بنت اسمها عائش كتبت إلى معلمتها صويعة "يا صويعة قد فارقني شخص عزيز علي أفلا تلقين علي كلاماً يخفف ...

بنت اسمها عائش كتبت إلى معلمتها صويعة "يا صويعة قد فارقني شخص عزيز علي
أفلا تلقين علي كلاماً يخفف عني" فردت عليها صويعة بخطاب يقول :
اهٍ يا عائش لقد سألتي عن أمر عظيم ثقيل على النفوس شاق عليها
الموت نهاية كل حي، والفراق نهاية كل اثنين؛ من آمن بهذه الحقيقة في البداية أمّن نفسه من مضاعفات الوداع عند حجة الوداع .
ومن ظن أن لا نهاية، أصيب بألم شديد كأنما خر بنيان فوق رأسه أو انشق جسده نصفين .
يا عائش ... سواء كنت من الطائفة الأولى أو الثانية فاعلمي علماً يقيناً أن الألم بكل أنواعه وأشكاله وألوانه وأحجامه يذهبها الله برحمته ولطفه، توكلي وفوضي إليه أمرك فأنت التي حفظت الدين بجمع علمه وأخذ ورثة أنبيائه أفترينه يضيعك ؟!
لو كان كذلك فاعلمي أنك مازلت جاهلة لم تظفري بالعلم قيد أنملة، فالله لا يضيع عبده المدبر عنه فكيف بمن أقبل عليه ؟!
يا عائش لو تأملتي جيداً وتفكرتي لوجدتي عناية الله تحيطك من كل الجوانب، رمشة عين لم يأذن الله بها كفيلة بجعلك تنسين كل آلامك وتصدعين باسمه متمنية شيئا واحداً "أن تعود عينك للرمش"
اعلمي أن الناس كلهم -منهم أنا- قد عاشوا تجربة الفراق، منهم من توجه إلى الله ومنهم من التجأ إلى الناس فهل ورد في السيرة النبوية أن الرسول اشتكى إلى أحد لما انتقلت خديجة رضي الله عنها إلى رحمة الله ؟!
الله يدبر الأمور ويصنع المعجزات ويكتب لنا أشياء أجمل مما نظن وآسفاه على من أكثر التفكير وأطال التأمل في "كيف" و"لماذا" ... ألم يعلم هذا أن الله أعلم منه بكيف وأين ولماذا ومتى ... ألم يعلم أن الله يعطي ويرضي ؟!
يا عائش اصبري واحتسبي وأحسني الظن بربك واتكلي عليه، فما خاب ظن عبد امتلأ قلبه إيمانا وحبا الله عز وجل .
يا عائش هذا الرب الذي تتضرعين إليه هو نفسه رب محمد ﷺ وإبراهيم ويونس ونوح عليهم السلام ...
هو نفسه الذي قال لمحمد ﷺ : وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون .
والذي قال للنار التي كان إبراهيم بين جناحيها : كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ .
والذي نجى يونس وقال جل من قائل : فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ .
والذي استجاب لنوح وقال : وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ .
كم من الناس قد حرموا من نعمة التعرف إليه ... من حياة ضنكا الى نار جهنم ...