ولما شعر الناس أنهم استعصوا على الله , وحاشاه ذلك , نصبو خيم الظلم والكفر والعداء له تعالى , ولما ...

ولما شعر الناس أنهم استعصوا على الله , وحاشاه ذلك , نصبو خيم الظلم والكفر والعداء له تعالى , ولما رأوا أن الحيطان سميكة بما فيه الكفاية لحجب الباطن عن الظاهر , بارزوه بالمعاصي مختلين مختبئين في جحورهم , مستشعرين لذة الخلوة والراحة من الأعين الفضاحة و النظرات القاسية , متجاهلا تمام التجاهل عين الله تعالى التي لا يخفى عليها شيء في الأرض ولا في السماء , ولما ظنوا أن علمهم قادر على أن يأتيهم بالزرع وإن قل المطر , وقادر على أن يشفيهم من أمراضهم وعللهم بوهمهم , وأنهم أصبحوا قادرين على قطع الأرض بيسر , تناسوا رحمة الله وأنه هو الرفيق في السفر والخليفة في الأهل , فزادوا العنث على العنث , والتكبر على التكبر , وفروا إلى غير الله تعالى , واستنجدوا بالأراذل والأوباش , فلما رأى الله منهم ذلك عذبهم وعاقبهم بما عاقب من قبلهم لعلهم يرجعون , من نفاق وأمراض نفسية وأوبئة لم تكن في سلفهم ولا سمعوا بها عندهم , وكلما زاد العباد بعدا وتجبرا , زادهم الله عذابا من أنفسهم ومن غيرهم وسلط بعضهم على بعض , حتى يعودوا أو يهلكهم كما هلك من قبله .