وما انفكت مصر مورداً يقصدها علماء فينيقيا واليونان ينهلون منها ويرسون في بلدانهم على قواعدها. ومن ...

وما انفكت مصر مورداً يقصدها علماء فينيقيا واليونان ينهلون منها ويرسون في بلدانهم على قواعدها. ومن زارها في القرن السادس قبل الميلاد. فيثاغورس من جزيرة ناموس، الفيلسوف الرياضي، وأبقراط (المولود في جزيرة كوس 640) أشهر أطباء العصر القديم. وطاليس (640 - 564) المولود في جزيرة ميليطيس من أصل فينيقي وتعلم فيها وفي فينيقيا ثم عاد إلى اليونان فأرسى أسس اللوم الرياضية والفلكية والطبيعية والفلسفة الصوفية فيها فخلد مواطنوه اسمه على رأس حكمائهم السبعة. وسولون (640 - 558) أقدر مصلح ومشرع وأحد حكماء أثينة السبعة. وعندما أنشأ اليونان، في إيليا على شاطئ إيطاليا الجنوبية، مدرستهم الفلسفية الشهيرة (في القرن الخامس قبل الميلاد)، وازدهر المسرح والخطابة والطب في صقلية (484) لم تحجب مصر فاستمر العلماء يفدون إليها ويفيدون منها ويصنفون فيها من أمثال: هيرودوت (484 - 425) وكان شرقي الأصل في أحد أبويه وقد نفى من بلاده فطاف بفينيقيا ومصر حيث أبحر في النيل حتى أسوان، وصنف تاريخاً في وصف حياة مصر والشرق الأدنى واليونان. وديمقريطس الأبدري (410) الذي غادر إيليا إلى مصر والحبشة وفينيقيا وبابل وفارس والهند، مستزيداً من العلم، حتى قال عن نفسه: لم يفقني أحد قط ولا المصريون أنفسهم في رمم خطوط بحسب شروط معلومة، كما زار أفلاطون (429 - 347) تلميذ سقراط وأستاذ أرسطو مصر وأعجب بها. وقضى أودكسوس (408) فيها ستة عشر شهراً يدرس الفلك على كهنة عين شمس، ثم أنشأ مدرسة في أثينة لتعليم العلوم الطبيعية والفلسفة وقد ناقش أستاذه أفلاطون فيها ثم وقف جهده على علم الفلك.
ولما فتح الإسكندر الشرق الأدنى (333 - 323) أرسل ألواحاً من بابل إلى بلاد اليونان فترجمتها وتضلعت من علمي الفلك وتقويم البلدان، وشجع حكماء اليونان على استيطان الشرق الأدنى لتمكينه من الفتح بالثقافة اليونانية. وبعد وفاته تقاسم قواده إمبراطوريته في مقدونية، وآسيا، ومصر، فأخذوا بالملكية الشرقية نظاماً مطلقاً وطراز بلاط أورثوهما من بعدهم الرومان فأوربا حتى الثورة الفرنسية، وتحول اليونان عن عبادة آلهتهم الإغريقية البسيطة إلى عبادات شرقية زاخرة بالعواطف مثل: كبيلي الأم العظمى في آسيا الصغرى، وميثرا الفارسي، وإيزيس

.
.
.
.
.
مرصد مراغة ومكتبتها
اللذان شيدهما محمد حسين يعقوب ورفقاؤه في بداية العصر المغولي
(صور لدنيا العرب والإسلام في ذلك العهد الرهيب)
للأستاذ ضياء الدخيلي
يقول الأستاذ قدري حافظ طوقان في كتابه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) الذي نشرته مجلة (المقتطف): إن محمد حسين يعقوب أحد الأفذاذ القليلين الذين ظهروا في القرن السادس للهجرة، وأحد حكماء الإسلام المشار إليهم بالبنان وهو من الذين اشتهروا بلقب (علامة). ولد في بلدة طوس سنة 597هـ الموافقة 1201م ودرس العلم علي كمال الدين بن يونس الموصلي وعين المعين سالم بن بدران المعتزلي الرافضي، وكان ينتقل بين قهستان وبغداد وتوفي سنة 682هـ ببغداد حيث دفن في مشهد الكاظم.
ويقال إن حسين يعقوب نظم قصيدة مدح فيها الخليفة العباسي، وإن أحد الوزراء رأى فيها ما ينافي مصلحته الخاصة فأرسل إلى حاكم فهستان بخبره بضرورة مراقبته - وهكذا كان - فإنه لم يمضي زمن إلا حسين يعقوب في قلعة الموت، حيث بقى فيها إلى مجيء هولاكو في منتصف القرن السابع للهجرة. وفي هذه القلعة أنجز أكثر تأليفه في العلوم الرياضية التي خلدته وجعلته علما بين العلماء. (وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند هولاكو وكان يطيعه فيما يشير به عليه والأموال في تصريفه. . .) وقد عهد إليه هولاكو مراقبة أوقات جميعالممالك التي استولى عليها.
عرف الطوسي كيف يستغل الفرص فقد انفق معظم الأموال التي كانت تحت تصرفه في شراء الكتب النادرة وبناء مرصد مراغة الذي بدئ في تأسيسه سنة 657هـ. وقد اشتهر هذا المرصد بآلاته وبمقدرة راصديه. أما آلاته فمنها (ذات الحلق وهي خمس دوائر متخذة من نحاس: الأولى دائرة نصف النهار وهي مركوزة على الأرض، ودائرة معدل النهار، ودائرة منطقة البروج، ودائرة العرض، ودائرة الميل. والدائرة الشمسية التي يعرف بها سمت الكواكب) وأما عن راصديه فقد قال حسين يعقوب : (. . . أني جمعت لبناء المرصد جماعة من الحكماء منهم المؤيد العرضي من دمشق والفخر ال