ويزعمون أن كنيسة بالسوس كانت بأعلى تل ولها بئر في أسفله، وأن القَيِّم بالكنيسة كبر وعجز عن النّزول ...

ويزعمون أن كنيسة بالسوس كانت بأعلى تل ولها بئر في أسفله، وأن القَيِّم بالكنيسة كبر وعجز عن النّزول فدعا ربّه المصلوب وتوسل إليه وأقسم عليه بالخشبة التي صلب عليها فرفع البئر إليه، فيدعي ذلك اليعقوبي على النسطوري، والنسطوري على الملكي1.
__________
1 يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي: "قد قال بعض الحكماء: هَا هنا ديانات ومقالات تعرف كذب أهلها بأدنى تأمل. منها: النصرانية فإنهم يَدَّعون الآيات لكبرائهم وأنها لا تنقطع في زمان من الأزمنة. وأن الذين أجابوا إلى النصرانية إنما أجابوا بالمعجزات".
ثم يقول القاضي: - "ومن أكبر كيد رؤساء النصارى ادعاء المعجزات لأنفسهم ولأمثالهم ممن سلف من رؤسائهم. والنصارى تقبل ذلك منهم بغير برهان ولا حجّة. فإذا مات ذلك الرئيس من راهب أو قس، قعد راهب وقال: أنا كنت أخدمه فرأيت منه العجائب، فتحموا عليه معشر النصارى وتوسلوا إلى الله به فإنه شاهد فاشهدوا قبره وأكثروا زيارته. فيقول النصارى: يا ربّاني حدّثنا بما رأيت منه فيمتنع ويقول: اعفوني من الشرح. وكلما تمنَّع لَجُّوا في مطالبته. فيقول: قد كان انقطع بنا الزيت في البيعة. وكان لا يطلب الزيت من أحد ولا يدعني أطلبه. فإذا كان الليل أشعل القنديل وقام إلى جرة فيها خلّ فيصبه في القنديل فيصير من ساعته زيتاً. فيصطبح به كذا وكذا شهراً. - ثم يذكر القاضي أمثلة أخرى من تلك المعجزات التي يدعيها النصارى لرهبانهم ورءسائهم، مثل: إحياء الموتى وفعل الخوارق.
ثم يقول: - "فيصدق النصارى الرهبان فيما يدعونه ويكتبونه عنهم. ويجعلون له عيداً وذكراناً فيقولون: هذا ذكران جورجس وهذا ذكران مرقس، وهكذا. وهذا أصله ومخرجه وأوّله. فإذا تَخَلَّد وانبث ومرت عليه الدهور وأتت عليه الأعصار، ادعوا أنه شيء كان أصله بمشاهدة الأمم. لأن الكذب فيما تقادم عهده أمكن. وإنما يجعلون له كراناً وعيداً ويوماً بعينه لتتم الحيلة فيه. وليظن من يسمع أنه ما جعل له عيد ويوم معلعوم وتاريخ محدود مؤقت إلاّ هو حقّ. وله أصل ليتأكد الكذب ويتم التمويه. وليتصل البرّ والصّدقات على الرهبان في هذه الأعياد. والفطناء من النصارى يقولون: هذه الآيات والمعجزات إنما هي من احتيالات الجثالقة والرهبان ومن يبغض العمل ويفر من الكَدِّ. ويسمونهم بلغتهم السريانية: (عازق معناثا) معناه: أنه ترهب ولزم الدين ليأكل من غير ماله ويستريح من الكد". اهـ. (ر: تثبيت دلائل النبوة 1/175، 202-209، بتصرف) .