صلوا بالليل والناس نيام بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ...

صلوا بالليل والناس نيام


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.



وبعد:

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟" [أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758)]، فهل يليق بنا - يا إخوتي - النوم في وقت النزول الإلهي؟[1] إلى متى الغفلة؟ اللهم أيقظ قلوبنا بالإيمان، ولا تجعلنا من المحرومين.



معاشر الكرام:

إن التأمل في نصوص الكتاب والسنة، وتدبر ما جاء في فضل قيام الليل والحث عليه أكبر زاد، وأحسن إرشاد، وأعظم ذكرى ﴿ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [سورة ق 37]؛ وسأذكر - إن شاء الله تعالى - فيما يلي آيات وأحاديث في فضل قيام الليل، والحث عليه رغبة في تنشيط النفوس، وبث الهمم، ودفع العزائم لدأب الصالحين، وعمل الأبرار المتقين.



فمن الآيات قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ﴾ [سورة المزمل 1-6]، أي: أن عبادة جوف الليل أشد تأثيرًا في القلب، وأبين قولا لفراغ القلب مِن مشاغل الدنيا[2].



• ومنها قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا * وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا * وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [سورة الإسراء 79-81]، قال ابن رجب رحمه الله تعالى: "قيام الليل يوجب علو الدرجات في الجنة، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾، فجعل جزاءه عَلَى التهجد بالقرآن بالليل أن يبعثه المقام المحمود، وهو أعلى درجاته صلى الله عليه وسلم"[3].



• ومنها قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ * أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [سورة الزمر 8-9]، لا يستوون والذي نفسي بيده؛ فاللهم اجعلنا من القانتين القائمين، العالِمين العامِلين، ووفقنا لكل خير يا رب العالَمين.



• ومنها قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة السجدة 15-17]، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "فَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ عَظَمَةَ مَا أَخْفَى اللَّهُ لَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَاللَّذَّاتِ الَّتِي لَمْ يَطَّلِعُ عَلَى مِثْلِهَا أَحَدٌ، لَمَّا أَخْفَوْا أَعْمَالَهُمْ أَخْفَى اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ، جَزَاءً وِفَاقًا؛ فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ"[4].



• ومنها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [سورة الذاريات 15-18]، فلله درهم، وعلى الله أجرهم؛ لم يمنعهم من النوم مشاهدة فيلم، ولا دردشات محرمة، ولا لهو، ولا لعب، ولا عصيان، بل القيامُ بالقرآن، والرغبة في العفو والغفران، وطلب الجنان، والخوف من النيران.



• ومنها قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا * إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ﴾ [الإنسان: 26، 27]؛ طاب ليل طال السجود فيه والتسبيح، فليس ثمَّ ليل أجمل، ولا أكمل، ولا أحلى، ولا ألذ، ولا أطيب، ولا أَهْنَأ، ولا أحسن، ولا أزكى، ولا أعذب من ليل الأنس بالله رب العالمين.



• ومنها قوله تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الشعراء: 217 - 220]، وفي هذه الآيات إشارة إلى أن القائمين الساجدين أولى الناس بنيل أعلى مراتب الدين، وهي مرتبة الإحسان، "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ"[5].



• ومنها قوله تعالى في وصف عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 64 - 66]، ثم قال سبحانه بعد ذكر صفاتٍ أخرى لعباد الرحمن: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [سورة الفرقان 75-76]، ومعنى الْغُرْفَةَ: الدَّرَجةَ الرَّفيعةَ في الجنَّةِ [6]، وهذه المقامات العاليات، والمنازل الساميات لا يدركها أصحاب الهمم الدنية، والاهتمامات الأرضية، فقد أجمع العقلاء أن النعيم لا يدرك بالنعيم [7].



قال الشاعر:

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ[8]



وفيما يلي جملة من الأحاديث النبوية في فضل قيام الليل، والحث عليه:

• عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقومُ من اللَّيل حتى تَتفطَّر قدماه، فقالت عائشةُ: لِمَ تَصنعُ هذا يا رسولَ اللهِ، وقد غفر اللهُ لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِك وما تأخَّر؟! قال: "أفلا أحبُّ أن أكونَ عبدًا شكُورًا؟!" [أخرجه البخاري (4837)، ومسلم (2820)]، فصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك الشكور الكريم، إمام المتقين، وقدوة المخلصين، وسيد ولد آدم أجمعين [9].



• وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ [10] النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ. ثَلَاثًا، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ" [رواه ابن ماجه (3251)، وصحَّحه الألباني في صحيح ابن ماجه (2648)]، فاللهم اجعلنا من الذين يفشون السَّلام، ويطعمون الطَّعام، ويصلون الأرحام، ويصلون باللَّيلِ والناسُ نِيام، ويدخلون الْجَنَّةَ بِسَلَام.



• وعن أبي مالكٍ الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ في الجَنَّةِ غُرفًا يُرى ظاهرُها من باطنِها، وباطنُها من ظاهرِها، أعدَّها اللهُ تعالى لِمَن أَطعَمَ الطَّعام، وأَلانَ الكلام، وتابَع الصِّيام، وأفْشَى السَّلام، وصَلَّى باللَّيلِ والناسُ نِيام" [أخرجه أحمد (22905)، وحسَّنه الألباني في صحيح الموارد (533)]، فيا ليت شعري من سيفوز بهذه الغرف الشفافة البديعة، والقصور الأنيقة البهية، والمنازل البهيجة السنية؟ ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾ [سورة القمر 54-55]؛ اللهم اجعلنا من المفلحين الفائزين، ولا تجعلنا من الخائبين الخاسرين يا رب العالمين.



• وعن أبي أُمامةَ الباهليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلْإِثْمِ" [أخرجه الترمذي (3549)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4079)]، وهذا الحديث - رحمكم الله تعالى وغفر لكم - يوضح أن قيام الليل سُنَّةُ الصَّالِحينَ وعادَتُهم وشَأنُهم [11]، وهو لا يكفر السيئات الماضية فحسب، بل يبعد عن الآثام، ويقرب إلى الله رب الأنام.



• وعن أَبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: "أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الصلاةِ المكتوبةِ، الصلاةُ في جَوفِ الليلِ" [أخرجه مسلم (1163)]، والمُرادُ بِجَوفِ الليلِ: الثُّلثُ الآخِرُ منه [12]، وهو وقت طيب مبارك، تجمل بالتَعَبُّد فيه النفس، ويزدان بالطاعة فيه العمل، ويرسخ بالقيام فيه اليقين.



• وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ" [أخرجه البخاري (39)]، قال ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى: "وما يستعان به لا يترك" [13]، ومعنى الغَدوةُ: أوَّلُ النَّهارِ، والرَّوحةُ: آخِرُه، والدُّلجةُ: سَيرُ آخرِ اللَّيل، وسَيرُ آخرِ اللَّيل مَحمودٌ في سَيرِ الدُّنيا بالأبدانِ، وفي سَيرِ القُلوبِ إلى اللهِ بالأعمالِ؛ وصَدَرَ هذا الكلامُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كأنَّه يُخاطِبُ مُسافرًا يَقطَعُ طَريقَه إلى مَقصدِه، فنَبَّهَه على أوقاتِ نَشاطِه التي يَزْكو فيها عَمَلُه، فشَبَّهَ الإنسانَ في الدُّنيا بالمسافرِ، وكذلك هو على الحَقيقةِ؛ لأنَّ الدُّنيا دارُ انتقالٍ وطَريقٌ إلى الآخرةِ [14].



• وعن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: جَاءَ جِبْرِيلُ عَليهِ السَّلامُ إِلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَالَ: "يا مُحمَّدُ، عِشْ ما شِئتَ فإنَّك مَيِّتٌ، وأحْبِبْ من شِئتَ فإنَّكَ مُفارِقُه، واعمَل ما شِئتَ فإنَّك مَجْزِيٌّ بهِ، واعلَم أنَّ شرفَ المؤمنِ قيامُه باللَّيلِ، وعِزُّه استِغناؤُه عن النَّاسِ" [أخرجه الحاكم في المستدرك (7991)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (73)]، فقيام الليل شرف، وأي شرف؛ وسمو، وأي سمو؛ ورِفْعَة، وأي رفعة؛ فاللهم زدنا إيماناً، وشرفنا بقيام الليل بين يديك يا حي يا قيوم.



• وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ" [أخرجه أبو داود (1398) وصححه الألباني في صحيح أبي داود]، ومعنى المقنطرين: الذين يحصلون الأجور العظيمة الكبيرة الكثيرة [15]؛ نسأل الله تعالى من فضله، وأن يجعلنا من المقنطرين الخاشعين.



• وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ. قَالَ: "لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ؛ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ"، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ". قَالَ: ثُمَّ تَلَا ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ "قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ". ثُمَّ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ "قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: "كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا". فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ" [أخرجه الترمذي (2616)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي]، فهلم بنا إخوتي إلى سعادة الدنيا والآخرة، ولنقبل على الله تعالى بقلوبنا، فربنا الرحمن سبحانه وتعالى أكرم من أن يرد عبدا آثره على ما سواه، فأخلص في نيته، وصدق في طلبه، وأحسن في عمله؛ ﴿ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنينَ ﴾ [سورة آل عمران 148].



وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، ثَارَ عَنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي الِانْهِزَامِ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى هُرِيقَ دَمُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رَجَعَ رَجَاءً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقًا مِمَّا عِنْدِي حَتَّى هُرِيقَ دَمُهُ" [أخرجه ابن حبان (2558)، وصححه شعيب الأرناؤوط]، وتَعَجُّبُه سُبحانَه هنا يَدُلُّ على الرِّضا عنِ العَمَلِ مع إعطاءِ الثَّوابِ عليه [16]، وإذا رضي الله تعالى عن عبد، وباهى به ملائكته أقبلت إليه وفود الخيرات، وصُرِفِتْ عنه الشرور والآفات، وأرضاه ربنا وأعطاه بلا عد ولا حساب، ومنحه من خزائنه التي لا تفنى ولا تنقص، ﴿ وَٱللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة 261].




وختامًا:فهذه أبيات لابن القيم رحمه الله تعالى، ذكرها في فصل في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين من نونينته [17]:

يا سلعة الرحمن لست رخيصة
بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها
في الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها
إلا أولو التقوى مع الإيمان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد
بين الأراذل سلفة الحيوان
يا سلعة الرحمن أين المشتري
فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب
فالمهر قبل الموت ذو إمكان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر ال
خطاب عنك وهم ذوو إيمان
يا سلعة الرحمن لولا أنها
حجبت بكل مكاره الإنسان
ما كان عنها قط من متخلف
وتعطلت دار الجزاء الثاني
لكنها حجبت بكل كريهة
ليصد عنها المبطل المتواني
وتنالها الهمم التي تسمو إلى
رب العلى بمشيئة الرحمن
فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد
راحاته يوم المعاد الثاني


يا رب اجعلنا من أهل القيام والجهاد والقرآن [18]، وارزقنا لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ في غير ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ؛ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ [19]؛ اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وانصر عبادك المجاهدين؛ "اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" [20].



﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الصافات 180 - 182].



"اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" [21].


[1] وهو نزول يليق بجلالِ ربنا الخالق سبحانه وكمالِه؛ قطعاً ليس كنزول المخلوقين، فالله سبحانه ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

[2] [((التفسير الميسر)) لمجمع المدينة لطباعة المصحف الشريف].

[3] [((مجموع رسائل ابن رجب)) (4/ 47)].

[4] [((تفسير ابن كثير)) (6/ 365)].

[5] صحيح مسلم | كتاب: الإيمان | باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان قال أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله: بعون الله نبتدئ، وإياه نستكفي، وما توفيقنا إلا بالله جل جلاله: حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَهَذَا حَدِيثُهُ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ. فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ. وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ. قَالَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ. قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ: "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ". قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا. ثُمَّ قَالَ لِي: "يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟" قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ، يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ".

[6] [يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17 /534)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4 /418)، ((الوسيط)) للواحدي (3 /349)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 266)، ((تفسير القرطبي)) (13 /83)، ((المفردات)) للراغب (ص: 605)، ((التفسير المحرر)) للدرر السنية (تفسير الآيات 72-77 من سورة الفرقان)].

[7] "قال إبراهيم الحربي: أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم" [((قاعدة في المحبة)) لابن تيمية (1/ 207)].

[8] [((ديوان المتنبي)) (ص: 401)].

[9] عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ" [أخرجه مسلم (2278)]، ومعنى "أَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ": أنه صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ شافعٍ في ذلكَ المحضَرِ، وأَوَّلُ مَن تُقبَلُ شَفاعتُه عَلى الإِطلاقِ في أَنواعِ الشَّفاعاتِ [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[10] "انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ" أي: اتَّجَه النَّاسُ ناحيتَه، وذهَبوا إليه مُسْرِعين [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[11] [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[12] [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[13] [((المدخل)) (2 /132-139)].

[14] [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[15] [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[16] [((الموسوعة الحديثية)) للدرر السنية].

[17] [((نونية ابن القيم)) (ص: 355)].

[18] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ: أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ " [أخرجه ابن ماجه (215)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (179)].

[19] عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِالْقَوْمِ صَلَاةً أَخَفَّهَا، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا، فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَمَا إِنِّي دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ: "اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَفِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ" [أخرجه النسائي (1306)، وصححه الألباني في صحيح النسائي (1305)].

[20] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؟ قُولُوا: اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى شُكْرِكَ، وَذِكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ". [أخرجه أحمد (7982)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (844)].

[21] عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى رحمه الله تعالى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي. فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ. قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". [أخرجه البخاري (3370)].

ومما ورد في فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث أُبَي بن كعب رضي الله عنه، أنه قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: "مَا شِئْتَ". قَالَ: قُلْتُ الرُّبُعَ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: النِّصْفَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: "إِذَنْ تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ" [أخرجه الترمذي (2457) وحسنه الألباني].