حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ...

حكم دعاء ختم القرآن في الصلاة



بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد "أنكر الإِمَام الطرطوشي على أهل القيروان اجْتِمَاعهم لَيْلَة الْخَتْم فِي صَلَاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان، وَنصب المنابر، وبيَّن أَنه بِدعَة ومنكر، وأن مَالِكًا رَحْمَة الله تَعَالَى كرهه، ثمَّ قَالَ: فَإِن قيل إِنَّه يَأْثَم فَاعل ذَلِك؟ فَالْجَوَاب أَن يُقَال:



• إِن كَانَ ذَلِك على وَجه السَّلامَة من اللَّغط، وَلم يكن إِلَّا الرِّجَال وَالنِّسَاء منفردين بَعضهم عَن بعض، يَسْتَمِعُون الذّكر، وَلم تنتهك فِيهِ شَعَائِر الرَّحْمَن، فَهَذِهِ الْبِدْعَة الَّتِي كره مَالك رَحمَه الله تَعَالَى.



• وَأما إِن كَانَ على الْوَجْه الَّذِي يجْرِي فِي هَذَا الزَّمَان من اخْتِلَاط الرِّجَال وَالنِّسَاء... وأمثال ذَلِك من الْفسق واللغط فَهَذَا فِسْقٌ، فَيُفَسَّقُ الَّذِي يكون سَببًا لِاجْتِمَاعِهِمْ.


فَإِن قيل أَلَيْسَ روى عبد الرَّزَّاق فِي "التَّفْسِير" أَن أنس بن مَالك رضي الله عَنهُ، كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يخْتم الْقُرْآن جمع أَهله؟ قُلْنَا: هَذَا هُوَ الْحجَّة عَلَيْكُم! فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيته، وَيجمع أَهله عِنْد الْخَتْم، فَأَيْنَ هَذَا من نصبكم المنابر، وتلفيق الْخطب على رُؤُوس الأشهاد، فيختلط الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان والغوغاء، وتكثر الزعقات والصياح، ويختلط الْأَمر، وَيذْهب بهاء الْإِسْلَام؟ [1].



وقال الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله تعالى - بعد ذكره لمَرْوِيَّاتٍ في دعاء ختم القرآن: "ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم، قبل الركوع أو بعده، لإمام أو منفرد" [2].



والحاصل:

• أن دعاء ختم القرآن في الصلاة من الأمور المحدثة التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم، والخيرُ كل الخيرِ في الاتباع، وترك الابتداع؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: "مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ" [أخرجه النسائي (1578)، وصححه الألباني في صحيح النسائي (1577)].



وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ" [أخرجه البخاري (2697)].



• وأن انتشار البدع وفعلها في أصقاع الأرض لا يدل على مشروعيتها.



• وأن الإسلام غني عما ابتدعه الناس سواءً في رمضان أو غيره، وفي تشريعاته من البر والأعمال الصالحات ما يُغني عن البدع والأمور المحدثات [3]، "فلنتمسك بهذا الدين العظيم، ولنلتزم آدابه وأحكامه، ففيه الهدى، والكفاية، والرحمة" [4].

والله تعالى أعلم.



والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] ((الباعث على إنكار البدع والحوادث)) (ص: 39-40) لأبي شامة المقدسي، بموقع المكتبة الشاملة الحديثة على الرابط التالي:

https://al-maktaba.org/book/6276/32.

[2] ((جزء في مرويَّات دعاء ختم القرآن)) لبكر أبو زيد (ص: 290) بتصرف يسير، نقلاً عن ((هل في السنة دعاء بعد ختم القرآن؟)) بموقع الإسلام سؤال وجواب، على الرابط التالي:

https://islamqa.info/ar/answers/65581

[3] جملة مقتبسة بتصرف من ((عيد الأم! نبذة تاريخية، وحكمه عند أهل العلم))، بموقع الإسلام سؤال وجواب، على الرابط التالي:

https://islamqa.info/ar/articles/61
[4] جملة مقتبسة من ((أمه ستغضب إن لم يحتفل بعيد الأم))، بموقع الإسلام سؤال وجواب، على الرابط التالي:

https://islamqa.info/ar/answers/59905