والفلاح إلا بهم وبسببهم؛ ولذلك أجمع جميع علماء المسلمين على كفر اليهود والنصارى، وكلِّ مَن كفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو غيره من أنبياء الله ورسله، صلوات الله وسلامه عليهم إلى يوم الدين؛ [الدرر السنية، والإسلام سؤال وجواب].
ومما سبق يتضح أن الأمر جَلَلٌ، والقضية قضية إسلامٍ وكُفْرٍ، وإيمان ونفاق، لا مجالَ فيها للتنازل أو التساوم أو المفاوضات؛ فهذه أصول الإسلام، ومباني العقيدة، ومفهوم كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وهي الكلمة التي يجب على جميع العباد تعلُّمُها وفَهمُها، واعتقادها، والعمل بمقتضاها، ومعرفة ما يضادُّها وينافيها والبعد عنه، "قامت بها الأرض والسماوات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله، وأنزل كُتُبَه، وشرع شرائعه، ولأجلها نُصبت الموازين، ووُضعت الدواوين، وقام سوقُ الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى: المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار؛ فهي منشأ الخَلْقِ والأمر، والثواب والعقاب"؛ [زاد المعاد من هدي خير العباد؛ لابن قيم الجوزية].
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى محذرًا من الخلط بين الأديان: "وأما قول القائل: المعبود واحد، وإن كانت الطرق مختلفة، ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن إما كون الشريعة النصرانية واليهودية المُبَدَّلَتَيْنِ المنسوختَيْنِ موصلةً إلى الله؛ وإما استحسان بعض ما فيها مما يخالف دين الله، أو التدين بذلك - كفرٌ بالله وبرسوله، وبالقرآن وبالإسلام، بلا خلاف بين الأمة الوسط في ذلك، وأصل ذلك المشابهة والمشاركة"؛ [اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم].
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه: (الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان): "وليعلم كل مسلم عن حقيقة هذه الدعوة: أنها فلسفية النزعة، سياسية النشأة، إلحادية الغاية، تَبْرُزُ في لِبَاسٍ جديد، تستهدف الإسلام والمسلمين، تأتي على الإسلام من القواعد، مستهدفة القضاء على الإسلام وانْدِراسه، ووَهْنَ المسلمين، ونزع الإيمان من قلوبهم، وَوَأدَهُ، وتفسيخ العالم الإسلامي من ديانته، وعزل شريعته في القرآن والسنة عن الحياة، حينئذٍ يسهل تسريحه في مجاهل الفكر، والأخلاقيات الهدَّامة، مُفرَّغًا من كل مقوماته، فلا يترشح لقيادة أو سيادة، وجَعْل المسلم في محطة التلقي لِما يُملَى عليه من أعدائه، وأعداء دينه، وحينئذٍ يصلون إلى خِسَّةِ الغاية: القفز إلى السلطة العالمية بلا مقاومة، وتستهدف إسقاط جوهر الإسلام واستعلائه، وظهوره وتميُّزِهِ، بجَعْلِ دين الإسلام المُحْكَمِ المحفوظ من التحريف والتبديل في مرتبة متساوية مع غيره من كل دين مُحرَّفٍ منسوخ، بل مع العقائد الوثنية الأخرى، في أقوى مُخطَّطٍ تتكالب فيه أُمَمُ الكفر، وتتحرك من خلاله لغزوٍ شامل ضد الإسلام والمسلمين، بشتى أنواع النفوذ: الفكري، والثقافي، والاقتصادي، والسياسي، وإقامة سوق مشترك، لا تحكمه شريعة الإسلام، ولا سمعَ فيه ولا طاعة لخُلُقٍ فاضل ولا فضيلة، ولا كسبٍ حلال، فيفشو الربا، وتنتشر المفسدات، وتدجن الضمائر والعقول، وتشتد القوى الخبيثة ضد أي فطرة سليمة، وشريعة مستقيمة؛ وإنا لنتلو قول الله تعالى: ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 155].
وإذا كان دين الإسلام قد جاء ليُخرِجَ العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومن ضيق الدنيا والآخرة إلى سَعَتِهما - فإنه يمكن تلخيص أهداف مشروع الخلط بين الأديان وترويج الدين الإبراهيمي "الجديد" بأنه يهدف إلى عكس ما يهدف إليه الإسلام تمامًا؛ أي: إخراج العباد من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد، ومن سَعَةِ الدنيا والآخرة إلى ضيقهما؛ ولذا يجب على جميع المسلمين الكُفْرُ بنظرية الوحدة بين كل دين مُحرَّفٍ منسوخ مع دين الإسلام الحق المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل الناسخ لِما قبله، وهذا من بَدَهِيَّاتِ الاعتقاد، ومُسلَّمات الدين، وأبجديات الإسلام.
وأخيرًا، فإنه يجب على جميع أهل الأرض اعتقادُ أن شريعة الإسلام هي خاتمة الشرائع، ناسخة لكل شريعة قبلها، فلا يجوز لبشرٍ من أفراد الخلائق أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة الإسلام. ويجب على جميع أهل الأرض من الكتابيِّيْنَ وغيرهم الدخول في الإسلام بالشهادتين، والإيمان بما جاء في الإسلام جملة وتفصيلًا، والعمل به، واتباعه، وترك ما سواه من الشرائع المُحرَّفة والكتب المنسوبة إليها، وأنَّ مَن لم يدخل في الإسلام فهو كافر مشرك، ولا يجوز لأحد من أهل الأرض أن يبقى على أيٍّ من الشريعتين: اليهودية، والنصرانية، فضلًا عن الدخول في إحداهما، ولا يجوز لمتبع أيِّ دين غير الإسلام وصفُهُ بأنه مسلم، أو أنه على ملة إبراهيم.
نسأل الله سبحانه أن يهديَ ضالَّ المسلمين، وأن يُذهِبَ عنهم البأس، وأن يصرف عنهم كيد الكائدين، وأن يثبِّتَنا جميعًا على الإسلام، حتى نلقاه، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم". [الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان؛ لبكر أبو زيد بتصرف].
"الخلط بين الأديان يُقصَد به الخلط الذي تفقد معه العقيدة الإسلامية جوهرَها القائم على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لتصبح الفكرة الرئيسة هي الوصول إلى الله تعالى؛ سواء عن طريق اليهودية أو النصرانية أو الإسلام، فلا فرقَ عند أصحاب هذه الدعوة بين تلك الأديان، فإنما هي طرق متعددة ومتكافئة تدل على الله عز وجل"؛ [الإسلام سؤال وجواب].
وهذا الخلط فكرة ضالة قديمة تظهر اليوم بثوب جديد؛ اسمه "الدين الإبراهيمي الجديد"، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام إمامُ الحنفاء كان مسلمًا، وهو بَرَاء من هذا الدين المختلط المشوَّهِ؛ قال الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 67].
فإياك أن يغرَّك هذا الخلط، الذي سماه القرآن الكريم "تلبيسًا"؛ وذلك في قوله جل وعلا: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42]؛ قال قتادة رحمه الله: "لا تُلبِسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام، إن دين الله الإسلام، واليهودية والنصرانية بِدْعَةٌ ليست من الله"؛ [تفسير ابن أبي حاتم].
وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تقرأ في سورة الفاتحة في كل ركعة من ركعات صلواتك قول الله عز وجل: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7]، ولا يخفى عليك أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى؛ كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن اليهود والنصارى يشركون بالله عز وجل، ويزعمون له الزوجة والولد، وينسبون له صفة البخل، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، ويكذِّبون رُسُلَهُ، ويقتلون أنبياءه، ويسيئون معه الأدب سبحانه، ويخادعونه وهو جل وعلا خَادِعُهُم، ويفضِّلون المشركين على المسلمين، وغير ذلك من كُفْرِيَّاتِهم وشركهم، وظلمهم وعدوانهم، وكَذِبهم وبُهْتانهم؟.
وكيف يختلط الأمر عليك، وأنت تعلم أن الله عز وجل لا يقبل دينَ مَن يفرِّق بين الرسل عليهم الصلاة والسلام في الإيمان؟ وأنَّ مَن كفر بأيٍّ منهم، فأولئك ﴿ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ﴾؟ قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].
فعقيدة المسلم لا تُوجِبُ عليه الإيمان بجميع الأنبياء فحسب، بل توجب عليه إجلالهم وتقديرهم، وتوقيرهم وتعظيمهم التعظيم اللائق بهم؛ لأنهم خير البشر، وصفوةُ الله من خلقه، وهم نور الهداية الذي أضاء الأرض بعد ظُلْمَتِها، وآنسَ القلوبَ مِن وَحْشَتِها، ولا سبيلَ إلى السعادة والفلاح إلا بهم وبسببهم؛ ولذلك أجمع جميع علماء المسلمين على كفر اليهود والنصارى، وكلِّ مَن كفر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو غيره من أنبياء الله ورسله، صلوات الله وسلامه عليهم إلى يوم الدين؛ [الدرر السنية، والإسلام سؤال وجواب].
ومما سبق يتضح أن الأمر جَلَلٌ، والقضية قضية إسلامٍ وكُفْرٍ، وإيمان ونفاق، لا مجالَ فيها للتنازل أو التساوم أو المفاوضات؛ فهذه أصول الإسلام، ومباني العقيدة، ومفهوم كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وهي الكلمة التي يجب على جميع العباد تعلُّمُها وفَهمُها، واعتقادها، والعمل بمقتضاها، ومعرفة ما يضادُّها وينافيها والبعد عنه، "قامت بها الأرض والسماوات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله، وأنزل كُتُبَه، وشرع شرائعه، ولأجلها نُصبت الموازين، ووُضعت الدواوين، وقام سوقُ الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى: المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار؛ فهي منشأ الخَلْقِ والأمر، والثواب والعقاب"؛ [زاد المعاد من هدي خير العباد؛ لابن قيم الجوزية].
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى محذرًا من الخلط بين الأديان: "وأما قول القائل: المعبود واحد، وإن كانت الطرق مختلفة، ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن إما كون الشريعة النصرانية واليهودية المُبَدَّلَتَيْنِ المنسوختَيْنِ موصلةً إلى الله؛ وإما استحسان بعض ما فيها مما يخالف دين الله، أو التدين بذلك - كفرٌ بالله وبرسوله، وبالقرآن وبالإسلام، بلا خلاف بين الأمة الوسط في ذلك، وأصل ذلك المشابهة والمشاركة"؛ [اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم].
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه: (الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان): "وليعلم كل مسلم عن حقيقة هذه الدعوة: أنها فلسفية النزعة، سياسية النشأة، إلحادية الغاية، تَبْرُزُ في لِبَاسٍ جديد، تستهدف الإسلام والمسلمين، تأتي على الإسلام من القواعد، مستهدفة القضاء على الإسلام وانْدِراسه، ووَهْنَ المسلمين، ونزع الإيمان من قلوبهم، وَوَأدَهُ، وتفسيخ العالم الإسلامي من ديانته، وعزل شريعته في القرآن والسنة عن الحياة، حينئذٍ يسهل تسريحه في مجاهل الفكر، والأخلاقيات الهدَّامة، مُفرَّغًا من كل مقوماته، فلا يترشح لقيادة أو سيادة، وجَعْل المسلم في محطة التلقي لِما يُملَى عليه من أعدائه، وأعداء دينه، وحينئذٍ يصلون إلى خِسَّةِ الغاية: القفز إلى السلطة العالمية بلا مقاومة، وتستهدف إسقاط جوهر الإسلام واستعلائه، وظهوره وتميُّزِهِ، بجَعْلِ دين الإسلام المُحْكَمِ المحفوظ من التحريف والتبديل في مرتبة متساوية مع غيره من كل دين مُحرَّفٍ منسوخ، بل مع العقائد الوثنية الأخرى، في أقوى مُخطَّطٍ تتكالب فيه أُمَمُ الكفر، وتتحرك من خلاله لغزوٍ شامل ضد الإسلام والمسلمين، بشتى أنواع النفوذ: الفكري، والثقافي، والاقتصادي، والسياسي، وإقامة سوق مشترك، لا تحكمه شريعة الإسلام، ولا سمعَ فيه ولا طاعة لخُلُقٍ فاضل ولا فضيلة، ولا كسبٍ حلال، فيفشو الربا، وتنتشر المفسدات، وتدجن الضمائر والعقول، وتشتد القوى الخبيثة ضد أي فطرة سليمة، وشريعة مستقيمة؛ وإنا لنتلو قول الله تعالى: ﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 155].
وإذا كان دين الإسلام قد جاء ليُخرِجَ العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، ومن ضيق الدنيا والآخرة إلى سَعَتِهما - فإنه يمكن تلخيص أهداف مشروع الخلط بين الأديان وترويج الدين الإبراهيمي "الجديد" بأنه يهدف إلى عكس ما يهدف إليه الإسلام تمامًا؛ أي: إخراج العباد من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد، ومن سَعَةِ الدنيا والآخرة إلى ضيقهما؛ ولذا يجب على جميع المسلمين الكُفْرُ بنظرية الوحدة بين كل دين مُحرَّفٍ منسوخ مع دين الإسلام الحق المحكم المحفوظ من التحريف والتبديل الناسخ لِما قبله، وهذا من بَدَهِيَّاتِ الاعتقاد، ومُسلَّمات الدين، وأبجديات الإسلام.
وأخيرًا، فإنه يجب على جميع أهل الأرض اعتقادُ أن شريعة الإسلام هي خاتمة الشرائع، ناسخة لكل شريعة قبلها، فلا يجوز لبشرٍ من أفراد الخلائق أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة الإسلام. ويجب على جميع أهل الأرض من الكتابيِّيْنَ وغيرهم الدخول في الإسلام بالشهادتين، والإيمان بما جاء في الإسلام جملة وتفصيلًا، والعمل به، واتباعه، وترك ما سواه من الشرائع المُحرَّفة والكتب المنسوبة إليها، وأنَّ مَن لم يدخل في الإسلام فهو كافر مشرك، ولا يجوز لأحد من أهل الأرض أن يبقى على أيٍّ من الشريعتين: اليهودية، والنصرانية، فضلًا عن الدخول في إحداهما، ولا يجوز لمتبع أيِّ دين غير الإسلام وصفُهُ بأنه مسلم، أو أنه على ملة إبراهيم.
نسأل الله سبحانه أن يهديَ ضالَّ المسلمين، وأن يُذهِبَ عنهم البأس، وأن يصرف عنهم كيد الكائدين، وأن يثبِّتَنا جميعًا على الإسلام، حتى نلقاه، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم". [الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان؛ لبكر أبو زيد بتصرف].